شريط الحفر الغامضة في البيرو: لغز محفور في جسد الأرض

إعداد : كمال غزال

في صحراء نائية في قلب البيرو، حيث تلامس الشمس تضاريس قاحلة لم تطأها قدم بشر لقرون، يرقد لغز صامت… شريط طويل من الحفر الغامضة يمتد كأثر جرح غائر في جلد الأرض، يبلغ طوله 1,450 متراً، وعرضه نحو 20 متراً، وتنتشر عليه حوالي 6,900 حفرة، كل منها بحجم إنسان.

المكان يعرف بـ وادي بيكسو Pisco Valley، في سهل مهجور يدعى كاجاماركويلا Cajamarquilla، ولم تكتشف هذه الظاهرة إلا في العصر الحديث، ومن الأعلى فقط، عبر صور الأقمار الصناعية.

ما يثير الرهبة أكثر: أنه لا يمكن تمييز هذه الحفر من الأرض إطلاقاً  وكأنها نُحتت خصيصاً لكي تُرى من السماء فقط.

إحداثيات الشريط على Google Earth

13°42'57.67" S, 75°52'31.50" W

ما طبيعة هذه الحفر ؟ ولماذا لم يعرف بها السكان المحليون ؟

الغريب في الأمر أن لا أحد من سكان القرى المحيطة أو الأجيال التي تعاقبت عرف بوجود هذا الشريط أو تحدث عنه.

وعندما سئلوا عنه، أجابوا بالنفي التام. لا أسطورة محلية تذكره، لا اسم تقليدي له، لا طقوس، ولا حتى خرافة عابرة تلمح إلى صنعه.

يبلغ عمق كل حفرة نحو 2 متر، وهي منتظمة الشكل ومتناسقة التصميم في بعض الأجزاء، بينما في مناطق أخرى تأخذ أنماطاً متعرجة أو أقواساً هندسية دقيقة. بعض الباحثين شبّهوها بخلايا نحل بشرية، لكن من دون أي أثر للحياة.

الافتراضات العلمية: قبور ؟ مخازن ؟ أم شيء آخر ؟

الفرضية الأولى: مخازن حبوب

اقترح بعض علماء الآثار أنها كانت تستخدم لتخزين الحبوب في العصور القديمة. لكن هذا الافتراض يواجه معضلتين أساسيتين:

الجهد الهائل المطلوب لحفر هذا العدد الضخم من الحفر في تضاريس صخرية.

افتقار الموقع لأي دلائل أثرية مثل بقايا نباتات، أدوات، أو حتى علامات للحرق أو الإغلاق.

الفرضية الثانية: مقابر طولية

رأي آخر يقترح أن هذه الحفر كانت مقابر عمودية لدفن الأفراد واحداً تلو الآخر، بطول الشريط. لكن عمليات المسح الميداني لم تجد أي أثر لعظام أو رماد أو شعر أو حتى أسنان. لا توجد بقايا جنائزية، ولا نقوش تدل على أن المكان كان له طابع طقوسي أو ديني.

وإذا نظرت إلى النهاية… آثار انفجار؟!

عند التمعن في نهاية الشريط الغربي، تظهر بقعة مظلمة غير طبيعية، تشبه آثار احتراق أو انفجار هائل، وكأن شيئاً ما انفجر في نهاية الخط، مخلفاً سخاماً أرضياً أو حفرة ضبابية منسية.

لا توجد علامات لحرائق غابات أو براكين هناك، مما يثير تساؤلاً مفزعاً:

هل هذا الشريط ناتج عن تأثير طاقة أو حدث مجهول ؟

التفسيرات الماورائية: هل كانت بوابة فضائية ؟

عندما تُطرح فرضيات من خارج المألوف، يقفز السؤال التالي فوراً:

هل كانت هذه الحفر مهبطًا أو خريطةً فضائية ؟

يربط البعض هذا الشريط الغامض بما يعرف بـ خطوط نازكا (Nazca Lines)، وهي رسوم ضخمة محفورة على بعد مئات الكيلومترات، لا تُرى إلا من الجو، وتصور كائنات وزواحف وأجنحة وأدوات غامضة. لم يعرف أحد أيضاً من صنعها ولا كيف ولماذا، لكنها أثارت فرضيات عن وجود كائنات ما فوق بشرية أو خارج أرضية زارت المنطقة.

قد يكون شريط الحفر الغامضة جزءاً من منظومة أرضية أكبر، أو شبكة رسائل موجهة إلى السماء، أو تقويماً فلكياً رمزياً… لا أحد يعلم ، لكن المؤكد أن من صنعها، لم يكن يفكر كفلاح أو مهندس… بل كمَن يوجّه نداء إلى ما فوق الأرض.

هل كانت الحفر نوعاً من التشفير الرمزي ؟

في الحضارات القديمة، كان تكرار الأنماط يستخدم لنقل المعاني. هل يمكن أن تكون هذه الحفر "نصاً" مشفراً ؟

بعض الباحثين قارنوا الترتيب المتكرر للحفر بأنماط الـ binary code أو الرموز الطقسية، بل واقترحوا أنها تحمل تردداً كونياً - مرئياً فقط من السماء.

لغز مفتوح على المجهول

الحقيقة الوحيدة حول شريط الحفر في وادي بيكسو، هي أننا لا نعرف عنه شيئاً يقينياً، لا دليل أثري قاطع، لا نظرية مقنعة، ولا حتى رواية شعبية تُروى على لسان عجوز في قرية بعيدة.

ومع ذلك، فهو هناك... يمتد بصمت، كأنما ينتظر من يعيد قراءته أو يفك شفرته.

هو دليل جديد على أن أرض البيرو لا تزال تحتفظ بأسرارها ، لا في المعابد ولا في الكهوف، بل تحت العراء، أمام أعيننا… إن عرفنا كيف نراها.

إقرأ أيضاً ...

- خطوط نازكا

- جولة ماورائية في البيرو

- تشاوتشيلا: مقبرة الأشباح

- من البيرو إلى المكسيك : كائنات غير بشرية أم دمى محنطة ؟

- رواد الفضاء القدامى