15 أغسطس 2025

نذر الشؤم : كائنات تظهر قبل الكوارث والفواجع



إعداد : كمال غزال
في الموروثات والأساطير حول العالم، تتكرر حكايات عن كائنات غامضة لا تظهر إلا قبل حدوث كارثة وشيكة، وكأنها رسل من عالم آخر، لا تحمل معها إلا الإنذار والشؤم. هذه الكائنات، التي تتنوع بين مخلوقات مجنحة، وأطياف بشرية، وحيوانات غريبة، ارتبط ظهورها بأحداث مأساوية موثقة في التاريخ الحديث والقديم على حد سواء.

 في هذا المقال سنتناول أبرزها وتفسيراتها العلمية والنفسية وموقف الدين منها :

1- رجل العثة

ربما يكون "رجل العثة" Mothman  أشهر نذير شؤم ماورائي في العالم ، شوهد هذا الكائن من قبل العديد من سكان ولاية فرجينيا الغربية خلال عامي 1966 و1967 قبل انهيار جسر "سيلفر بريدج" في 15 ديسمبر 1967 ، لا خلاف على أن رؤية "رجل العثة" أمر لا يتمناه أحد، لكن هناك جدل حول ما إذا كان مجرد مُنذر بوقوع الكارثة أم أنه يتسبب في حدوثها فعلاً ، آخر مشاهدة مؤكدة له كانت قبل انهيار الجسر مباشرة، مما دفع الكثيرين للاعتقاد أن ظهوره كان بمثابة تحذير من الحادث بل إن بعض الشهود زعموا أنهم رأوه بالقرب من الجسر في اللحظات التي سبقت سقوطه في النهر.


2-  طائر تشيرنوبيل الأسود

ابتداء من أبريل 1986، بدأ سكان المناطق القريبة من محطة تشيرنوبيل النووية برؤية مخلوق مجنح ضخم، يشبه رجلاً بلا رأس، بعينين حمراوين لامعتين أو على الأقل نقطتين حمراوين متوهجتين.

أفاد الشهود أنهم عانوا من كوابيس مروعة بعد رؤيته وهو يحلق في الهواء ، وبعد كارثة انفجار المفاعل في صباح 26 أبريل 1986، وصف العديد من الناجين من الانفجار الأولي رؤيتهم لمخلوق أسود ضخم، أشبه بطائر بعرض جناحين يبلغ 6 أمتار، وهو يحلق وسط الدخان السام المنبعث من المفاعل ، لم يُشاهد هذا الطائر مرة أخرى. بعض الباحثين في الظواهر الغامضة يعتقدون أن "طائر تشيرنوبيل الأسود" قد يكون نفسه "رجل العثة" يواصل عمله المشؤوم.


3- الشيطان الأحمر

تعاني مدينة ديترويت الأمريكية بما فيه الكفاية، لكنها أيضاً مضطرة لتحمل عبث مخلوق شيطاني صغير يسبب المتاعب أينما ظهر وهو "الشيطان الأحمر"  Nain Rouge ، كائن قزم أحمر اللون، يبدو كما لو أنه نسخة كرتونية للشيطان. شوهد لأول مرة على الأقل في معركة بلودي رن عام 1763، وأحدث مشاهدة له كانت عام 1996 حين شوهد وهو  يرتدي "معطفاً أحمر قبيحاً" وكان يفر من موقع عملية سطو ، متى سيضرب هذا الشيطان الصغير مرة أخرى ؟ وحده الزمن سيخبرنا.

4- الهولندي الطائر

وفقاً لأسطورة في القرن السابع عشر، كانت سفينة تُدعى "الهولندي الطائر" The Flying Dutchman تبحر حول رأس الرجاء الصالح عندما واجهت عاصفة. وبدلاً من تغيير المسار أو الاحتماء، أمر القبطان بمواصلة الإبحار في قلب العاصفة ، قُذف البحارة في البحر، ولُعن القبطان بأن يبحر إلى الأبد حول العالم ، الآن، يعتقد البحارة أن رؤية هذه السفينة أثناء وجودهم في عرض البحر تعني أن شيئاً سيئاً سيحدث لهم ، رغم ان للأسطورة تفسيرات علمية. 

5- الصرخة الويلزية

في مقاطعة ويلز ، أكثر مناطق المملكة المتحدة ارتباطاً بالأساطير ، يُعرف "السيورايث" The Cyoeraeth  بأنه كائن ماورائي ينذر بالموت أو الكوارث الطبيعية ، أحياناً يُسمع صوته كنحيب يسبق الفاجعة، وأحياناً يظهر شخصياً كروح مقنعة برداء وغطاء رأس ، الاعتقاد السائد هو أن أي شخص يواجهه وجهاً لوجه سيموت، أو سيموت أحد أفراد أسرته قريبا.

6- أشباح العيون السوداء

من تكساس إلى إنجلترا، تنتشر قصص عن أشخاص أو أطفال ذوي عيون مظلمة بالكامل Black Eyed Ghosts ، البعض يقول إنهم مجرد أرواح تلهو، والبعض الآخر يعتقد أنهم رسل من العالم الآخر للتحذير من مأساة قادمة ، يُقال إنهم يحاولون دخول المنازل بالخداع، ولا يظهرون إلا قبل انتكاسة شخصية خطيرة.


7- أشباح العائلة 

هل يطاردك أقاربك المتوفون منذ زمن بعيد ؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد يكون ذلك مؤشراً على مرض وشيك أو حادث قاتل (بحسب تلك المعتقدات)، الأشباح العائلية غالباً ما تكون علامة على مصائب مقبلة، ويُقال في هذا الصدد :  " إذا رأيت شبح جدك الراحل يشير إليك ويصرخ بلا صوت، فاستعد للأسوأ ".


8-  روائح وأصوات تنذر بوفاة أو حادث مأساوي

هناك روايات شعبية في الخليج واليمن عن أشخاص شموا رائحة مسك أو بخور أو حتى رائحة كريهة (كبريت) في أجواء طبيعية، ثم وقعت وفاة أو حادث مأساوي بعد ذلك بوقت قصير، تُفسر هذه الظاهرة أحياناً على أنها مرور "روح" أو "جني" نذير بالشؤم.

وفي الموروث الشامي والبدوي، هناك حكايات عن سماع ثلاث طرقات على الباب في وقت متأخر من الليل، وعندما يُفتح الباب لا يُرى أحد ، يقال إن ذلك يسبق خبر وفاة أو كارثة في العائلة أو الحي.


9- حيوانات تظهر قبل حدوث الفاجعة


الكلب الجحيمي

كلب أسود ضخم بعينين متوهجتين Hellhound، شوهد في الريف البريطاني قبل عواصف مميتة أو انهيارات أرضية.


ثعالب غورمانستون

أسطورة أيرلندية تعرف باسم  The Gormanston Foxes تقول إنه قبل وفاة رب الأسرة، تتجمع مجموعة من الثعالب حول المنزل ، في عام 1908، ذكرت الليدي غورمانستون أنه قبل وفاة زوجها، شوهدت ثعالب تتجول قرب المنزل لأيام، وأحدها جلس تحت نافذته وهو ينبح ، حدث الأمر نفسه عند وفاة والده، رغم تحسن حالته في النهار، لكن ظهور الثعالب في المساء كان نذيراً بوفاته في الليل.

الغراب الأسود

في كثير من مناطق الجزيرة العربية والمشرق، يُعتبر سماع نعيب الغراب قرب بيت شخص مريض أو على أسطح المنازل نذيراً بوفاة أحد السكان ، ويُربط أيضاً ظهور سرب غير مألوف من الغربان قبل أحداث مأساوية كالحروب أو المجاعات، وهي فكرة تجد صدى لها في بعض الروايات التاريخية عن حروب العرب في الجاهلية.

الغراب ذو الريش الفضي

طائر أسطوري نادر الظهور، ارتبط في أساطير أميركا الشمالية بوقوع حروب أو كوارث طبيعية.

الفراشة السوداء

في أمريكا اللاتينية (خصوصاً المكسيك وغواتيمالا) تُعرف باسم  "فراشة الموت"  Mariposa de la Muerte ويُعتقد أن دخولها المنزل يسبق وفاة أحد سكانه ، وفي الفلبين وبعض جزر المحيط الهادئ تُفسر الفراشة السوداء على أنها روح شخص عزيز تزور قبل أو بعد وفاته ، في بعض الموروثات العربية الريفية، يُعتبر دخول فراشة سوداء أو داكنة إلى البيت — خاصة في الليل — تحذير من خبر حزين أو ضيف غير مرغوب فيه.

القطط أو الكلاب التي تنبح أو تموء ليلاً باتجاه بيت محدد

في الريف المصري وبعض قرى بلاد الشام، يُعتقد أن تجمع الكلاب أو القطط فجأة أمام منزل مع نباح أو مواء مستمر هو علامة على موت شخص فيه خلال أيام قليلة ، هذه المعتقدات لا تزال حاضرة عند بعض كبار السن، خصوصاً إذا كان التجمع ليلاً دون سبب واضح.

البومة أو الطائر الليلي "أم سالم" 

البومة في الثقافة الشعبية العربية (خصوصاً في مصر وفلسطين والأردن) تُعد نذير شؤم، وظهورها أو وقوفها على سطح بيت مريض يُعتبر علامة على قرب الوفاة ، تعود هذه الفكرة إلى قرون، وهي شبيهة بأساطير أوروبية عن "البومة كحاملة للموت"، إقرأ المزيد عن أساطير البومة في ثفافات العالم.

الذئب في ثقافة البدو

في بعض روايات البدو القديمة، يُذكر أن ظهور ذئب منفرد يقترب من مضارب القبيلة ويعوي بشكل متكرر يُفسر كإشارة إلى قدوم غزو أو وقوع نزاع دموي قريب.

القطة الشيطانية

القطط العادية مشاغبة بطبعها، لكن ما هو أسوأ منها ؟ "القطة الشيطانية"،  لحسن الحظ، معظم الناس لن يروها إلا إذا كانوا يعملون في واشنطن العاصمة ، وحتى هناك، لن تظهر إلا قبل حدوث شيء رهيب ، تقول الروايات إن "القطة الشيطانية" شوهدت ليلة اغتيال الرئيس كينيدي. ويُعتقد أنها شبح قطة كانت أُحضرت إلى أنفاق مباني الكونغرس لصيد الجرذان ولم تغادر المكان أبداً.

الأيل الأبيض

أسطورة سلتية (شمال أوروبا) تقول إن رؤية "الأيل الأبيض" أو "الظبي الأبيض" تعني اقتراب كارثة — ليست مجرد حادثة بسيطة، بل شؤم حقيقي ، لكن في عصر الملك آرثر تغيرت دلالته قليلاً ليصبح إشارة على انطلاق الفرسان في مهمة أو مغامرة، لكن في معظم التقاليد، يظل ظهوره نذيراً بالمشاكل.


التفسيرات النفسية

من الناحية النفسية، ما يسمى بـ"نذر الشؤم" يمكن تفسيره بعدة آليات:

التحيز المعرفي Cognitive Bias

الإنسان يميل لتذكر الأحداث التي توافق توقعاته أو معتقداته المسبقة، ويتجاهل الحالات التي لم يحدث فيها شيء ، مثلاً: شخص رأى غراباً ثم حدثت وفاة، يربط بينهما، لكنه ينسى مئات المرات التي رأى فيها غراباً ولم يحدث شيء.

الإسقاط النفسي Projection

عندما يكون الفرد في حالة قلق أو توتر داخلي، قد يفسر أي مثير خارجي (صوت، ظل، حيوان) على أنه رسالة تحذير من خطر وشيك.

البحث عن المعنى في المجهول Apophenia

الدماغ البشري مبرمج على إيجاد أنماط وتفسيرات حتى في الأحداث العشوائية، وهي ظاهرة تُعرف بـ أبوفنيا Apophenia.


التفسيرات العلمية

من منظور علمي، يمكن تفسير "نذر الشؤم" على النحو التالي:

الارتباط السببي الوهمي False Causality

يربط الناس بين ظاهرتين لا علاقة سببية بينهما، لمجرد أن إحداهما سبقت الأخرى زمنياً.

تأثير الظروف البيئية

بعض الحيوانات أو الظواهر الطبيعية تظهر في أوقات معينة تتزامن مع أحداث مأساوية:

- الغربان أو البوم تكثر في مناطق الحروب أو بعد الكوارث بسبب توفر الجيف.

- الكلاب أو الثعالب قد تقترب من التجمعات البشرية عند شعورها بروائح معينة (كالرائحة الناتجة عن مرض أو موت).

الإشارات البيولوجية

هناك أبحاث تشير إلى أن بعض الحيوانات تستطيع استشعار الزلازل أو الكوارث قبل وقوعها من خلال تغيرات في الموجات الزلزالية أو الضغط الجوي، مما قد يفسر ظهورها "كنذير" في نظر الناس ، إقرأ المزيد في حيوانات تستشعر الزلازل قبل حدوثها.



موقف الإسلام من "نذر الشؤم"

في الشريعة الإسلامية، التطيّر والتشاؤم مرفوضان بشكل واضح، سواء كان التشاؤم من الأشخاص أو الحيوانات أو الأصوات أو الظواهر.

جاء في الحديث الصحيح عن النبي : « لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح » (رواه البخاري ومسلم) و"الطيرة" تعني التشاؤم من شيء يُرى أو يُسمع.

الإسلام يعتبر هذه النذر المزعومة مجرد أوهام لا تؤثر بذاتها في وقوع الخير أو الشر، بل الأمر كله بيد الله ، النبي كان يغير الاعتقاد السلبي إلى تفاؤل، فإذا رأى شيئاً يراه الناس شؤماً، أولّه تأويلاً حسناً.

لذلك يُنهى المسلم عن ربط الأحداث بالمخلوقات أو العلامات ويُحث على الاعتماد على الله، مع اتخاذ الأسباب الواقعية والحذر الطبيعي دون الانجراف وراء الخرافات.


إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ