![]() |
إعداد : أليسا سعيد |
ليست جميع الأساطير تدور في غابات مظلمة أو قصور مهجورة، أحياناً تنبعث أكثر الحكايات رعباً من أماكن نعرفها جيداً. من بينها المدارس، تلك البيئات التي يُفترض أن تكون رمزاً للأمان والتعليم. في قلب هونغ كونغ، وتحديداً عام 2011، تحولت مغامرة مراهقة إلى كابوس حيّ داخل مدرسة "تات تاك" التي تُعرف بسمعتها المخيفة. هناك، ظهر شبح امرأة ترتدي الأحمر وسط الممرات الخالية، لتعيد إلى الأذهان أسطورة "الفصل المسكون"، التي لم تعد مجرد حكاية تُروى.
نبذة تاريخية عن مدرسة تات تاك
لا تحمل "تات تاك" لقب أكثر المدارس رعباً في هونغ كونغ عبثاً. فقد كانت المدرسة الأصلية قائمة منذ عام 1931 داخل قاعة الأسلاف القديمة "يو كيو" في منطقة بينغ شان وهي منشأة تعود لقرون وأُعلنت لاحقاً كموقع أثري محمي، ويُعتقد أنها كانت مسرحاً لمجزرة خلال الحرب العالمية الثانية.
في عام 1974، انتقلت المدرسة إلى موقعها الجديد، واستمرت حتى إغلاقها في أوائل عام 1998. حينها بدأت الأسطورة تأخذ شكلاً أكثر قتامة، إذ انتشرت شائعة أن المديرة أنهت حياتها شنقاً داخل حمام الطالبات وهي ترتدي فستاناً أحمر. ومنذ ذلك الحين، تقول الروايات إن شبحها لا يزال يتجول داخل المبنى، ليُعرف لاحقاً بـ"المرأة ذات الرداء الأحمر".
مدارس الرعب في الثقافة الصينية: أسطورة Gui Jiaoshi
في الصين، يُعرف مصطلح "الفصل المسكون" باسم Gui Jiaoshi (鬼教室)، ويشير إلى فصول دراسية تتحول بعد حلول الظلام إلى مسرح لظواهر خارقة. غالباً ما تكون هذه الفصول في مدارس قديمة، شهدت أحداثاً مأساوية مثل انتحار طلاب أو معلمين، أو حوادث تنمّر لم تُنسَ. ومع الوقت، تصبح كأنها وعاء لذكريات الأرواح التائهة، تتردد فيها أصوات لم يعد لها جسد.
ما يحدث بعد مغيب الشمس
رغم خلو الفصول ليلاً، تتناقل الألسن قصصاً غريبة عن نشاطات غامضة: أضواء تومض من تلقاء نفسها ، خطوات مسموعة في الممرات ، كتابات مجهولة تظهر على السبورات ، همسات خافتة، وصوت بكاء ، ظلال تتحرك بلا ملامح واضحة ، ما يميز هذه الحوادث أنها لا تؤذي، بل توصف بأنها تتجنب التفاعل المباشر، وتكتفي بالحضور... كأنها تحرس زمنها الخاص.
قصة تات تاك: حين استيقظ الرعب
من بين القصص الأبرز، تبرز حادثة تات تاك عام 2011، حين دخل 12 طالباً المبنى المهجور. بدأت المغامرة بأصوات خفية وخربشات، لكنها سرعان ما تحولت إلى فوضى مرعبة: أُغمي على بعضهم، وانهارت فتاة في نوبة هستيرية. أحدهم ادعى رؤية مشاهد عنف رهيبة، وآخرون زعموا رؤية امرأة بثوب أحمر وشبح معلّم. نقل بعضهم إلى المستشفى، وأرجع مختصون ما حدث إلى "هلوسة جماعية" بسبب التوتر والخوف.
فصل الموسيقى في جامعة جيانغسو: لعنة الحب المرفوض
قصة أخرى حدثت داخل فصل الموسيقى في جامعة العلوم والتكنولوجيا بجنوب الصين. فتاة كانت تتدرب وحدها ليلاً، وعندما حاولت المغادرة، أُغلق الباب فجأة. لم يُرعبها الباب المغلق، بل صوت همسات رجولية غريبة تقول: " إذا لم تحبيني، سأسجنك وأقتلك جوعاً."
عُثر عليها صباحاً في حالة صدمة شديدة. تغيّرت ملامحها تماماً، وكانت تهذي بكلمات غريبة. أحد الكهنة الطاويين قال إن رجلًا كان قد انتحر في الفصل نفسه بعد أن رفضته فتاة، وإن روحه لا تزال تائهة تبحث عن "شبيهة".
الفصل المسكون في الثقافة الشعبية الآسيوية
في دول شرق آسيا مثل اليابان، الصين، وكوريا الجنوبية، حيث يُجبر نظام التعليم الصارم الطلاب على البقاء في المدارس حتى ساعات متأخرة من الليل للدراسة أو النشاطات اللاصفية، نشأت بيئة خصبة لظهور الأساطير المرتبطة بالمباني المدرسية ليلاً ، هذا التواجد الليلي داخل مبانٍ كانت تضجّ بالحياة صباحاً ثم تتحول إلى أماكن فارغة وصامتة بعد الغروب، غذّى مخيلة الطلاب وفتح الباب أمام قصص الأشباح التي تتجوّل بين الفصول.
تلك الأجواء أيضاً ألهمت عدداً من الأعمال الإبداعية، فبرزت أسطورة "الفصل المسكون" في:
- سلسلة المانغا والأنمي Another: تحكي عن فصل دراسي ملعون يموت فيه الطلاب سنوياً بسبب شبح مجهول.
- أنمي "المحقق كونان" (الحلقة 361): يدور حول ظواهر مرعبة في المدرسة بعد انتحار طالب.
تحولت هذه القصص إلى جزء لا يتجزأ من الثقافة الشعبية، تُروى وتُعاد صياغتها في الروايات، والأفلام، والبرامج التلفزيونية، وحتى في ألعاب الفيديو والمانغا.
حين تهمس الجدران بعد منتصف الليل
ما يجعل أسطورة "الفصل المسكون" مرعبة بحق، ليس عدد الضحايا أو عنف الأشباح، بل قدرتها على زعزعة الإحساس بالأمان في مكان نشأنا فيه. تتحول المدرسة – رمز الطفولة والنظام – إلى ساحة صامتة للغموض والرعب ، لذلك، يبقى السؤال:
هل ما نسمعه بعد منتصف الليل مجرد صدى لذاكرتنا... أم أن هناك من يستيقظ في الفصول بعد أن نغادرها ؟
شاهد الفيديو
جولة لما يعرف بـ "صائدي الأشباح" في مدرسة تك تك :
شاهد الفيديو
جولة لما يعرف بـ "صائدي الأشباح" في مدرسة تك تك :
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .