5 أكتوبر 2025

لغز فتاة فاليكاس : استحضار أرواح انتهى بمأساة حقيقية

عائلة فاليكاس - استحضار أرواح لوح ويجا - مس شيطاني تلبس
إعداد :  كمال غزال

في عام 2017 أطلق المخرج الإسباني باكو بلازا  فيلمه المروع فيرونيكا Verónica الذي أثار ضجة واسعة بفضل واقعيته المخيفة وأحداثه المستوحاة من قصة حقيقية وقعت في مدريد بداية التسعينيات.

لكن ما قد لا يعرفه كثيرون هو أن الفيلم، رغم ما أضافه من خيال سينمائي، يستند إلى قضية موثقة رسمياً في الشرطة الإسبانية، تُعرف اليوم باسم " لغز إستيفانيا غوتييريث لازارو " أو قضية فاليكاس  The Vallecas Case، وهي من أكثر حوادث التلبس أو المس الشيطاني رعباً في التاريخ الحديث.


حلم خطير بالتواصل مع الموتى

كانت إستيفانيا غوتييريث لازارو فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، تعيش حياة عادية في ضاحية فاليكاس جنوب مدريد. كانت تحب الموسيقى والقراءة، وتملك فضولاً نحو الغامض كما يفعل كثير من المراهقين.

لكن في ربيع عام 1990، قررت مع صديقاتها في المدرسة تجربة لوح الويجا لـ استحضار روح صديق إحدى الفتيات الذي توفي في حادث دراجة نارية. لم تتخيل إستيفانيا أن تلك الجلسة ستفتح بابًا لا يُغلق.

الراهبة التي أوقفت الطقوس... بعد فوات الأوان

خلال الجلسة داخل المدرسة، اقتحمتها إحدى الراهبات المشرفات، غاضبة من الطالبات اللواتي يعبثن بما لا يفهمن. قامت الراهبة بتحطيم اللوح الخشبي، لكن الحاضرين أقسموا أنهم رأوا دخاناً أبيض غريباً يتصاعد من القطع المكسرة قبل أن تستنشقه إستيفانيا دون قصد.

منذ تلك اللحظة، تغيّر كل شيء.

ظلال تتحرك وهلوسات وصراخ ليلي

بعد أيام بدأت إستيفانيا تعاني من نوبات غريبة وهلاوس بصرية. كانت تقول لوالديها إنها ترى كائنات سوداء بلا ملامح تمشي في المنزل، وتسمع أصواتاً تهمس باسمها ، لم يكن الأطباء قادرين على تشخيص حالتها؛ فلم تبين الفحوص أي مرض عصبي أو نفسي. ومع مرور الأشهر، ازدادت نوبات الصراخ والتشنج حتى أصبحت تنهال على إخوتها بالعض والنباح أثناء تلك الحالات، كأن قوة غريبة تتملكها.

وفاة غامضة... وبدء الرعب الحقيقي

في أغسطس 1991، وبعد ستة أشهر من المعاناة، توفيت إستيفانيا فجأة في المستشفى أثناء إحدى النوبات. وكان سبب الوفاة توقف مفاجئ في الجهاز التنفسي، العائلة رفضت التفسير الطبي، مؤكدة أن "قوة شريرة" كانت وراء موتها ، لكن المأساة لم تنتهِ بوفاتها. بعد أيام بدأت الظواهر المرعبة تنتقل إلى المنزل نفسه.

منزل فاليكاس: لعنة لم تهدأ حتى بعد الموت

روى والدا إستيفانيا لاحقاً أن البيت أصبح بؤرة نشاط غير مفهوم ، الأبواب تُفتح وتُغلق بعنف، الأجهزة الكهربائية تعمل وحدها، الصور تتساقط من الجدران، وصورة لإستيفانيا اشتعلت بالنار تلقائيًا أمام أعينهم دون سبب واضح ، الأسوأ من ذلك، أن الأم قالت إنها كانت تشعر بضغط على جسدها أثناء النوم، كما لو أن كائناً يجلس فوقها، بينما كانت أيد خفية تمسك قدميها وتسحبها من السرير.


الشرطة الإسبانية تشهد ظواهر خارقة

عندما لم يجد الأبوان مفراً من الخوف، استدعيا الشرطة عام 1992. عند دخولهم الشقة، سجّل الضباط في تقرير رسمي مشاهدات غير مألوفة تدل على ما يسمى بظاهرة الأشباح الضاجة :

- صوت طرق قوي يصدر من غرفة خالية.

- خزانة مغلقة تفتح فجأة دون تدخل.

- صليب على الجدار يدور من تلقاء نفسه حتى انكسر.

- بقع بنية غامضة بدأت بالتمدد على الأثاث أمام أعينهم.

هذا التقرير، الذي حمل ختم الشرطة الرسمي، هو ما جعل القضية تُصنّف كـ أول واقعة موثقة رسمياً عن نشاط ماورائي في تاريخ إسبانيا الحديث.

ظلال تتحرك وصور ممزقة

مع استمرار الظواهر، لاحظت العائلة أن ملصقات إستيفانيا على الجدران قد خُدشت كما لو أن مخالب حيوان هاجمتها، وأن شخصاً ما - أو شيئاً ما - لا يزال يطارد الغرفة.

كان الجميع يتحدث عن "أطياف" شوهدوا يمشون في ممرات المنزل، تماماً كما وصفتهم إستيفانيا قبل موتها.

الرحيل يطرد الأشباح

في النهاية، لم يجد آل غوتييريث حلاً سوى مغادرة الشقة نهائياً ، وبالفعل، بمجرد انتقالهم، توقفت الظواهر تماماً، وكأن الكيان الذي كان يسكن المكان ارتبط بجدرانه لا بأرواحهم.
منذ ذلك الحين، لم تُسجل أي بلاغات أخرى في المبنى، لكن القضية بقيت تُروى في كل بيت إسباني يعشق قصص الرعب الحقيقية.

من الحقيقة إلى الشاشة

عندما قرر المخرج باكو بلازا تحويل القصة إلى فيلم، لم يرد تقديم سيرة واقعية، بل تجسيد الرعب الشعبي الذي عاشته إسبانيا مع تلك الحادثة ، قال بلازا في مهرجان تورنتو السينمائي:

" في إسبانيا، يعرف الجميع هذه القصة، لأنها المرة الوحيدة التي شهد فيها ضابط شرطة رسمياً أموراً خارقة ودونها في تقرير حكومي مختوم."

الفيلم إذن ليس مجرد اقتباس، بل أسطورة وطنية مرعبة، تُجسد الحد الفاصل بين الإيمان بالماورائيات والواقع الغامض الذي يتحدى المنطق.

أسطورة لم تمت بعد

رغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً، ما زال الإسبان يذكرون إستيفانيا كـ "الفتاة التي تجرأت على فتح البوابة" ، سواء أكانت ضحية قوى شريرة أم حالة نفسية لم تُفسر بعد، تبقى قصتها مثالاً على أن الفضول نحو العالم الآخر قد تكون له عواقب لا يمكن الرجوع عنها.


نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".


0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ