23 مايو 2025

Textual description of firstImageUrl

سان بيدور : من أكثر قصص الأشباح توثيقاً

إعداد :  كمال غزال

في عالم الظواهر الخارقة، قليلٌ من القصص الواقعية يضاهي في غرابته واستمراريته ما عايشته جاكي هيرنانديز. إنها ليست مجرد قصة منزل مسكون، بل حكاية مطاردة روحية امتدت لسنوات، وشملت مدينتين، وكيانين روحيين لكل منهما تاريخه الخاص هذه القصة، الموثقة بشهادات وصور وتقارير باحثين في الظواهر الماورائية، تثبت أن "المسّ" لا يصيب المكان فقط… بل قد يتبع الإنسان أينما ذهب.

منزل في سان بيدرو يفيض بالرعب
في عام 1988، كانت جاكي تبلغ من العمر 23 عاماً، وقد انفصلت حديثاً عن زوجها، فأصبحت أماً مطلقة لطفل يبلغ من العمر عامين، وحاملًا بطفلها الثاني، بينما تحاول بناء حياة جديدة في سان بيدرو، كاليفورنيا.، وتنتظر مولوداً جديداً. انتقلت إلى منزل صغير في سان بيدرو – كاليفورنيا، بحثًا عن بداية جديدة. لكن ما وجدته لم يكن الاستقرار، بل سلسلة من الأحداث الغامضة التي تصاعدت تدريجياً.

أصوات غريبة تصدر من داخل الجدران، حركة في العلية رغم خلوّها، وكرات ضوئية تطوف في الهواء، بينما حيوانها الأليف يركض بلا سبب وكأنه يطارد شيئاً غير مرئي. في إحدى الليالي، وأثناء إعداد الطعام برفقة صديقتها، ظهرت كرات الضوء مجدداً، وعندما حاولت التقاط صورة، فوجئت بـوجه رجل هزيل شاحب يحدق بها من النافذة… وحين نظرت خارجاً لم تجد أحداً.

تصاعد النشاط الماورائي بعد الولادة
في أبريل 1989، وبعد ولادة طفلتها سامانثا، أصبحت الكوابيس أكثر حدة. رأت جاكي في منامها شاباً يُضرب حتى الموت في ميناء سان بيدرو، وشعرت مراراً بأن أحداً يحاول إغراقها في نومها. وفي إحدى الليالي، رأت طيف رجل مسن في الردهة، لكنه اختفى قبل أن تتمكن من الصراخ.

القلق تحوّل إلى ذعر، واضطرت جاكي إلى الاستعانة بفريق من الباحثين المتخصصين في الظواهر الخارقة بقيادة الدكتور باري تاف. وعند زيارتهم، التقطوا أصواتاً غريبة، وشهدوا محاولات تواصل غير مفهومة، إلى أن وقعت الحادثة الأشهر: أثناء تفقد المصور جيف ويتكرافت للعلية ، هاجمته قوة خفية ولفّت شريط حول عنقه، ورفعته عن الأرض محاولة خنقه،  لولا تدخل زميله في اللحظة الأخيرة، لكانت التجربة قد انتهت بمأساة (كما هو ظاهر في الصورة اعلاه).

الهروب من سان بيدرو… هل انتهى الكابوس ؟
اعتقدت جاكي أن الفرار من سان بيدرو سيُنهي هذه السلسلة من الأحداث المرعبة، فانتقلت برفقة زوجها السابق إلى ولدون -  كاليفورنيا. صرّحت لاحقاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز :

" خلال أسابيع قليلة بدأت أشعر بالراحة هناك. اعتقدت أنني تركت الأشباح خلفي. ظننت أن كل شيء سيكون بخير."

لكن ما لبثت أن انفصلت مجدداً، وبدأت الأحداث تتكرر… لكن هذه المرة في كوخ التخزين. أثناء نقلها لجهاز تلفاز بمساعدة جارها، اشتغل الجهاز تلقائياً، وظهرت على شاشته صورة الوجه الشاحب ذاته الذي رأته سابقاً في سان بيدرو. وفي تلك الليلة، سمعت طرقات عنيفة من داخل الكوخ… كما لو أن شخصاً يحاول الخروج منه.

جلسة تحضير الأرواح… والكشف عن هوية الشبح
بعد عجز الأجهزة الإلكترونية عن العمل، اقترح فريق باري تاف استخدام لوح الويجا لإجراء جلسة تحضير أرواح، وفيها زُعم أن الروح تواصلت معهم وأخبرتهم بأنه كان قد جرى إغراقه في خليج سان بيدرو عام 1930 حيث قُتل على يد شخص كان يسكن منزلها القديم ، وبأنه حاول خنق أحد أفراد الفريق لأنه يشبه قاتله ، وهناك أرواح أخرى "عالقة" لم ترحل بعد.

هذه التفاصيل موثقة في مقالة نشرتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز حيث ذكرت جاكي أنها احتفظت بنسخة مكتوبة بخط يدها لنتائج الجلسة، والتي تضمنت الأسئلة والأجوبة التي حصلوا عليها من الروح.

نهاية المطاردة… وعودة الهدوء
بعد الجلسة، بدأت النشاطات الماورائية تنحسر تدريجياً ، الروح العنيفة هدأت بعد أن روت قصتها، والكيان الثاني -  الذي تجلى على شكل كرة ضوئية -  اختفى كما لو أنه وجد السلام.

في عام 1990، انتقلت جاكي مع طفليها إلى لوس أنجلوس، ولم تشهد سوى بقايا طفيفة من الظواهر الغريبة قبل أن تتوقف تماماً.

لكن الختام لم يكن بلا رمزية. أثناء زيارة لاحقة لسان بيدرو، رأت جاكي كرة ضوء تخرج من منزلها القديم وتتجه إلى مقبرة قريبة. وهناك، استقرت فوق شاهدة قبر كُتب عليها اسم: جون دامون،  قالت: " تلك الكرة الضوئية دارت حول القبر مراراً، ثم اختفت… كما لو أنها وجدت مأواها الأخير."

ما هي الأشباح الضاجّة Poltergeist ؟
في السياق الماورائي، تُصنّف الأحداث التي عاشتها جاكي هيرنانديز ضمن ما يُعرف بظاهرة الأشباح الضاجّة Poltergeists، وهي كيانات غير مرئية يُعتقد أنها تتسبب في اضطرابات مادية محسوسة داخل المكان مثل تحريك الأشياء، وإصدار أصوات عالية، وحتى الاعتداء الجسدي المباشر على الأشخاص. 

على عكس الأرواح التي تكتفي بالظهور أو بثّ الأحاسيس المقلقة، تتسم الأشباح الضاجّة بطابع نشِط وعدواني، وغالباً ما ترتبط بوجود مشاعر متوترة أو ضغوط نفسية حادة لدى أحد سكان المنزل.

وقد رأى بعض الباحثين أن ما حدث في علية منزل جاكي من محاولات خنق وتحريك لأجسام ثقيلة يُعد مثالاً كلاسيكياً موثقاً لهذه الظاهرة النادرة والمخيفة.


تحليل الدكتور باري تاف: ما الذي حدث فعلاً ؟
خلص الدكتور باري تاف إلى أن أحد الكيانات كان على الأرجح روحاً تدعى هيرمان هندريكسون، وهو شاب يبلغ من العمر 28 عاماً غرق في خليج سان بيدرو عام 1930 ، أما عن تفسيره لتصاعد هذه الظواهر، فقال إن الضغوط النفسية الشديدة التي عانت منها جاكي ربما لعبت دوراً كبيراً في جذب هذه الكيانات، أو في تحفيزها للتفاعل بشكل عدائي.

قصة جاكي هيرنانديز ليست فقط عن منزل مسكون، بل عن إنسانة أصبحت هدفاً لكيانات من عالم آخر، وتحوّلت حياتها إلى صراع طويل بين ما هو مرئي وما هو خفي.


محاولات تفسير
هناك آراء مشككة وتفسيرات نفسية وعلمية لحوادث جاكي هيرنانديز، رغم أن القضية حظيت باهتمام واسع في الأوساط المهتمة بالظواهر الخارقة. إليك أبرز ما ورد في هذا السياق:

1- الضغوط النفسية والظروف الاجتماعية
أشار الدكتور باري تاف، الباحث في الظواهر الخارقة، إلى أن جاكي هيرنانديز كانت تعيش في بيئة متقلبة عاطفياً، مما قد يجعلها عرضة لظهور ظواهر بولتيرجيست. حيث كانت أماً عزباء، تعمل في وظائف متعددة، وتواجه تحديات مالية، مما قد يسهم في تحفيز نشاطات نفسية غير واعية تُفسر على أنها ظواهر خارقة.

2-  تحليل الظواهر من منظور علمي
تم توثيق العديد من الظواهر في منزل جاكي، مثل الأضواء الغريبة والسوائل التي تشبه الدم. ومع ذلك، لم يتم تقديم أدلة علمية قاطعة تفسر هذه الظواهر. بعض المحللين يشيرون إلى أن هذه الأحداث قد تكون نتيجة تفاعلات نفسية أو بيئية، أو حتى خدع متعمدة.

3- التحقيقات والتوثيق
تم توثيق قضية جاكي هيرنانديز في عدة مصادر، منها مقالة في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، حيث تم الإشارة إلى أن بعض الظواهر قد تكون نتيجة لتأثيرات نفسية أو بيئية.

4- الآراء العامة والمناقشات
في منتديات الإنترنت مثل Reddit، ناقش المستخدمون قضية جاكي هيرنانديز، حيث أشار البعض إلى أن الأحداث قد تكون نتيجة لتجارب نفسية أو بيئية، بينما اعتبرها آخرون من أكثر الحالات توثيقاً في مجال الظواهر الخارقة.

فيلم وثائقي
أثرت قضية جاكي هيرنانديز على بعض الأعمال الوثائقية، حيث تم إنتاج فيلم وثائقي بعنوان " An Unknown Encounter: The True Account of the San Pedro Haunting" في عام 1997، من إخراج باري كونراد، الذي كان جزءًا من فريق التحقيق في الحادثة.


سواء كنت تؤمن بالماورائيات أم لا، تبقى هذه القصة واحدة من أقوى الشهادات الحية عن الظواهر الخارقة، وتفتح الباب لسؤال عميق: هل تسكن الأشباح البيوت… أم تسكننا ؟


إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ