27 يوليو 2025

الشجرة في المعتقدات : بين التقديس واللعنة

أشجار البركة واللعنة في المعتقدات والأساطير
إعداد : كمال غزال
منذ فجر التاريخ، لم تكن الشجرة يوماً مجرد كائن نباتي يزودنا بالأكسجين والظل أو مجرد نبات جامد يتغذى من التربة والماء، بل كانت كائناً مقدساً يشهد على طقوس وأسرار، ومركزاً للطاقة والبركة في الوجدان الشعبي والديني.

وفي المقابل، لم ينجُ المعتدون عليها من غضب الطبيعة أو نقمة الروح، كما تزعم المرويات التي تناقلتها الألسنة جيلاً بعد جيل.

في هذ المقال سنغوص في المعتقدات التي تحيط بالأشجار بين اللعنة التي تصيب من يعتدي عليها والبركة التي تحف من يوقرها، وارتباطها بتجليات خارقة ومن الشفاء إلى الهلاك، ما جعلها تلعب دوراً رئيسياً في الموروثات الدينية والماورائية على امتداد الحضارات.

لعنة الأشجار - كارما القطع

في ثقافات كثيرة، يُعتقد أن قطع شجرة معمرة، أو محاولة إحراقها أو اقتلاعها دون إذن "روحي"، قد يجر على المعتدي سلسلة من المصائب: المرض، الجنون، الموت المفاجئ، أو حتى انهيار أسرته بما يشبه الكارما، وفي التراث الشعبي العربي، تُنقل حكايات متوارثة عن رجال تجرؤوا على قطع شجرات يُعتقد أن الجن يسكنها، فما كان منهم إلا أن أصيبوا بالشلل أو اختفوا في ظروف غامضة.

- في الريف العربي، تنتشر حكايات مخيفة عن أشخاص قطعوا شجرات معمرة  كالتين، السدر، أو الزيتون  دون إذن أو نية طيبة، فكانت النتيجة إصابة مباشرة: شلل مفاجئ، حمى غامضة، جنون، أو حوادث قاتلة.

- في شمال الأردن، يقال إن رجلًا قطع شجرة سدر كانت تُربط بها خرق النساء للعقم، فاختنق في نومه بعد أن رأى " امرأة طويلة الشعر تخرج من الجذع "  في الحلم.

- في المغرب، يحكي السكان عن رجل سخر من امرأة تتبرك بشجرة زيتون في الريف، فقطع فرعاً منها، فعمّ الجفاف أرضه رغم خصوبة الجوار.

- في الجزائر،  امرأة قطعت شجرة برقوق من فناء بيتها في جبال الجزائر، فبدأت ترى وجهها محترقاً في المرآة ليلاً، وتوقفت تلك الرؤى بعد زيارة راقٍ.

- في صعيد مصر ،  يُقال إن أحد الرجال حاول اقتلاع شجرة "اللبخة" لبناء مسكن، فانهارت عليه الجدران ثلاث مرات، حتى قيل له: "دعها، فهي مسكونة"، فتركها لتعود الحياة إلى مسكنه.

- في بلاد الشام ، تنتشر روايات عن "البلوط المقدس"، الذي تُربط به الخرق، وتُضاء تحته الشموع. ويقال إن امرأة حاولت كسر أحد فروعه لتشعل ناراً، فشُلّت ذراعها وظلّت عاجزة حتى أعادت الفرع وطلبت "الصفح".

- في  اليمن، في الأرياف يروي سكان أن شابًا قطع شجرة قرب مقبرة، فعاد للبيت في صمت مطبق، ثم نطق بلغة غريبة قبل أن يموت خلال أسبوع.

- في تايلاند، يعتقد أن أرواح تُدعى "ناغا" تسكن أشجاراً ضخمة قرب الأنهار. من قطعها مات غرقاً، وفقاً لعدة شهادات محلية.

- في أيرلندا، تُحاط أشجار الزعرور بعناية، ويقال إن من يلمسها بسوء تحل عليه "لعنة الجنيات".

التبرك بالأشجار وقدراتها الخارقة

على الجانب الآخر، نجد أشجاراً تتحول إلى مراكز تبرك، ويُعتقد أنها تمتص المرض وتحقق الأماني. 

- في مصر وتونس والمغرب، تُربط الخرق بعرش الشجرة، وتُهمس الأمنيات بين أغصانها، وتُسكب قطرات من الزيت أو الحليب على جذعها ، وكثير من النساء يلجأن إلى الأشجار في حالات العقم، فيجلسن تحتها ليلة الجمعة، أو يذرن الرماد عند جذورها  يُعتقد أن بعض الأشجار تمتص "العين والحسد"، لذلك يُجلب الطفل المصاب بالعين ليدور حولها أو يُمرّر تحت جذعها المنخفض.

- في سوريا ، شجرة "الكرامة" في ريف حماة تُزار للتبرك من النساء طلباً للإنجاب، ويُسكب اللبن عند جذعها.

- في المغرب ، شجرة "الولي سيدي بوعلام" تُربط بها الخرق، ويُحظر قطعها حتى بعد جفافها.

في فلسطين، تُزار  أشجار الزيتون في "ليالي النذور"، وتُقرأ عندها الفاتحة وتُشعل الشموع.

التفسير الماورائي

يُعتقد في الروحانيات أن الشجرة تُخزن طاقة روحية وسجلات أثيرية، وإذا قُطعت بعنف، تطلق طاقتها في هيئة اضطراب ميتافيزيقي يصيب المعتدي مباشرة. في بعض التقاليد، تُوصف بأنها "جسم حي ذو وعي بطيء"، يرد على الإساءة بطريقته.


طقوس نسوية حول الأشجار

في المجتمعات التقليدية، تلعب المرأة دوراً مركزياً في الطقوس المتعلقة بالأشجار:

- التعويذ بالخرق: تربط النساء خرقاً على فروع الشجرة، وكل خرقة ترمز إلى مرض أو أمنية، ويتوجب تركها حتى تتآكل، رمزًا لزوال الهم.

- الطواف دائرياً حول الشجرة : تدور المرأة حول الشجرة عدداً فردياً من المرات بنية الشفاء أو الحمل.

- الاعتراف بالأسرار: تهمس بعض النساء "أسرارهن" للشجرة كأنها وسيط مع العالم الآخر.


الشجرة في المعتقدات الدينية

- في المسيحية: شجرة المعرفة رمز الخطيئة الأولى، لكن شجرة الحياة في سفر الرؤيا رمز للشفاء الأبدي.

- في الهندوسية: شجرة البيبال (التين المقدس) يُعتقد أنها مسكن للآلهة وبوذا نال التنوير تحتها.

- في الصوفية الإسلامية:  تُجسد الشجرة رمزية "النمو الروحي" وصعود النفس من الجذور (المادة) نحو الأوراق (الروح) كما يُعتقد أن بعض الأولياء يُدفنون تحت شجرة، وتتحول الشجرة بعدها إلى موضع كرامات.

النبي زكريا والشجرة التي انشقت

في الرواية التوراتية ، كما وردت في بعض النصوص غير القانونية والأساطير اليهودية القديمة ، عندما أراد قوم النبي زكريا قتله بسبب دعوته للتوحيد وإنكاره على بني إسرائيل ظلمهم، هرب واختبأ داخل شجرة، يُقال إنها كانت شجرة سرو أو تين. ووفقاً للأسطورة: " انشقت الشجرة بمعجزة وابتلعته داخلها ليختبئ من القوم، لكن الشيطان دلّهم على مكانه، فأحضروا منشاراً ومزقوا الشجرة طولياً، فقطعوه وهو بداخلها" ، هذه القصة الرمزية تعكس مأساة نبي واجه الكفر والطغيان، حتى تحولت ملاذه – الشجرة – إلى نعشه ، وقد تداولت القصة بعض المصادر الإسلامية أيضاً كنوع من التعزية لحال الأنبياء المظلومين، وإن لم تُثبت في القرآن أو الحديث الصحيح.

شجرة الميلاد… من طقس وثني إلى رمز عالمي

رغم ارتباطها الوثيق بعيد الميلاد المسيحي، فإن شجرة الميلاد Christmas Tree ليست في أصلها تقليداً دينياً مسيحياً بل جذورها تعود إلى الديانات الوثنية القديمة في شمال أوروبا، خصوصاً في الغابات الجرمانية ، في العصور الوثنية، كان الجرمان (قبائل ألمانيا القديمة والدول الإسكندنافية) يقدّسون الأشجار، وخصوصاً شجرة التنوب أو الصنوبر دائمة الخضرة، باعتبارها رمزاً للخلود، والقوة، واستمرار الحياة في الشتاء القاسي. وفي منتصف شهر ديسمبر، كانوا يزينون الأشجار بأشياء رمزية مثل: ثمار مجففة (رمز للخصب) ، رؤوس الحيوانات الصغيرة ، شموع وأشرطة قماشية (رمز للضوء والانبعاث من جديد) وكانوا يعتقدون أن هذه الطقوس تجلب الحماية من الأرواح الشريرة في أطول ليالي السنة، خلال الانقلاب الشتوي.

ومع انتشار المسيحية في أوروبا، لم تستطع الكنيسة حظر هذا الطقس الشعبي بالكامل، بل عمدت إلى "تكييفه"، فربطته بولادة السيد المسيح، وأضيفت إليه رموز مسيحية مثل: النجمة في أعلاه (رمز نجم بيت لحم) ، الكرات الزجاجية (رمز تفاحات الفردوس) ، الهدايا تحت الشجرة (إشارة إلى الهدايا التي جلبها المجوس عند ولادة المسيح).

وحتى اليوم، تحتفظ شجرة الميلاد بهالة ماورائية، وتُضاء في طقوس احتفالية جماعية، وغالباً ما يترافق نصبها مع مشاعر الفرح أو طقوس الشكر أو التأمل، ويقال إن الأطفال الأكثر "نقاءً" يشعرون بأثر سحري منها.


الأشجار في المعتقدات الإسلامية 

للأشجار مكانة مميزة في التصور الإسلامي، فهي ليست مجرد كائنات بيئية، بل كيانات وردت في القرآن الكريم والأحاديث النبوية محملة بدلالات روحية وأخروية وكونية، منها ما يمثل الخير والبركة، ومنها ما يمثل العقاب والعذاب.

شجرة الزيتون… النور الذي لا يُطفأ

شجرة الزيتون وردت في القرآن صراحةً وضمناً في عدة مواضع، وأبرزها: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ... يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ..." – النور: 35

هذه الآية تعطي الزيتون بعداً رمزياً عظيماً: فزيته يُستعمل كمثال للنور الإلهي، لأنه نقي، مشع، يُضيء دون أن تُمسّه نار. وتُوصف شجرته بأنها مباركة غير منحازة (لا شرقية ولا غربية)، أي تنمو بتوازن وتنفتح على كل الجهات ، وتمثل النقاء والاستنارة الروحية

ونجد في الحديث الشريف: " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة" – رواه الترمذي وأحمد

وقد استخدمه المسلمون قديماً في العلاج والتغذية والتبرك، واعتُبر زيت الزيتون أحد الأطعمة التي "تشفي وتبارك".

شجرة الزيتون القديمة تُعتبر مسكناً للملائكة أحياناً، ويُعتقد أن الأرواح الطيبة تميل إلى الحضور حولها ، وفي بعض المناطق، توقد شموع الدعاء أو النذور عند الزيتون، خصوصًا عند الأشجار التي نمت قرب مقام أو قبر وليّ وتُستخدم أوراق الزيتون في الرقية الشرعية لعلاج العين والحسد والمس، وذلك بغليها أو الاستحمام بمائها.

ويميل بعض المتصوفة إلى تفسير شجرة الزيتون كرمز للـ"إنسان الكامل" الذي يضيء من باطنه دون الحاجة لإشعال خارجي — فيكون "نوراً على نور".

النخلة: الشجرة المباركة

النخيل من أكثر الأشجار التي ورد ذكرها في القرآن، وقد ارتبطت بالبركة والرزق، وكانت الشجرة الوحيدة التي خُصّت في قصة مريم عليها السلام ، كقوله تعالى : "وهزّي إليكِ بجذع النخلة تُساقط عليكِ رطباً جنيًّا" – (مريم: 25)

في السنة، شبّه رسول الله المؤمن بالنخلة، فقال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، وهي النخلة" – رواه البخاري.

شجرة الزقوم

في المقابل، يرد ذكر شجرة الزقوم التي تمتد جذورها في الجحيم في سياق تصوير عذاب أهل النار، فهي تجسد صنفي العذاب الحسي والروحي، كما ورد في تفسير بعض الآيات.: " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رؤوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون" – (الصافات: 64–66) ـ وقد ورد في الحديث: " لو أن قطرة من الزقوم قُطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه ؟! " – رواه الترمذي.

 أصحاب الرس وعبادة شجرة الصنوبر

يُروى أن أصحاب الرس وهم قوم ذُكروا في القرآن في سورة الفرقان كانوا يعبدون شجرة صنوبر مغروسة على ضفة نهر أو عين، ويُقال إن يافث بن نوح هو من غرسها. جعلوها إلهاً وقدّسوا ظلها، وأقاموا عندها الأعياد والقرابين، حتى أرسل الله إليهم نبياً يدعوهم للتوحيد، فكذبوه ، وفي واحدة من أفظع صور الغدر، ردموا نبيهم حياً في البئر (الرس)، التي سُمّوا به، فأنزل الله بهم عقابًا شديدًا وأهلكهم. وتختلف الروايات حول هويتهم، إذ يربطهم بعض المفسرين بـأصحاب الأيكة أو بأقوام من ثمود، لكن الثابت هو أنهم عبدوا شجرة… وقتلوا نبياً، فصاروا عبرة.

ذات أنواط

وردت في الحديث الصحيح عن بعض الصحابة الذين طلبوا من الرسول أن يجعل لهم "شجرة ينوطون بها سلاحهم"  أي يعلقون أسلحتهم بها، على غرار ما يفعله المشركين فأنكر عليهم رسول الله ذلك قائلاً: " قلتم كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة " ، إذ كانت الشجرة في الجاهلية تُتخذ مركزاً للتبرك، بل وكانت تُعبد أحياناً، فيُعلّق عليها السلاح، وتُضاء تحتها النيران وتذبح تحتها القرابين للجن أو للأصنام ، وتُقام عندها النذور.


شجرة الغرقد

وردت شجرة الغرقد في حديث مشهور عن أحداث آخر الزمان : " لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" – رواه مسلم.

يُستدل من هذا الحديث على أن شجرة الغرقد ستكون مأوى  للأعداء  في نهاية الزمان مما جعل البعض يربطها بالرمزية السلبية ، وفي تفسير ماورائي، يرى بعض المهتمين بالرمزية أن الغرقد تُشير إلى شجرة ذات طاقة إخفاء أو تمويه، وهذا يجعلها موازية في الثقافة الإسلامية لشجر السدر الذي يستخدم للتطهير، لكن بوجه معكوس.

شجرة السدر

تُعد شجرة السدر (النبق) من الأشجار المباركة في الإسلام، وقد ورد ذكرها في أكثر من موضع في القرآن الكريم: "عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ" – (النجم: 14–15) .

وسدرة المنتهى هي الشجرة التي يُقال إن رسول الله رآها في رحلة المعراج، وهي في أعلى مراتب السماء، وتُمثل أقصى نقطة يمكن أن يصل إليها الخلق، قبل حجب النور الإلهي ، وفي الحديث النبوي: " من قطع سدرة صوّب الله رأسه في النار" – رواه أبو داود (وفيه ضعف من جهة السند، لكنه مشهور بين العلماء) ، لهذا اعتبرت شجرة السدر مقدسة ومحفوفة بالهيبة في المخيال الإسلامي والشعبي.

في الريف الجنوبي والفرات الأوسط من العراق، تُعرف شجرة السدر (النبق) باسم "الزنجيل" أحياناً، ويُعتقد أنها مسكونة بكائنات غير مرئية  غالباً ما يُقال إنها "جن مسلم" أو "روح ولي صالح" ، وعند الحاجة لقطع شجرة سدر كبيرة، يلجأ السكان المحليون إلى ذبح خروف أو دجاجة تحتها، اعتذاراً للروح الساكنة فيها، كي لا يصيب القاطع مكروه ، ويقول أحد الفلاحين في الناصرية: " اللي يضرب فاس على سدرة من غير استئذان، يصير له شي… حتى لو بعد وقت".

وفي حالات المرض أو العقم، تلجأ النساء أحياناً للجلوس تحت الشجرة ليلاً، ويُعتقد أن الأرواح الطيبة تسمع الدعاء من تحتها ، هناك قصص شعبية متواترة عن رجال قطعوا سدرات قديمة، فأصيب أحدهم بالجنون، وآخر بمرض جلدي نادر لم يُعرف له دواء، حتى أُعيدت بقايا الشجرة إلى مكانها.

بعض المدارس الروحانية تعتقد أن شجرة السدر تمتلك "هالة طاقية واقية"، تمتص الطاقة السلبية وتحولها، ولهذا تُستخدم في التغسيل الشرعي للميت (بماء السدر) ، الرقية، لطرد السحر والمس ، والتحصين الروحي، خصوصاً في "سبعة أوراق سدر تُغلى وتُغتسل بها" ، ويرى بعض الروحانيين أن قطعها دون نية طاهرة يتسبب في "اختلال مجال الطاقة حول الشخص"، فيصيبه خلل نفسي أو جسدي ، وفي اليمن، يُقال إن السدر " يُكلم من يمسه بسوء"، خاصة الأشجار الكبيرة قرب القبور ، وفي العراق يُروى عن فلاح قطع سدرة قرب مرقد، ففقد بصره مؤقتاً ثم اعترف بنذره القديم.

منظور علم النفس والطاقة

يرى كارل يونغ أن الشجرة تمثل "الذات العليا" في النفس البشرية، وكل ارتباط رمزي بها يعود إلى حاجتنا للثبات والتجذر أما من منظور الطاقة الحيوية ، يقول ممارسو علم الريكي والطاوية إن الأشجار تحمل "حقول طاقة" Biofields، والتفاعل معها يغير الذبذبات المحيطة بالجسم البشري. قطع شجرة معمّرة دون احترام قد يسبب خللاً طاقياً لدى الفرد الحساس ، إن العلاقة بين الإنسان والشجرة لا تُختزل في ظل وثمر، بل هي علاقة تمتد إلى الروح والعقيدة،  فالأشجار في المخيلة البشرية بوابات بين العوالم ومساحات للاتصال بما هو غامض وقد تكون ملاذاً أو لعنة… بحسب النية. وبين الخرافة والتجربة، يبقى احترام الطبيعة أحد أبواب السلام، وربما النجاة من غضب خفي لا يُرى بالعين.

بين العلم والخرافة: تفسير نفسي أو طاقة كونية ؟

يرى علم النفس التحليلي أن الشجرة ترمز في العقل الجمعي إلى الأم الحامية، وارتباط الناس بها يعكس حاجتهم للحماية والاستقرار أما من منظور الطاقات، فيُقال إن الأشجار، خاصة القديمة منها، تعمل كمخزن للطاقة الأرضية، وتستشعر النوايا العدائية.


ازرع لتمنح الحياة

بين اللعنات التي تحل بمن يسيء إلى الأشجار، والبركات التي تفيض على من يكرمها، تقف الشجرة كشاهد صامت على علاقة الإنسان بالوجود، علاقة يسودها الرهبة والتوقير. فسواء كانت مسكناً للجن، أو مقاماً لولي، أو رمزاً روحياً، فإن الأشجار تظل محفوفة بالهيبة في الوعي البشري، تستحق التأمل، وربما… الاحترام.

في عالم يختنق من التلوث، تصبح الشجرة أكثر من نبات… إنها نفسٌ للأرض، وظلٌ للأجيال القادمة ، كل شجرة تُزرع هي وعد بمستقبل أنظف، وكل شجرة تُقطع بلا رحمة هي جريمة بحق الحياة.

لنكن حماة للغابة، لا أعداء لها.

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ