يقع قاع الصير في منطقة حائل شمال المملكة العربية السعودية، شرق جبل أجا وجنوب النفود الكبير. وهو منطقة واسعة منخفضة تُعرف بتجمع مياه الأمطار فيها وقت الهطول، ثم تجف سريعاً لتصبح أرضاً قاحلة خالية من الأشجار والنباتات، على الرغم من كونها واحدة من أفضل المناطق الرعوية في المنطقة.
هذا المكان لا يُذكر عادة إلا مقروناً بالرهبة، إذ اشتهر قاع الصير بأنه موطن للجن، حتى أصبح اسمه يتردد في مجالس أهالي حائل عند الحديث عن الحكايات الغريبة والقصص المرعبة، مثل أصوات النيران المفاجئة، أو الحركات الغامضة، أو الأصوات التي تشبه صرخات البشر.
قصة الرجل الذي واجه المجهول
من أبرز القصص المتداولة عن هذا المكان، ما يُروى عن رجل من أهالي حائل كان عائداً من رحلته شمال جبل الشملي في ليلة باردة من فصل الشتاء ، وأثناء عودته شعر بالتعب وقرر البحث عن مأوى، فرأى من بعيد عدداً من بيوت الشعر المنصوبة غرب القاع، فظن أنها لعرب رحّل يقيمون في المنطقة.
دخل الرجل المكان، فوجد دفئاً وطعاماً واستقبالاً كريماً من عائلة بدوية، حيث رحب به شيخ كبير ذو شعر كثيف مختلط، ومعه ابنه وزوجته وأفراد عائلته.
تناول العشاء وشرب القهوة واللبن، ثم جلس معهم في مجلس الضيوف، ولاحظ أن أجواء المكان مريحة، فشعر بالطمأنينة.
وقبل أن يخلد الضيف إلى النوم، لفت انتباهه شاب يتحرك بلا توقف، يميل برأسه يمنة ويسرة بطريقة غريبة. فسأله عن سبب تأخره في هذا الوقت، فأجابه الشاب بأنه كان عند فلان بن فلان، وأن الأخير طلّق زوجته تلك الليلة ، عندها لزم الضيف الصمت، لكن القلق بدأ يتسلل إلى قلبه من غرابة الحديث وسلوكهم غير المألوف.
نام الرجل تلك الليلة في فراش أعده له المضيف، لكنه عند صلاة الفجر استيقظ ليجد نفسه في مكان قاحل تماماً، لا يوجد فيه أي أثر لبيوت الشعر أو العائلة التي استقبلته الليلة الماضية ، أدرك حينها أنه كان في مواجهة مباشرة مع الجن الذين يسكنون قاع الصير.
نام الرجل تلك الليلة في فراش أعده له المضيف، لكنه عند صلاة الفجر استيقظ ليجد نفسه في مكان قاحل تماماً، لا يوجد فيه أي أثر لبيوت الشعر أو العائلة التي استقبلته الليلة الماضية ، أدرك حينها أنه كان في مواجهة مباشرة مع الجن الذين يسكنون قاع الصير.
تذكر حينها كلام الشاب الغريب عن طلاق رجل لزوجته، فذهب مسرعاً إلى قريته. وعندما سأل جيرانه، وجد أن القصة حقيقية وأن أحد الرجال طلّق زوجته بالفعل تلك الليلة ، حينها تيقن أن ما رآه لم يكن وهماً، بل كان من عالم آخر.
سمعة قاع الصير بين أهالي حائل
يقول سكان المنطقة إن قاع الصير مكان لا يُستهان به، وتتناقل الألسنة قصصاً لا حصر لها عن أصوات غريبة، ونيران تشتعل فجأة ثم تختفي ، وأناس يضيعون في المكان ليجدوا أنفسهم في أماكن أخرى عند الفجر ، لذلك، نادراً ما يجرؤ الرعاة أو المسافرون على المبيت فيه، خصوصاً في الليالي الباردة أو الممطرة.
ويرى بعض الباحثين أن هذه الظواهر قد تعود لعوامل طبيعية مثل السراب، أو انعكاسات الضوء، أو حتى الأصوات الناتجة عن حركة الرياح في المنطقة المنخفضة ، لكن أهل المنطقة متمسكون برواياتهم، ويعتبرون قاع الصير منطقة مسكونة منذ أجيال، وأن من يدخلها ليلاً قد يواجه أموراً تفوق قدرة العقل البشري على التفسير.
تأثير رائحة الكبريت في الأساطير الشعبية
تتميز منطقة حائل بطبيعتها الجيولوجية ذات الطابع البركاني، حيث تنتشر فيها الآبار الكبريتية والتجاويف الأرضية. من أبرز الأمثلة على ذلك آبار لينة و بئر الوجاج، التي تصدر أحياناً روائح غازات بركانية نفاذة تشبه الكبريت.
هذه الروائح الغريبة، حين تختلط بالعزلة والظلام في مواقع مثل قاع الصير عززت في المخيلة الشعبية ارتباط المكان بالجن والظواهر الخارقة.
وقد تكررت في شهادات الأهالي وقصصهم عن بيوت مهجورة أو مواقف غامضة، أن الجو امتلأ فجأة بـ رائحة كبريتية خانقة قبل أو أثناء وقوع الحوادث الغريبة سواء كانت أصواتاً مبهمة، أو حرائق مجهولة المصدر، أو تحركات غير مفسّرة. وهكذا أصبح الكبريت في الثقافة الشعبية عنصراً مرافقاً لتفسير هذه الأحداث باعتبارها دليلاً على نشاط كيانات خفية تسكن المكان ، إقرأ المزيد عن رائحة الكبريت وارتباطها الظواهر الغامضة والكيانات.
وفي الختام ، يبقى قاع الصير أحد أكثر المواقع الغامضة في السعودية، حيث يمتزج فيه الواقع بالأسطورة، وتظل حكاياته حاضرة في ثقافة أهالي حائل ، سواء كانت الظواهر فيه طبيعية أو خارقة، فقد أصبح رمزاً للرعب الشعبي، ومكاناً يثير فضول الباحثين عن المجهول وعشاق القصص الماورائية.
نبذة عن كمال غزال

0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .