17 يوليو 2025

مقابر مسكونة 7: جيروك بوروت - أندونيسيا

إعداد : كمال غزال
في قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث تتشابك ناطحات السحاب مع المعابد والأسواق، تقع واحدة من أكثر المقابر إثارة للرعب والأساطير الشعبية: مقبرة جيروك بوروت (TPU Jeruk Purut). هذه المقبرة ليست مجرد مساحة لدفن الموتى، بل تحولت إلى مسرحٍ لظهورات أشباح وقصص ماورائية حية تتناقلها الألسن وتُروى عبر الأجيال، حتى باتت مقصداً لهواة الرعب والباحثين عن الظواهر الخارقة.

فما الذي يجعل من هذه المقبرة نقطة مظلمة في خريطة الغموض الإندونيسية ؟ وما حقيقة القصص التي تُروى عنها ؟ في هذا التحقيق، نغوص في أروقة الموت وسكون الليل لنكشف الستار عن واحدة من أكثر المقابر المسكونة في جنوب شرق آسيا.

الموقع والتاريخ

تقع مقبرة جيروك بوروت في منطقة تشيلاندك تيمور جنوب جاكرتا، وتُدار من قبل حكومة العاصمة منذ افتتاحها رسمياً عام 1978، ثم توسعت لاحقاً لتبلغ مساحتها حوالي 9.12 هكتار. المقبرة مفتوحة للعامة وتضم قبوراً لشخصيات وطنية بارزة ومواطنين عاديين على حد سواء، إلا أن شهرتها الحقيقية لم تأت من مكانتها الرسمية بل من الظلال التي تسكنها بعد حلول الظلام.

أسطورة القس المقطوع الرأس

من أشهر القصص التي تحيط بهذه المقبرة هي قصة "القس مقطوع الرأس" ، تقول الروايات المحلية إن هذه الروح تعود لقس كاثوليكي قُتل بطريقة بشعة، ويُعتقد أنه دُفن في مقبرة أخرى تُدعى تانه كوسير، إلا أن روحه - لسبب غير معروف -  تتجول في جيروك بوروت وكأنها تبحث عن موضعها الأخير.

الرؤية الأكثر تكراراً تصف القس وهو يسير ليلاً، حاملاً رأسه المقطوع بين يديه، تصاحبه كلب أسود عملاق ، ويُقال إن هذه الروح لا تظهر إلا في حال زار المقبرة عدد فردي من الأشخاص – ثلاثة أو خمسة – وغالباً ما تكون ليلة الجمعة هي الموعد المفضل للظهور ، وقد ادعى كثيرون رؤية هذا القس، خاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، لدرجة أن الأسطورة ألهمت إنتاج فيلم رعب إندونيسي بعنوان جيروك بوروت المسكونة  "Hantu Jeruk Purut" عام 2006.


المواقع المسكونة داخل المقبرة


شجرة "كافير" الملعونة

شجرة ضخمة تتوسط المقبرة، وتُعرف بأنها مأوى لشبح "كونتيلاناك"  وهي روح امرأة ماتت أثناء الولادة ، يصفها الشهود بأنها ترتدي الأبيض وشعرها مسدل، ولها ثقب عميق في ظهرها. الظهور يكون عادة في صمت مطبق، ووجودها يُشعر الزائرين برعشة مفاجئة وقشعريرة لا تفسير لها.

البئر المسكون

بئر قديم في الزاوية الشرقية من المقبرة، يُقال إنه يحوي "جوهرة الأفعى"  Mustika Ular ويحرسه كائن أسطوري يُدعى "جيندرواو" Genderuwo وهو مخلوق مشعر مخيف يشبه الغوريلا، ويعتقد أنه قادر على تحويل هيئته وإغواء البشر أو إلحاق الأذى بهم.

شجرة "بيدا" الشريرة

شجرة كثيفة الغصون تقع بالقرب من الجهة الخلفية للمقبرة وتُعتبر الأخطر ، القصص المتواترة تحذر من الوقوف قربها طويلاً، حيث يُقال إنها تجذب الأرواح الشريرة، بل وحتى قد تُسبب الإغماء أو الذهان المؤقت لمن يقترب منها دون احترام أو بخفة.


أرواح أخرى

من بين الظهورات الأخرى التي أبلغ عنها زوار المقبرة:

- صوت بكاء طفل: يُسمع أحيانًا عند الفجر أو قبل منتصف الليل، دون أن يُرى أحد.

- رجل عجوز بلا ملامح: يظهر بين القبور ليختفي فجأة.

- عروس ميتة: تُشوهد أحياناً تسير في ثوب الزفاف الأبيض قرب الممر الرئيسي، وتنظر نحو الزوار دون وجه.

شهادة حارس المقبرة

"بابه أوك" هو ثالث حارس يتولى الإشراف على المقبرة، عمل فيها لسنوات طويلة ، وفي مقابلة مع صحيفة  آي دي إن تايمز ، أشار إلى أن ظهورات القس اختفت بعد عام 1997، مرجحاً أن السبب يعود لوجود قبور رجال دين وشخصيات صالحة قد تكون "طهّرت المكان"، على حد قوله.

ومع ذلك، لا تزال المقبرة تحتفظ بغموضها، إذ أكد أن بعض الزوار يتعرضون لمواقف غريبة: مثل سماع همسات، أو رؤية ظلال تمر خلف الأشجار، أو الإحساس بأن أحداً يتبعهم رغم خلو الطريق.

التأثير الشعبي والثقافي

لم تبق أسطورة جيروك بوروت محلية، بل أصبحت من أيقونات الرعب في الثقافة الإندونيسية ، فيلم "شبح جيروك بوروت" عزز هذه السمعة، كما أصبحت المقبرة تُذكر باستمرار في البرامج الوثائقية، وقنوات اليوتيوب المختصة بالرعب، بل وتحولت إلى نقطة جذب سياحي لمحبي "السياحة السوداء".

نصائح لمن يجرؤ على الزيارة

الزيارة خلال النهار آمنة، أما ليلاً، فالأمر مختلف تماماً.

- لاتقم بزيارة المقبرة بعدد زوجي من الأشخاص إذا أردت "اللقاء بالقس".

- لا تقترب من البئر أو شجرة بيدا وحدك.

- احمل مصباحاً، وامتنع عن السخرية أو التصوير الاستفزازي.

أكثر من مجرد مقبرة

مقبرة جيروك بوروت ليست مجرد مكان للدفن، بل "مساحة رمادية" تعيش فيها أرواح لم تعبر إلى الراحة الأبدية، بحسب المعتقدات المحلية. سواء كنت من المؤمنين بالماورائيات أو من المتشككين، فإن زيارة هذه المقبرة تضعك وجهاً لوجه مع ثقافة غنية بالغموض والأساطير، حيث تتلاشى الحدود بين الحياة والموت، ويغدو الليل أكثر مما يبدو عليه.

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ