كيف تظهر الأشباح في الصور ؟ وما هي حقيقتها ؟

إعداد :  كمال غزال

في عالم غارق بالغموض والرغبة في إثبات وجود ما هو غير مرئي، يزدهر ما يُعرف بـ"صائدي الأشباح" Ghost Hunters أولئك الذين يجوبون الأماكن المهجورة والقلع القديمة والكهوف بحثاً عن دليل مرئي على وجود الأرواح.

أجهزتهم متعددة: كاميرات رقمية، مقاييس للمجال المغناطيسي، أجهزة صوتية ترصد ترددات غير مألوفة... لكن الصورة تبقى الدليل الأقرب إلى قلوبهم، خصوصاً عندما تظهر فيها ظواهر غير مفسرة.

لكن هل كل ما يظهر في الصور هو بالفعل "شبحاً" ؟ أم أن خلف هذه المشاهد المريبة تقف تفسيرات علمية، وأحيانًا خدع بصرية ؟

في هذا المقال نستعرض أبرز أشكال "الأشباح المصوّرة"، من الأضعف إلى الأقوى، ونقارنها بوجهات نظر المتشككين وتفسيرات العلم.

البقع الضوئية (Orbs)

غالباً ما تظهر على شكل كرات شفافة أو شبه شفافة متوهجة، تلتقطها الكاميرات خصوصًا في الليل، في مواقع يُعتقد أنها "مسكونة"، مثل المقابر أو البيوت المهجورة.

الفرضية الباراسيكولوجية

يعتقد البعض أن هذه البقع تمثل أرواحًا تحاول الظهور أو تمرير طاقتها عبر الطيف المرئي، وربما تكون "أول تجلٍّ" لحضور غير بشري.

التحليل العلمي

يُرجع علماء التصوير ظهور الـ Orbs إلى انعكاس ضوء الفلاش على جزيئات صغيرة جداً مثل الغبار، أو حبيبات الرطوبة، أو حتى الحشرات. ووفقًا لمختبرات تحليل الصور، يمكن للعدسة أن تلتقط هذه الأجسام الدقيقة وتحوّلها إلى كرات مضيئة بسبب قربها الشديد من الكاميرا واختلاف البُعد البؤري.

رأي المتشككين

يتساءلون: لماذا لا تظهر هذه الكرات في وضح النهار؟ ولماذا تنتشر فقط بين هواة الظواهر الخارقة دون أن تسجل في أرشيف المصورين المحترفين؟ البعض يرى أنها ببساطة "غبار فلاش".

البقع الضوئية المتحركة (Moving Orbs)

تُرى في الصور الثابتة كمسارات ضوء طويلة، أو تُسجّل في الفيديو كأجسام ضوئية تتحرك بسرعة غير معتادة، وغالبًا ما تُوصف بأنها "مذنبات مصغرة".

الفرضية الباراسيكولوجية

يفسّرها صائدو الأشباح على أنها طاقة روحية متحركة، وقد رُصدت في جلسات تحضير الأرواح أو أثناء النشاطات الطقسية.

التحليل العلمي

تُفسَّر هذه الظاهرة غالبًا بالحشرات الصغيرة التي تطير أمام عدسة الكاميرا، خاصة مع الإضاءة الليلية القوية (الفلاش)، حيث تظهر كخيوط ضوئية بسبب سرعة حركتها وانعكاس الضوء.

رأي المتشككين

يرون أن المصورين يتجاهلون السياق البيئي: الحشرات، العناكب، والبعوض موجودة بكثافة في الأماكن المهجورة، وهي كافية لإحداث هذه التأثيرات.

الضباب الكثيف أو المادة السديمية (Mist / Ectoplasm)

تشبه سحابة ضبابية بيضاء أو رمادية، أحيانًا ملونة، وتبدو وكأنها تتسلل في المشهد دون مصدر واضح.

الفرضية الباراسيكولوجية

يُعتقد أنها مادة شبه روحية تُدعى "الإكتوبلازم"، وهي ما تفرزه الأرواح عند محاولتها التجسد. ظهرت هذه الفكرة مع جلسات تحضير الأرواح في أوائل القرن العشرين.

التحليل العلمي

قد يكون المسبب بخار التنفس في الجو البارد، أو دخان السجائر، أو الضباب الطبيعي، خاصة إذا التُقطت الصور في الخارج ليلًا أو في أماكن رطبة.

رأي المتشككين

يشيرون إلى أن هذه الظاهرة تُرى بكثرة في الصور التي يلتقطها هواة، نادرًا ما تظهر في الصور الملتقطة بكاميرات احترافية معدة لتقليل التشويش. كما يشككون في أصل فكرة "الإكتوبلازم"، والتي ثبت تزييفها عدة مرات في عروض السحر القديمة.

التجسد الكامل (Apparition)

يُعدّ أكثر صور الأشباح وضوحاً وإثارة. يظهر على شكل طيف بشري بملامح وجه واضحة، أو حتى جسد كامل يرتدي ملابس قديمة، أحيانًا دون رأس، وأحيانًا بأعين مشعة بلون غريب كالأحمر. ظهرت مثل هذه الصور في قلاع بريطانيا، وأماكن مرتبطة بمآسي تاريخية ، وتعد صورة فيديو شبح قصر هاميبتون الأكثر إثارة بينها. 

الفرضية الباراسيكولوجية

يعتبر هذا النوع من التجلي أقوى دليل على الوجود الروحي، ويُعتقد أن الروح تحاول التفاعل مع العالم المادي عبر تكثيف طاقتها، مما يؤدي إلى ظهور شكل شبه بشري في الصور.

التحليل العلمي للصورة

العديد من هذه الصور، رغم غموضها، تخضع لتفسيرات فوتوغرافية وتقنية دون الحاجة إلى فرض وجود روح.

من أبرز الظواهر المتهمة:

الباريدوليا (Pareidolia)

ميل الدماغ لرؤية الوجوه أو الأشكال المألوفة في أنماط غير مترابطة، كظلال على الجدران، أو تجمع ضبابي، أو ثنيات في الستائر. هذه الظاهرة تفسر عدداً كبيراً من "الوجوه الطيفية" التي تظهر في الصور، إقرأ عن الباريدوليا .

التعريض المزدوج (Double Exposure)

خطأ تقني ينتج عند تعرض الفيلم أو الحساس الرقمي لصورتين متداخلتين، ما يؤدي إلى ظهور شبح شفاف. هذا كان شائعًا في الكاميرات القديمة، ولكن يمكن افتعاله رقميًا اليوم أيضاً.

إقرأ المزيد عن تلك الظاهرة الضورئية في الكاميرا :  مثالان لتفسير ظهور الأشباح في الصور

ضبابية الحركة (Motion Blur)

نتيجة لتحرك الجسم أو الكاميرا أثناء التصوير، خاصة في الإضاءة الضعيفة، ما يؤدي إلى ظهور أشكال ضبابية تشبه الأجسام الطيفية.

انعكاسات ضوئية أو وهج العدسة (Lens Flare)

يمكن أن تخلق أشكالاً غير متوقعة تبدو ككائنات، خاصة إذا كانت الإضاءة داخلية أو خافتة.

الصور المفبركة عمداً

في بعض الحالات، تكون هذه الصور جزءًا من استراتيجية تسويقية: العديد من الفنادق أو القلاع "المسكونة" تعتمد على الرعب كعامل جذب سياحي، وقد تساهم في إنتاج أو فبركة هذه الصور لدعم رواياتها، سواء عبر مؤثرات بصرية، أو إدخال عناصر رقمية بطريقة يصعب اكتشافها على غير المختصين.

رأي المتشككين

يتساءلون لمَ لا توجد صور لأشباح واضحة الدقة ؟ ولماذا تظهر هذه الكيانات غالباً بشكل شفاف، ضبابي، أو نصف مرئي، دون تفاصيل جسدية دقيقة ؟ وإذا كانت الأشباح قادرة على التجسد، لماذا لم تظهر يومًا في صورة عالية الدقة بكاميرا حديثة؟ هذا ما يجعلهم يرجحون أن أغلب هذه الصور نتيجة خداع بصري أو فبركة متعمدة.

وأخيراً ... بين الرغبة في الإثبات والعدسة التي لا ترحم، تظل صور الأشباح مادة مثيرة للجدل. البعض يرى فيها أدلة على وجود عالم خفي، وآخرون يرون فيها انعكاسات لأوهام البشر، أو ببساطة: آثار غبار وعدسات غير نظيفة.

ما بين العلم والخيال، تظل الحقيقة ضبابية... مثل كثير من الصور التي تُثار حولها الشبهات.

إقرأ أيضاً ...

- صور الأشباح: متى نصدق ما نرى ؟

- أسئلة عن الأشباح : لماذا يظهرون بملابسهم ؟ وأين يختفون ؟

- مثالان لتفسير ظهور الأشباح في الصور

- صورة لشبح يحوم في قاعة المجلس المحلي !

- صورة شبح نافذة مكتب البريد

- شبح أزرق في محطة البنزين

- فيديو شبح الفارس الأخضر

- التفسيرات العلمية لظاهرة الأشباح

- كيف تختبر نشاط منزلك "المسكون" بالجن أو الأرواح ؟

- أنواع "الأشباح"

- فندق روماني مسكون بشبح راهبة !

- كيف تصبح "صائد أشباح" ؟

- استحضار وتصوير الأرواح عبر الماء