![]() |
إعداد : كمال غزال |
بين تقاطع آسيا وأوروبا، حيث الجبال تهمس بالقصص، والبحار تخبئ أسراراً لم تُروَ بعد، تقف تركيا كأرض تتنفس الأسطورة وتعيش الغموض.
تركيا ليست فقط جسراً حضارياً بين الشرق والغرب، بل أيضاً معبراً بين العوالم المرئية والمخفيّة.
من مدن الجنّ المدفونة تحت الأرض، إلى الكهوف التي يُقال إنها بوابات بين الأبعاد، ومن ممارسات السحر الشعبي إلى طقوس التصوّف، هذه البلاد تخفي في ثناياها بُعداً آخر... ماورائياً بامتياز.
تركيا ليست فقط جسراً حضارياً بين الشرق والغرب، بل أيضاً معبراً بين العوالم المرئية والمخفيّة.
من مدن الجنّ المدفونة تحت الأرض، إلى الكهوف التي يُقال إنها بوابات بين الأبعاد، ومن ممارسات السحر الشعبي إلى طقوس التصوّف، هذه البلاد تخفي في ثناياها بُعداً آخر... ماورائياً بامتياز.
ديرينكويو: مدينة الجن تحت الأرض
في قلب كابادوكيا، حيث الصخور البركانية نُحتت بيد الطبيعة والإنسان، تقع مدينة ديرينكويو تحت الأرض.
على عمق يصل إلى 60 متراً، تمتد شبكة من الأنفاق والغرف يُقال إنها كانت مأوى لآلاف من البشر الهاربين ...أولكائنات غير بشرية ! ، سكان المنطقة يسمّونها “مدينة الجن” لأن الأصوات الغريبة فيها لا تتوقف، والزوّار يتحدثون عن "شعور بأن أحدهم يراقبك"، أو "ضياع الزمن" بين دهاليزها.
على عمق يصل إلى 60 متراً، تمتد شبكة من الأنفاق والغرف يُقال إنها كانت مأوى لآلاف من البشر الهاربين ...أولكائنات غير بشرية ! ، سكان المنطقة يسمّونها “مدينة الجن” لأن الأصوات الغريبة فيها لا تتوقف، والزوّار يتحدثون عن "شعور بأن أحدهم يراقبك"، أو "ضياع الزمن" بين دهاليزها.
يُعتقد أن ديرينكويو لم تُبْنَ للراحة أو الزهد، بل للهرب من اضطهاد دموي فخلال قرون مضطربة من التاريخ، كانت منطقة الأناضول مسرحاً لصراعات دينية، وغزوات وثنية، ثم اضطهاد للمسيحيين الأوائل. ومع تزايد الخطر، بدأ الناس يحفرون... ليس فقط ملاجئ، بل مدناً كاملة بأبواب حجرية ضخمة تُغلق من الداخل فقط ، احتوت المدينة على مدارس، مخازن، معاصر نبيذ، وحتى معابد صغيرة، مما يدل على أن الناس لم يختبئوا لبضعة أيام، بل عاشوا هناك لفترات طويلة وكأنهم انقطعوا عن العالم السطحي.
ورغم التفسير التاريخي الواضح، لا تخلو الأسطورة: يُقال إن الذين سكنوا ديرينكويو كانوا يفرّون من "أعداء ليسوا من هذا العالم"، وإن بعض الأنفاق وُجدت مغلقة دون سبب معروف، أو تؤدي إلى لا شيء... مجرد فراغ خرساني غامض، كأنها كانت تُستخدم لدفن أسرار لا يُراد لها أن تُكشف ، ويزعم بعض السكان أن هناك ممرات ما زالت غير مستكشفة، وقد اختفى فيها مستكشفون، وأن الليل في تلك الأنفاق يحمل همسات غير بشرية، وكأن الأرواح القديمة لا تزال تحرس المكان.
السحر الشعبي واللعنات القديمة
في الريف التركي، لا يزال الناس يضعون الخرزة الزرقاء Nazar Boncuğu على الأطفال والبيوت. يُعتقد أنها تقي من العين الشريرة، لكنها ليست وحدها.
في بعض القرى، يُستدعى ما يُعرف بـ المعالج الروحي (Hoca)، وهو رجل (أو امرأة) يعرف كيف “يقرأ اللعنة” ويفكّها، باستخدام البيض أو النار أو أدعية خفية.
في بعض القرى، يُستدعى ما يُعرف بـ المعالج الروحي (Hoca)، وهو رجل (أو امرأة) يعرف كيف “يقرأ اللعنة” ويفكّها، باستخدام البيض أو النار أو أدعية خفية.
وتنتشر أسطورة العصام (Azem)، وهو اسم يُطلق على نوع من السحر الذي يُستدعى فيه الجن لإيذاء شخصٍ ما. يقول السكان: "إذا رأيت دخاناً يتسلل من تحت باب منزلك دون نار... فقد زارك العصام".
الجنّ والأرواح في الفلكلور التركي
الجنّ في تركيا ليسوا فقط من القصص... إنهم حاضرون في الثقافة اليومية:
- كاراكونكولوس (Karakoncolos): مخلوق يظهر في ليالي الشتاء، له أقدام معكوفة وعينان حمراوان، يهاجم من يسير في الأزقة ليلًا.
- تبغيز (Tepegöz): عملاق ذو عين واحدة، يعيش في الجبال ويأكل الماشية والبشر على حد سواء، يُعتقد أنه أصل أسطورة "الغيلان".
- آرشورا (Arçura): كائن يسكن الغابات، نصفه بشر ونصفه شجرة، يغوي المسافرين ثم يبتلعهم.
- الجنّ العاشق (Cin Aşığı): يُقال إن بعض الناس يُصابون به، فيحلمون بكائن يُعاشرهم ليلًا، أو يمنعهم من الزواج.
قصر بيريلي كوشك – "البيت المسكون" في إسطنبول
بيرلي كوشك Perili Köşk هو قصرٌ عثماني فخم لم يكتمل بناؤه... يقال إن زوجة الباشا ماتت قبل اكتماله، ومنذ ذلك الحين، يظهر طيفها في الطابق العلوي، تُسمع عزف بيانو بلا عازف، وتُطفأ الأنوار وتُضاء تلقائياً.
قرية كاياكوي – القرية الشبح
تقع قرية كاياكوي Kayaköy قرب فتحية، تقع قرية مهجورة منذ 100 عام. البيوت فارغة، النوافذ مكسورة، لكن شهوداً قالوا إنهم شاهدوا “ظلالًا تمشي في الأزقة”، وتحدثوا عن بكاء أطفال في منتصف الليل، رغم أن القرية خالية تماماً.
تقع قرية كاياكوي Kayaköy قرب فتحية، تقع قرية مهجورة منذ 100 عام. البيوت فارغة، النوافذ مكسورة، لكن شهوداً قالوا إنهم شاهدوا “ظلالًا تمشي في الأزقة”، وتحدثوا عن بكاء أطفال في منتصف الليل، رغم أن القرية خالية تماماً.
الطقوس الصوفية: الدوران بين العوالم
في قونية وغيرها من المدن، تُقام طقوس السماع المولوي، حيث يدور الدراويش بأثوابهم البيضاء بحثًا عن الفناء في الذات. يدورون على صوت الناي والدُفّ، وتتلاشى أجسادهم تدريجيًا وكأنهم يدخلون في بُعد آخر ، يقول أحد الدراويش: " حين أبلغ النشوة... أنسى من أنا. شيء ما يفتح من الداخل، يشبه الروح وهي تُحلّق."
جبل نمرود: معبد الآلهة القديمة
في جنوب شرق الأناضول، يقف جبل نمرود Nemrut Dağı شامخاً، يعلوه تماثيل ضخمة لآلهة قديمة وملك غريب الأطوار (أنطاكوخس الأول). يُقال إن الجبل كان مكان اجتماع الآلهة، وإن الرياح تحمل من حين لآخر همسات بلغات منقرضة ، يعتقد البعض أن الجبل يفتح “بوابة زمنية” في ليالي الانقلاب الشتوي، وأن من يقضي الليل هناك يرى أحلاماً لا يمكن تفسيرها.
غوبكلي تيبي: أقدم معبد عرفته البشرية
قبل الأهرامات، وقبل ستونهينج، كانت هناك في غوبكلي تيبي Göbekli Tepe صروح حجرية غامضة بُنيت منذ أكثر من 11 ألف سنة ، لماذا؟ لا أحد يعلم.
يقول الباحثون إن هذا المعبد كان يُستخدم في طقوس روحية تشمل تضحية بالحيوانات أو حتى البشر. السكان المحليون يسمّونه “مكان الطاقة الثقيلة”. حتى الحيوانات ترفض الاقتراب منه ليلاً.
وحش بحيرة وان
وحش بحيرة وان مثل "نيس" في اسكتلندا المشهور بوحشها، يُقال إن بحيرة فان في شرق تركيا تُخفي مخلوقاً بحرياً ضخماً. صيادون تحدثوا عن رؤية “رقبة تخرج من الماء” وأصوات هادرة، فيما رفضت السلطات تأكيد أو نفي الأمر.
جزر الأميرات – جزر المنفى والأرواح
في بحر مرمرة، تقع جزر سكنها المنفيون والمطرودون. في جزيرة بيوك أدا، يوجد دار أيتام مهجور يُعتقد أنه مسكون بأرواح الأطفال الذين تُركوا فيه حتى الموت خلال مجاعة قديمة.
معابد مهجورة ومريبة
الكنائس المهجورة، خصوصاً في شرق تركيا، تُروى عنها قصص عن رهبان عادوا بعد موتهم لحماية الأديرة، وتُقال أن طقوس قديمة لا تزال تُمارس سراً فيها. وفي بعض المساجد القديمة (مثل مسجد زيتين بورنو)، يُقال إن المهجع تحت الأرض "يسكنه كائن لا ينام".
لماذا تركيا ؟
لأنها بلد تقاطع فيه الإسلام مع الشامانية، والمسيحية مع الزرادشتية، والأناضول مع أرمينيا، وأوروبا مع الشرق. هذه التراكمات الحضارية أنتجت ثقافة خصبة بالماورائيات، لا تزال تنبض حتى اليوم في الممارسات، القصص، والطقوس.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .