1 يونيو 2025

مقابر مسكونة 5: بيري لاشيز – باريس

إعداد :  كمال غزال

في أعالي تلال باريس الشرقية تمتد مقبرة بيري لاشيز Père Lachaise Cemetery كأنها متحف مفتوح للقبور، يضم الأرواح كما يضم التاريخ، لكن بين تماثيلها الصامتة، ومساراتها الحجرية المتعرجة، تهمس باريس بأسطورة مختلف، هنا..لا ينام الجميع بهدوء.

رغم كونها أشهر مقبرة في فرنسا ومقصداً لمحبي الأدب والفن، فإن بيري لاشيز تحمل أيضاً سمعة خفية كواحدة من أكثر الأماكن التي يُقال إنها مسكونة في أوروبا.

منذ تأسيسها عام 1804، لم تتوقف الشهادات عن روايات غامضة : أصوات خطوات خلف الزوار دون أن يكون هناك أحد ، كيانات شبحيّة تظهر للحظات خلف التماثيل وتختفي بمجرد الاقتراب ، وشعور بالاختناق أو القشعريرة المفاجئة عند المرور قرب قبور معيّنة.

في الليل، وبعيداً عن جولات السياح، تحدث أشياء لا تفسرها خرائط أو أدلة صوتية. العديد من موظفي المقبرة والمسؤولين عن حراستها ليلاً أكدوا مشاهدات أضواء غريبة، أو ظلالاً بشرية تمرّ سريعاً وتختفي بين الأشجار.

جيم موريسون... الروح التي لا تزال تغني
قبر المغني الشهير جيم موريسون، نجم فرقة The Doors، يُعد من أكثر النقاط التي ترتبط بأساطير المقبرة ، يروي بعض الزوار أنهم سمعوا صوت موسيقى خافتة قادمة من بين القبور، وتحديداً من منطقة قبره. في حالات أخرى، تحدث البعض عن رؤية شبح شاب طويل الشعر، بملامح تشبه موريسون، يجلس قرب الضريح، ثم يختفي لحظة الالتفات إليه ، كما قام البعض بتسجيلات صوتية قريبة من قبره التقطت ترددات غير مفهومة، بينما تعرّض آخرون لتوعك مفاجئ أو انهيار عصبي دون سبب ظاهر… وكأن شيئاً ما هناك لا يحب الاقتراب المفرط.

أساطير الأحبة... والتماثيل التي تنظر إليك
إحدى  أشهر الأساطير ترتبط بقبر الصحفي الفرنسي فيكتور نوار ، يمثله تمثال من البرونز يرقد على ظهره، وتفاصيل جسده واضحة بشكل لافت ، تقول الأسطورة إن النساء اللواتي يعانين من العقم أو يبحثن عن الحب، إن قمن بلمس "منطقة معينة" من التمثال ووضعت زهرة داخل قبعته، تُستجاب رغبتهن ، من غريب الامر أن تمثال نوار يظهر لونه لامعاً ومختلفاً في تلك المنطقة فقط، نتيجة تكرار اللمس، رغم تحذيرات السلطات من ذلك.

قبر إلويس وأبيلار: قصة حب... لا تنتهي
في ركن هادئ من المقبرة، يرقد عاشقان من القرن الثاني عشر: أبيلار وإلويس ، ورغم مرور قرون على وفاتهما، لا تزال الأسطورة تقول إن أرواحهما تتقاطع كل عام في ذكرى دفنهما، وأن من يمرّ بين قبريهما وقت الغسق قد يشعر بنبض عاطفي غامض أو يسمع همسات لا تُفسر.

مقبرة أم متحف ؟
تأسست مقبرة بيري لاشيز عام 1804، وسميت باسم القس اليسوعي "فرنسوا دي لاشيز"، مستشار الملك لويس الرابع عشر.
اليوم، تمتد على مساحة تفوق 44 هكتاراً، وتضم أكثر من 70,000 قبر، لتصبح أشهر مقبرة في فرنسا، وواحدة من أكثر المقابر زيارة في العالم.

من أبرز الشخصيات المدفونة فيها:

- أوسكار وايلد: كاتب إنجليزي شهير، قبره مغطى برسومات "القبلات" من المعجبين.

- فريدريك شوبان: المؤلف الموسيقي البولندي، الذي تُرك قلبه في وطنه ودفن جسده في باريس.

- إديث بياف: صوت فرنسا الخالد.

- موليير، ولافونتين، وبلزاك… وغيرهم من أعمدة الأدب والفن والفكر الأوروبي.

تتميز قبور بيري لاشيز بطابع معماري فريد: تماثيل ملائكة نائمة، أضرحة على هيئة معابد، وشواهد تحمل رموزاً سرّية من الماسونية والفكر الصوفي. مما يجعل السير فيها يشبه رحلة في متحف تحت سماء باريس… ولكن متحفاً لا تنام فيه الأرواح.

قبر العاشق الأبدي في بيري لاشيز
وسط تماثيل الموتى، يلفت الأنظار تمثال رجل يرقد محتضناً وجه امرأة من حجر… إنه فرناند أربلو (1880–1942)، الذي أوصى ألا يرى بعد الموت سوى وجه زوجته.

تمثاله البرونزي يجسّد تلك الأمنية: عيناه مفتوحتان، يحدّق للأبد في ملامح من أحب .
يزعم الزوار أنهم شعروا بدفء غريب عند لمس التمثال… وكأن الحب لم يبرد بعد.

فهل تجرؤ على زيارتها... وحدك ؟
في النهار، قد يبدو كل شيء هادئاً…
لكن حين يهبط الليل، وتغلق أبواب المقبرة، لا أحد يعلم حقاً ما الذي يتحرك في الظلال، ولا من الذي يقف خلف تلك التماثيل… مراقباً بصمت، أو منتظراً من يوقظه من سباته.

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ