![]() |
إعداد : كمال غزال |
في عالم الظواهر الغامضة، لا تزال قصة بارني وبيتي هيل تحتل موقعاً استثنائياً ، إذ لم تكن أول حادثة يُزعم فيها مشاهدة جسم طائر مجهول، لكنها كانت أول حالة اختطاف فضائي موثقة بتفاصيل دقيقة، وشكّلت أساساً لما أصبح لاحقاً قالباً روائياً يتكرر في عشرات القصص المماثلة، إليك القصة كما رواها الزوجان، وكما حقّق فيها العلماء والباحثون النفسيون.
رحلة بريئة… وبداية التوتر
كان الزوجان بيتي (42 عاماً) موظفة اجتماعية بيضاء، وبارني (39 عاماً) موظف بريد أسود يعيشان في مدينة بورتسموث، نيوهامبشير، وفي 19 سبتمبر 1961، قررا العودة من عطلة مرتجلة في كندا، في طريق ليلي طويل عبر طرق جبلية شبه خالية من السكان ، كان السياق الاجتماعي مهماً، ففي ذلك الوقت كان الزواج بين أعراق مختلفة لا يزال مثيراً للجدل في بعض الولايات الأميركية خصوصاً مع ارتفاع وتيرة حركات المدافعين عن الحقوق المدنية والرافضين لسياسة الفصل العنصري آنذاك، مما وضع عليهما ضغطاً اجتماعياً ونفسيًا متواصلاً.
بداية المواجهة
حوالي الساعة 10:30 مساءً، لاحظت بيتي ضوءاً مشعاً يتحرك في السماء، ويتغير مساره بحدة. توقعت أنه قمر صناعي أو طائرة، لكن مع مرور الوقت بدا أنه يتبع سيارتهما. أخرجت المنظار وبدأت تراقب الجسم، بينما ازداد حجمه ولمعانه ، توقف الزوجان على جانب الطريق وحمل بارني منظاره ورأى بوضوح قرصاً دائري الشكل، يحتوي على صف من النوافذ، ومن خلفها كائنات تتحرك ، لاحظ أن إحدى هذه الكائنات "تنظر نحوه مباشرة"، بينما الآخرين "يديرون ظهورهم نحو لوحة تحكم". حينها شعر برسالة ذهنية واضحة: " لا تتحرك ".
شعر بالرعب، فركض عائداً إلى السيارة وهو يصرخ: " إنهم يأتون ليمسكونا !"
الصفارات، الفراغ، والذاكرة المفقودة
بينما كانا يقودان مبتعدين بسرعة، سمع الزوجان أصوات طنين وصفير قادمة من مؤخرة السيارة. في تلك اللحظة شعرا بأن جسديهما أصبحا ثقيلين، ثم… لا شيء.
استعادا وعيهما بعد فترة، ووجدا نفسيهما قد قطعا عشرات الكيلومترات دون أي ذاكرة عن ما حدث. وصلا إلى منزلهما فجراً، لكن الغرابة لم تنتهِ هناك.
ما بعد الوصول: دلائل مادية وغموض نفسي
ساعتا اليد الخاصة بهما توقفتا عن العمل ، فستان بيتي كان ممزقاً في أماكن غريبة، وظهرت عليه بقع وردية اللون مجهولة المصدر ، حذاء بارني بدا كما لو أن قدميه سُحبتا عبر أرضية غير نظيفة .
في مؤخرة السيارة، ظهرت بقع دائرية معدنية لم تكن موجودة من قبل، وعند تمرير بوصلة فوقها، كانت إبرتها تدور بعنف.
بدأت بيتي تحلم بكوابيس غريبة: كائنات رمادية تُخضعها لفحوصات، فوهة دائرية، ضوء أبيض، اختبارات مؤلمة، وأسئلة بلا إجابة. بعد تكرار هذه الأحلام، قرر الزوجان البحث عن مساعدة.
التنويم المغناطيسي: استرجاع الذاكرة المفقودة
في أوائل عام 1964، خضع الزوجان لسلسلة من جلسات تنويم مغناطيسي علاجي أجراها الدكتور بنيامين سيمون، الطبيب النفسي المتخصص في الصدمات ما بعد الحرب. وقد تم تسجيل هذه الجلسات صوتياً.
بارني يروي أنهم قادوه نحو منصة باردة معدنية ، شعر كما لو أن جسده "مشلول"، لكنه واعٍ ، ولاحظ أدوات غريبة: إبر طويلة، أدوات دائرية، وأنابيب شفافة.
ركّز كثيراً على عيون الكائنات: " كانت أعينهم تدخل إلى عقلي... أعين كبيرة، سوداء، بلا جفون. "
أما بيتي تروي أنها واجهت "القائد"، وهو كائن بدا أكثر تواصلاً من الآخرين ، قالت إنه أراها خريطة نجمية ثلاثية الأبعاد، فسألته: من أين أتيتم ؟ فأشار إلى مجموعة من النجوم المتصلة بخطوط، وقال إنها " طرق تجارية" و"طرق أقل استخداماً" ـ ووصفت طاولة فحص باردة، وأداة تُغرز في سرتها.
خريطة بيتي هيل: هل كانت مفيدة ؟
بعد الجلسات، رسمت بيتي الخريطة من ذاكرتها، ثم نُشرت في كتاب The Interrupted Journey (1966) للكاتب جون فولر. بعد سنوات، حاولت المعلمة مارجريت فيش مطابقتها، وادّعت أنها تتطابق مع موقع نظام النجوم Zeta Reticuli، مما دفع بعض المهتمين للاعتقاد بأن الكائنات كانت من هناك.
إلا أن فلكيين لاحقين اعتبروا هذا التطابق ضعيفاً وغير علمي، وأرجعوا تشابه الخريطة إلى احتمالات الصدفة أو الإيحاء.
التوثيق والتحقيقات الرسمية
قام الباحث والتر ويب (NICAP) بتوثيق الحادثة، واعتبر شهادة بارني "غير اعتيادية وغير مفبركة".
أُدرجت الحالة في أرشيفات مشروع الكتاب الازرق لكنها لم تؤدِّ إلى نتيجة حاسمة. ومن الجدير بالذكر أن مشروع الكتاب الازرق Blue Book Project هو برنامج رسمي أطلقته القوات الجوية الأمريكية بين عامي 1952 و1969 للتحقيق في تقارير مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs) وتقييم ما إذا كانت تشكّل تهديداً للأمن القومي.
نشر الدكتور سيمون لاحقاً دراسة عن الحالة، وعبّر عن تحفظه تجاه "واقعية الحادثة"، مرجّحًا أن ما حدث هو "استجابة لصدمة نفسية غير تقليدية".
الانتقادات: بين التفسير النفسي والثقافة الشعبية
- اعتبر العديد من علماء النفس أن التنويم المغناطيسي أسلوب غير موثوق لاسترجاع الذكريات، وقد يولّد ذكريات زائفة نتيجة الإيحاء.
- أشار فيليب كلاس (باحث ومشكك) إلى أن عيون الكائنات كما وصفها بارني تشبه كثيراً الكائن في مسلسل The Outer Limits الذي عُرض قبل الحادثة بأشهر.
- رجّح آخرون أن الضغوط النفسية، والإرهاق، والزواج المختلط، قد لعبت دوراً في "صناعة" هذه التجربة المعقدة.
إرث القصة: نموذج لكل ما تلاها
رغم الجدل، أصبحت قصة بارني وبيتي هيل نموذجاً أولياً يُحتذى به في كل ما تبعها من روايات اختطاف : كائنات رمادية بعيون كبيرة ، تجارب طبية على متن مركبة ، فقدان وقت ، تخاطر ، خريطة نجمية ، آثار جسدية ، وقد ظهرت القصة في عشرات الوثائقيات، وألهمت أفلاماً مثل Close Encounters of the Third Kind، وتُدرّس اليوم ضمن الأبحاث الأكاديمية المتخصصة في الظواهر الغريبة.
تُوفي بارني هيل عام 1969 عن عمر ناهز 46 عاماً، بسبب نزيف دماغي ، وعاشت بيتي هيل لفترة أطول، ثم توفيت عام 2004 عن عمر 85 عاماً ، بعد وفاة بارني، واصلت بيتي الحديث عن ظاهرة الأجسام الطائرة والاختطاف، وشاركت في المؤتمرات والبرامج المتخصصة حتى سنواتها الأخيرة.
تُوفي بارني هيل عام 1969 عن عمر ناهز 46 عاماً، بسبب نزيف دماغي ، وعاشت بيتي هيل لفترة أطول، ثم توفيت عام 2004 عن عمر 85 عاماً ، بعد وفاة بارني، واصلت بيتي الحديث عن ظاهرة الأجسام الطائرة والاختطاف، وشاركت في المؤتمرات والبرامج المتخصصة حتى سنواتها الأخيرة.
سواء كنت من المؤمنين بالاختطاف الفضائي أو المتشككين، فإن قصة بارني وبيتي هيل تمثل حجر الأساس في أرشيف الظواهر غير المفسرة. ما حدث على الطريق الجبلي بين الجبال النائمة تلك الليلة لا يزال مادة للبحث، للجدل، وللدهشة.
إقرأ أيضاً ...
- الملامح المشتركة لتجارب الإختطاف من قبل المخلوقات الفضائية
- الإختطاف من قبل المخلوقات الفضائية : بين الحقيقة والخيال
- ملفات الاختطاف الفضائي : أنطونيو فيلاس - البرازيل 1957
- ملفات الاختطاف الفضائي : جيسي لونغ - الولايات المتحدة 1957
- ملفات الاختطاف الفضائي: باتريسيا - الولايات المتحدة 1969
- ملفات الاختطاف الفضائي : باسكاجولا- الولايات المتحدة 1973
- ملفات الاختطاف الفضائي : ترافيس والتون - الولايات المتحدة 1975
- ملفات الاختطاف الفضائي : غونتر وولف - ألمانيا 1976
- ملفات الإختطاف الفضائي: كاثي ديفيس - الولايات المتحدة 1983
- ملفات الاختطاف الفضائي : أي 70 - اسكتلندا 1992
- لبناني تختطفه "المخلوقات" والدليل عينتان من الشعر
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .