2 يونيو 2025

مقابر مسكونة 6: وادي السلام - النجف

إعداد :  كمال غزال

في مدينة النجف الأشرف جنوب العراق، حيث يتعانق التراب مع الروح، تمتد على مرمى البصر مقبرة وادي السلام والتي تُعتبر بحق أكبر مقبرة على وجه الأرض ، وفقاً لتقارير اليونسكو، فإن منطقة وادي السلام تُستخدم كموقع دفن منذ أكثر من 1400 عام بلا انقطاع، وتضمّ ما يقارب 6 ملايين قبر، موزّعة على مساحة تبلغ نحو 6 كيلومترات مربّعة (أي أكثر من 600 هكتار) ، لكن ما يجعل هذه الأرض استثنائية، ليس فقط حجمها الهائل... بل ما يُقال إنه يحدث داخلها حين يصمت كل شيء.

مكانة دينية... لكن ليس كل ساكنيها في سلام
تقع المقبرة بمحاذاة مرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أول الأئمة لدى المسلمين الشيعة، ويعتقد كثيرون أن من يُدفن في وادي السلام يلتحق مباشرة بعالم البرزخ في رحمة الإمام ، تُروى روايات عن الإمام علي نفسه بأنه قال: "ما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحق بوادي السلام، إنها لبقعة من جنة عدن." ، لذلك، يُنقل موتى من إيران، وباكستان، وأفغانستان، ودول الخليج، وحتى من أوروبا وأمريكا، ليُدفنوا في هذا المكان، في عملية دفن تتجاوز الطقوس... إلى العقيدة.

لكن تحت هذا السلام... شيء يتحرك

رغم قدسية المكان، لم يسلم وادي السلام من قصص الرعب، والخوف، والظواهر التي لا يفسّرها عقل: أصوات خفية في منتصف الليل تُشبه الهمس أو التلاوة… بلا مصدر.

ظلال بشرية تتحرك بين القبور، تختفي فور ملاحقتها ، برودة حادة مفاجئة في الليالي الدافئة، كما لو أن أحدهم يمرّ من خلالك ، وتبدأ الحكايات الأكثر غرابة حين تنقلنا إلى عمق الظل… حيث يعمل حفّارو القبور.

"الطنطل" يسكن المقبرة ؟
واحدة من أكثر الأساطير شهرة في النجف، هي أسطورة "الطنطل" - كائن غامض يُقال إنه يظهر ليلاً بشكل بشري مرعب، أو حتى حيواني (كلب، ذئب، قزم طويل...).

في تحقيق نشرته صحيفة "لا كروا" الفرنسية، ونقلته لاحقاً قناة العالم الإيرانية، تحدّث عدد من حفاري القبور عن ظهور مخلوق غريب أثناء عمليات الدفن وأكدوا أنهم رأوه بوضوح، وأن بعضهم أصيب بعده بما يشبه المسّ أو الانهيار العصب ، بل تداول الناس صوراً لأكشاك عند أطراف المقبرة تبيع أحجاراً سحرية وتمائم يُقال إنها للحماية من "الطنطل".

شهادات مرعبة من الداخل
- حيدر الحاتمي ، حفّار قبور شاب من النجف ،  قال إنه شعر بظل يقف خلفه أثناء الحفر، ثم تلقى ضربة قوية على رأسه أسقطته فاقداً للوعي. بعدها، قال: " أحسست أن شيئاً اقتحم جسدي، دخل من رأسي... ثم بدأت الكوابيس ، لم أعد أنام، وبعت بيتي، وأنفقت آلاف الدولارات على العلاج."

- مرتضى جواد ، حفار آخر ، قال إنه كان يدفن امرأة، وفجأة خرجت يدها وصفعته على وجهه، رغم أنها كانت مكفّنة. ظل مرتضى يعاني من الهلع بعدها لأشهر، واعتزل العمل.

- في رواية أخرى، تحدّث أحد زوّار المقبرة عن رؤية شبح شخص يعرفه، يقف قرب قبره، يبتسم له ثم يختفي وآخر قال إنه سمع ردّاً على دعاءٍ همس به قرب قبر والده.

- حفّار قديم قال في لقاء إذاعي: " المقبرة هذه ليست عادية. فيها أرواح لا تريد المغادرة... وبعضهم يُخيف من يحاول الاقتراب من موضعه. "

رغم كل ما يُقال من روايات مقدسة، وتطمينات العقيدة بأن الدفن في وادي السلام هو طريق إلى الطمأنينة الأبدية، إلا أن الزائر لا يمكنه تجاهل ما يشعر به عند عبوره تلك الممرات المزدحمة بالقبور: نظرات لا تُرى… أنفاس لا تُسمع… ووجود خفي يراقبك دون أن تعرف من أين.

إنها ليست مجرد مقبرة… بل مدينة أرواح مفتوحة، يمتزج فيها المعلوم باللامرئي، والسكينة بالخوف، كأنها برزخٌ على الأرض… لا يسكنه الموتى وحدهم.

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ