![]() |
إعداد : كمال غزال |
منذ فجر الحضارة، ظل الإنسان مشدوهاً أمام الظواهر التي لا تخضع لقوانين الفيزياء، ولا تجد تفسيراً في الكتب المدرسية أو بين معادلات الرياضيات.
كل ما لا يمكن رؤيته بالمجهر، ولا قياسه بأجهزة الرصد، ويفلت من مناهج التجريب العلمي، يدخل تلقائياً في خانة «المجهول».
كل ما لا يمكن رؤيته بالمجهر، ولا قياسه بأجهزة الرصد، ويفلت من مناهج التجريب العلمي، يدخل تلقائياً في خانة «المجهول».
لكن ذلك المجهول ليس عالماً واحداً، بل خمسة عوالم متقاطعة، لكل منها ركنه وأسلوبه وأدواته.
فمن الأشباح والجن، إلى التخاطر والتحريك العقلي، ومن الفلسفة الميتافيزيقية إلى التحليل النفسي للوهم، ينقسم الغيب إلى خمسة أركان كبرى تشكّل ما يمكن أن نسمّيه «خريطة الماورائيات».
فمن الأشباح والجن، إلى التخاطر والتحريك العقلي، ومن الفلسفة الميتافيزيقية إلى التحليل النفسي للوهم، ينقسم الغيب إلى خمسة أركان كبرى تشكّل ما يمكن أن نسمّيه «خريطة الماورائيات».
وهذه الأركان هي:
- ما وراء الطبيعة Paranormal: عالم الظواهر الغريبة والتجارب المحيّرة.
- ما وراء علم النفس Parapsychology: محاولة علم النفس لاختبار القدرات الخارقة.
- علم نفس الغرائب Anomalistic Psychology: تفسير علمي للميول النفسية التي توهم الإنسان بالخوارق.
- الميتافيزيقا Metaphysics: فلسفة ما وراء الوجود والزمان والمكان.
- الخوارق Supernatural: القوى العليا والكائنات اللامرئية المرتبطة بالدين والأسطورة.
في هذا المقال المرجعي، سنخوض رحلة تحليلية لتمييز هذه المجالات عن بعضها، وتوضيح مكانة كل منها في فهم الإنسان للمجهول، مع أمثلة حيّة توضح طبيعة كل ركن ومجاله وحدوده.
1- ما وراء الطبيعة Paranormal
"ما وراء الطبيعة" يشير إلى الأحداث والظواهر التي تبدو خارجة عن قوانين الفيزياء المعروفة، لكنها تحدث في إطار التجربة البشرية وغالباً ما يُبلّغ عنها من خلال مشاهدات فردية أو تجريبية ، وتشمل ظواهر غير مفسرة علمياً، لكنها مدعاة للتجريب والتحقيق الميداني.
أمثلة على الظواهر
- رؤية الأشباح في مواقع يُزعم أنها مسكونة.
- الأصوات الغامضة، والطرق على الجدران دون مصدر.
- تحريك الأجسام دون لمس (telekinesis).
- رؤية أجسام طائرة مجهولة (UFOs).
- تجارب الاقتراب من الموت (NDEs).
- ظاهرة الـ "ديجافو" Deja Vu.
- الإحساس بوجود شخص غير مرئي.
الطابع: شعبي، تجريبي، وتوثيقي. يعتمد على التحقيق، وجمع الأدلة الميدانية، ويُستخدم أحيانًا في الصحافة والسينما والرواية.
الموقف العلمي: لا يزال معظم هذه الظواهر غير مثبت تجريبياً على نطاق واسع، وغالباً ما يُتهم بـ"العلم الزائف".
2- ما وراء علم النفس Parapsychology
الباراسيكولوجي أو ما وراء علم النفس هو فرع دراسي يحاول استخدام المنهج العلمي لاختبار القدرات الذهنية التي تتجاوز الحواس الخمس، وتُعرف باسم "الحاسة السادسة" أو علمياً ما فوق الإدراك الحسي ESP. ويدرس بشكل رئيسي القدرات العقلية الخارقة.
أهم الظواهر المدروسة
- التخاطر Telepathy: نقل الأفكار مباشرة من عقل إلى عقل.
- الجلاء البصري Clairvoyance: رؤية أشياء أو أحداث بعيدة أو خفية.
- الإدراك المسبق Precognition: التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها.
- التحريك العقلي Psychokinesis: التأثير على الأشياء بالمجرد العقلي.
- التواصل مع الأرواح (Mediumship).
- المنهج: تجريبي، يُجري دراسات معملية (مثل اختبارات زينر)، لكنه يفتقر للقبول العلمي العام بسبب صعوبة التكرار وثبوت النتائج.
- الطابع: بين العلم والخرافة، منطقة رمادية مثيرة للجدل.
3- علم نفس الغرائب Anomalistic Psychology
علم نفس الغرائب لا يدرس الظواهر باعتبارها حقيقية، بل يدرس لماذا يعتقد الناس بها، وما الذي يجعلها تبدو "واقعية" على الرغم من أنها قد تكون ناتجة عن الوهم، أو التهيؤ، أو الاضطراب العصبي، وهو يدرس التفسير النفسي للظواهر غير العادية.
الأمثلة على التفسيرات
- رؤية الأشباح: قد تكون ناتجة عن شلل النوم أو هلوسات سمعية.
- الشعور بوجود كائن خفي: تفسيره عبر ظاهرة "الظل الإدراكي" أو القلق الحسي.
- التجارب الخارقة: قد تكون انعكاساً لحالة انفصام أو اضطراب الهوية.
- تجارب الخروج من الجسد: تفسيرها على أنها نشاط في الفص الجداري الأيمن.
- ظواهر التخاطر: قد تكون تزامناً عقلياً مفسراً بالإدراك الانتقائي.
الطابع: علمي صرف، يستخدم علم النفس العصبي، والتحليل الإدراكي، ويسعى لتقديم تفسير طبيعي لكل تجربة "خاصة".
الموقف الفلسفي: لا يؤمن بالظواهر الخارقة، بل يعتبرها تعبيراً عن "عقل يخطئ في تفسير بيئته".
4- الميتافيزيقا Metaphysics
الميتنافيزيقا مصطلح فلسفي قديم يعود إلى أرسطو، ويعني "ما بعد الطبيعة"، يشير إلى التفكير فيما وراء الأشياء الملموسة: لماذا وُجد الكون؟ ما هي الحقيقة ؟ هل هناك روح ؟ هل الزمن حقيقي ؟ ، أي أن مجاله المجال: الفلسفة وطبيعة الواقع والوجود.
المواضيع الرئيسية التي يتناولها
- طبيعة الوجود (Ontology).
- مفاهيم الزمن والمكان.
- العلاقة بين الجسد والروح.
- السببية والحرية.
- الله والخلود.
الطابع: تجريدي، عقلي، لا يعتمد على التجربة بل على الاستدلال.
بماذا يختلف عن الباراسيكولوجي
بينما تختبر الباراسيكولوجي تجربة خارقة تسأل الميتافيزيقا : " هل يمكن أن توجد روح مستقلة عن الجسد ؟ وما علاقتها بالزمن ؟".
مثال توضيحي: في حين يدرس الباراسيكولوجي ما إذا كانت الروح تغادر الجسد (خروج روحي)، تسأل الميتافيزيقا: هل للروح وجود مستقل من الأصل ؟ وهل الجسد شرط للوعي ؟
5- الخوارق Supernatural
مصطلح "الخوارق" يُستخدم للإشارة إلى كل ما هو فوق الطبيعة وقوانينها، خاصة في الأديان والأساطير: كائنات لا تخضع للزمن، وقوى تتدخل في العالم، مثل المعجزات، الملائكة، الجن، الشياطين، الكرامات ، يتعلق هذا المصطلح بشكل رئيسي بالمعتقدات الدينية والأسطورية.
أمثلة
- المعجزات: شق البحر، أو شفاء مريض بدعاء.
- الملائكة والجن.
- الأرواح الشريرة والمتلبسة.
- القوى الإلهية أو الآلهة في الأساطير.
- السحر الماورائي المعتمد على "تدخلات غير بشرية".
الطابع: غيبي، ديني، عقائدي.
الموقف: يُؤمن بها المتدينون، وتُدرَس أحياناً في الأنثروبولوجيا الدينية أو الفولكلور، لكنها لا تُختبر مخبرياً.
وختاماً ...يضع موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia نفسه في قلب هذه الشبكة المعرفية، كمنصة عربية رائدة ترصد وتوثق وتفكك وتفسّر جميع جوانب هذه الأركان الخمسة:
- من القصص الحقيقية والتجارب الشخصية.
- إلى التحقيقات العلمية والاختبارات النفسية.
- ومن التأملات الفلسفية العميقة.
- إلى تحليل الموروث الديني والأسطوري.
كل ذلك بهدف تقديم صورة متكاملة ومتزنة لعالم الظواهر غير المفسّرة، بعيداً عن التهويل أو الإنكار، وبعين مفتوحة على الاحتمالات.
ففي موقع ما وراء الطبيعة بارابيا Paranormal Arabia، لا نبحث عن إجابة واحدة… بل نفتح الأبواب كلها، ونُضيء الظلال حيث يختبئ الغموض.
إقرأ أيضاً ...
- ما وراء الطبيعة: الدليل الشامل لفهم الظواهر الخارقة
- ما وراء الطبيعة : أعمق من مسلسل نتفليكس أو رواية في سلسلة
- ما وراء الطبيعة بين علم النفس والدين والباراسيكولوجي
- تأملات باحث في الماورائيات بعد سنوات من التيه
- ما وراء موقع ما وراء الطبيعة
- ما وراء الطبيعة كموقع "للتسلية والخيال"
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .