25 نوفمبر 2025

آن بولين : قصة الإعدام والشبح الهائم

قصة إعدام آن بولين وشبحها الهائم
إعداد : كمال غزال
في ربيع عام 1536، احتشد الناس في برج لندن ليشهدوا أحد أكثر المشاهد المروعة في تاريخ إنجلترا: إعدام الملكة آن بولين، الزوجة الثانية للملك هنري الثامن، والوجه الذي غيّر مسار أوروبا الديني والسياسي ، لكن ما جعل هذه اللحظة أكثر رعباً هو أن شفتي آن بولين استمرتا في الحركة لثوان بعد فصل رأسها عن جسدها… لغز حيّر المؤرخين وأشعل خيال الناس لقرون.

في هذا المقال، نعيد سرد قصة آن بولين، مأساة سقوطها، ونكشف ما يقوله العلم وما تقوله الأساطير عن اللحظات الأخيرة التي رآها الحاضرون… وعن الشبح الذي ما زال يُقال إنه يجوب الممرات المظلمة للبرج حتى اليوم.

من هي آن بولين ؟

وُلدت آن بولين حوالي عام 1501 لأسرة نبيلة، ونشأت في البلاط الملكي في فرنسا وهولندا، حيث اكتسبت ثقافة رفيعة وجاذبية ملفتة جعلتها لاحقًا محط أنظار الملك هنري الثامن ، كانت حادة الذكاء، بارعة في الموسيقى والأدب، وتمتلك حضورًا مميزًا أثار إعجاب الملك، فوقع في حبها رغم كونه متزوّجًا من الملكة كاثرين أراغون.

سيدة أشعلت ثورة دينية

رفضت آن أن تكون مجرد عشيقة كما كانت رغبة هنري، فأصرّت على الزواج الشرعي وبسببها انفصل الملك عن الكنيسة الكاثوليكية، وأنشأ الكنيسة الإنجليزية في واحدة من أعظم التحولات الدينية في التاريخ الأوروبي.

عام 1533 أصبحت آن ملكة إنجلترا، وأنجبت الأميرة إليزابيث التي ستصبح لاحقًا إليزابيث الأولى، إحدى أعظم من حكم البلاد لكن طريق آن إلى العرش كان مليئاً بالأعداء، وكان سقوطها أسرع من صعودها.

المؤامرة… والاتهامات القاتلة

بحلول 1536، فقد هنري اهتمامه بآن، وفشلها في إنجاب وريث ذكر قرّب نهايتها ثم بدأت شائعات وألاعيب سياسية تحيكها الأطراف المناوئة لها، واتُهمت آن زوراً على الأرجح بـ: الخيانة ، الزنا ، ممارسة علاقة غير شرعية مع شقيقها جورج بولين ، والتآمر لقتل الملك ، كانت محاكمة صورية، وحُكم عليها بالموت ضرباً بالسيف - وهي طريقة اعتُبرت "أرحم" من الفأس.

الكلمات الأخيرة لآن بولين

في 19 مايو 1536، صعدت آن بولين إلى السقالة في برج لندن ، كانت هادئة، ترتدي ثوباً داكناً، وتتلو كلماتها الأخيرة بصوت ثابت.

ركعت، ووجهت نظرها إلى السماء،  وكان لها كلمات أخيرة دونها المؤرخون مثل تشاپويس وإدوارد هول وجون فوكس، وهي من أشهر البيانات الختامية في التاريخ الإنجليزي:

" أيها السادة، أتيت هنا لأموت، لا لأتهم أي شخص.
فأرجوكم أن تستمروا في الولاء والولع للملك هنري، فهو أفضل الملوك وأنبلهم.
لقد كان دائمًا أميرًا طيبًا ومحبوباً…
وإن كنت قد قصّرتُ نحوه في أي وقت، فأطلب من الله الصفح.
وأصلّي أن يحفظ الله جلالته ويطيل عمره.
ثم أصلّي لأجل إنجلترا، ولأجل من سيحكمها بعده.
وأتوسل إلى الله أن يرحمني،
فإلى يديه أُسلّم روحي."

بعدها قالت لرفيقتها : "لا تبكين، فقد طيّب الله قلبي." ثم ركعت.

وبدأت تتمتم صلواتها الأخيرة بصوت منخفض: " يا يسوع، ارحمني… يا رب، تقبّل روحي." ، وهذه كانت آخر كلماتها قبل أن يستخدم الجلّاد خدعته الشهيرة ويقول: "أين سيفي ؟" ، لتلتفت آن بولين للحظة… وتنتهي حياتها في ضربة واحدة.

لحظة الإعدام 

قبل لحظة الضربة، ركعت آن بولين على المنصة، ورفعت رأسها للأعلى كما طلب منها الجلاد ، في هذه اللحظة، وقف الجلاد خلفها بخطوات ناعمة، وأشار لمساعده بأن يُعطيها شيئا تشتت به انتباهها ثم قال بصوت مسموع: “ ? Where is my sword” أي  " أين سيفي ؟ "، وكان هذا خداعاً متعمداً لجعل آن تظن أنه لم يرفع السيف بعد…فالتفتت غريزياً بعينيها إلى الجانب الذي جاء منه الصوت، وفي تلك اللحظة وجّه لها الجلاد ضربة واحدة سريعة وقاطعة.

هذه الحيلة كانت أسلوباً معروفاً لدى بعض الجلادين الفرنسيين لتقليل الخوف لدى المحكوم عليهم، لأن التوجه المباشر بالسيف نحو العنق قد يدفع الضحية للانكماش أو التحرك - ما قد يؤدي إلى ضربة غير مكتملة ، بمعنى آخر: كانت خدعة إنسانية تجنّبها ألماً أطول، وتسهل إعداماً نظيفاً بضربة واحدة.

حركات الشفاه التي أرعبت الحاضرين

حين هبط السيف الفرنسي الحاد، وقطع رأسها بضربة واحدة بدأ ما لن ينساه أحد… شفتا آن تتحركان بعد الإعدام ، روى شهود أن شفتيها استمرتا في الحركة عدة ثوان بعد أن رفع الجلاد رأسها ، البعض قال إنها بدت وكأنها تتمتم بكلمات، أو ربما تواصل صلاة بدأت بها قبل موتها.

فهل كانت آن واعية ؟ أم أن الأمر مجرد حركات عضلية تلقائية ؟ ماذا يقول العلم ؟
تشير الدراسات الحديثة  إلى:

- العقل قد يبقى واعيًا من 4 إلى 30 ثانية بعد قطع الرأس لدى بعض الكائنات الثديية.

- الرأس -  بخلاف باقي الجسم -  لا يصاب بصدمة مباشرة، فيستمر الدماغ في العمل لثوانٍ قبل فقدان التروية.

- عضلات الوجه (الشفاه، الجفون) قد تتحرك لاإراديًا بسبب الإشارات الكهربائية المتبقية.

- وهذا ما يفسّر لماذا ترمش أعين البعض أو تتحرك شفاههم بعد الإعدام بالسيف.

ومع ذلك، تبقى فكرة أن آن شهدت اللحظات الأولى من موتها مرعبة حتى اليوم.

تجلياتها الشبحية

آن بولين هي أكثر الأشباح شهرة في بريطانيا ويزعم عشرات الشهود — من القرن السابع عشر حتى اليوم — أنهم رأوا شبحها في:

1- برج لندن

تُرى أحيانًا كامرأة ترتدي ثوبًا ملكيًا، تحمل رأسها بين يديها، أو تمشي بلا رأس.
يقول الحراس إنهم سمعوا خطواتها في "البرج الأبيض" ليلاً.

2- قلعة هيفر (منزل عائلتها)

رؤيتها الأكثر هدوءًا؛ تظهر قرب نهر القصر في ذكرى إعدامها، وكأنها تبحث عن السلام الذي لم تنله في حياتها.

3- ساندرينغهام هاوس

شوهدت روح مشابهة لها تركض عبر الممرات القديمة، خصوصًا خلال ليالي الضباب.

4-  كنيسة بالمبرغ

تحكي بعض الأساطير أن رأسها وُضع هنا بعد الإعدام، وأن شبحًا بلا رأس شوهد على أطراف الكنيسة.

آن بولين… بين الحقيقة والأسطورة

بقيت آن بولين رمزاً للتغيير، وظل موتها الغامض مثاراً للجدل لخمسة قرون ، لقد صنعت التاريخ وهي حية… لكنها أيضاً صنعت الأسطورة وهي ميتة: امرأة سأرت إلى مصيرها بشجاعة، وفُصل رأسها بضربة واحدة، لكنه -  كما يقال - لم يتوقف عن الكلام ، وربما، كما يهمس البعض، ما زالت شفتاها تتحركان…في هذا العالم أو في عالم آخر.

إقرأ أيضاً ...

- صيد أشباح أم تقفي أسطورة ؟
- هل الأشباح من صنع مخيلتنا ؟\
- التفسيرات العلمية لظاهرة الأشباح
- 6 من أكثر الأماكن المسكونة رعباً
- أوباما يقيم مع شبح ماريان آدامز
- فنادق مسكونة بأشباح الماضي ومتاحة للحجز
- فرضية المسجل الحجري وظاهرة السكنى المقيمة
- أشباح الرحلة 401

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2025 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ