![]() |
إعداد : كمال غزال |
لطالما شغلت فكرة وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض عقول البشر منذ عقود طويلة، وانتقلت من صفحات روايات وأفلام الخيال العلمي إلى مراكز الأبحاث العلمية المتطورة. ومع كل تقدم تكنولوجي نحرزه، تصبح هذه الفكرة أكثر واقعية وإلحاحاً، خاصة بعد الاكتشافات الأخيرة التي تشير إلى احتمالية وجود أشكال حياة في مجرات بعيدة.
أتاحت التطورات التكنولوجية للإنسان استكشاف نظامنا الشمسي ومجرتنا بطرق لم تكن تخطر ببالنا من قبل. كلما تعلمنا أكثر عن الكون من حولنا، كلما ازدادت رغبتنا في معرفة ما إذا كانت هناك كائنات أخرى تفعل الأمر ذاته. إن وجود أشكال أخرى من الحياة في هذا الكون الشاسع يبدو أمراً بديهياً، فلماذا لم نعثر عليهم بعد؟
رغم أننا ما زلنا بعيدين عن الجواب النهائي، إلا أن اكتشافاً حديثاً قام به علماء في كندا أعاد التأكيد على فرضية وجود الحياة في مكان ما هناك. فقد التقط علماء الفلك باستخدام تلسكوب راديوي قوي إشارات راديوية غامضة من مجرة بعيدة. هذه الإشارة كانت عبارة عن موجة راديوية شديدة القوة استمرت لمدة ثلاث ثوان كاملة وبنمط واضح ومتكرر يشبه "نبضات القلب"، وفقاً لتصريح عالم الفيزياء الفلكية دانييلي ميتشيلي. وهذه الإشارة هي الأطول على الإطلاق من بين الإشارات الراديوية التي تم رصدها من الفضاء الخارجي. ورغم عدم اليقين من مصدرها، أكد الباحثون أنها جاءت من مجرة تبعد مليارات السنوات الضوئية عن الأرض.
بصفتنا بشراً، نحن فضوليون حول طبيعة وجودنا والعالم الذي نعيش فيه. ومع كل اكتشاف جديد، يزداد التساؤل عن إمكانية أن نكون وحدنا في هذا الكون ، وقد بذلت جهود ضخمة على مدار عقود للعثور على حياة ذكية أخرى في الكون، لكننا لم نتمكن حتى الآن من التواصل مع أي كائنات خارجية.
طرح الفيزيائي الإيطالي-الأمريكي إنريكو فيرمي مفارقته الشهيرة في أوائل القرن العشرين، متسائلاً كيف يمكن ألا نجد أي دليل على وجود حياة ذكية أخرى، رغم أن احتمالية وجودها مرتفعة جداً.
تحتوي مجرتنا وحدها ما بين 100 و 400 مليار نجم، والكثير منها محاط بكواكب قد تكون صالحة للحياة. وفقاً لتقارير العلماء، قد يكون هناك مليارات الكواكب التي تدور في مناطق قابلة للحياة حول نجومها، ما يوفر الظروف اللازمة للحياة ، وتستثمر منظمات عديدة مثل ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية وبرنامج البحث عن الذكاء خارج الأرض (SETI) في مشاريع تهدف إلى اكتشاف علامات على وجود حياة في الفضاء حيث تُستخدم في هذه المشاريع هوائيات راديوية ضخمة وتلسكوبات لإرسال واستقبال الإشارات، كما تشمل طرقاً أخرى مثل البحث عن ومضات ضوئية قد تكون ناتجة عن أشعة ليزر.
لكن هناك العديد من المشكلات التي تواجه استخدام الترددات الراديوية لتحديد وجود حياة ذكية خارج الأرض، مثل عدم امتلاكنا التكنولوجيا المناسبة لفهم الإشارات، أو أن الإشارات لم تكن موجهة لنا مباشرة، أو أن مصدرها بعيد جداً لدرجة أن الإشارات لم تصلنا بعد ، نحن نرصد الترددات الراديوية منذ أقل من قرن، ولذلك لم تصلنا بعد أي إشارات محتملة من حياة ذكية تبعد عنا أكثر من 100 سنة ضوئية.
لماذا لم نتواصل مع حياة فضائية حتى الآن ؟
توجد نظريات عديدة تفسر لماذا لم نتواصل مع كائنات ذكية أخرى حتى الآن، مثل نظرية "المرشح العظيم" Great Filter، التي تشير إلى وقوع كارثة كونية تمنع الحضارات من الوصول إلى مستوى التقدم التكنولوجي اللازم للسفر أو الاتصال بين النجوم.
كما توجد نظرية "فرضية حديقة الحيوان" Zoo Hypothesis، التي تقترح أن الكائنات الفضائية تدرك وجودنا ولكنها تتجنب التواصل معنا بقصد دراستنا من بعيد دون إزعاج مجتمعنا "البدائي".
ومن النظريات الأخرى أن الحياة في مكان آخر من الكون لم تحصل على الفرصة للتطور بسبب البيئات الكوكبية غير المستقرة، أو أن كائنات فضائية قد زارت بالفعل نظامنا الشمسي في الماضي البعيد وغادرت.
واكتشف العلماء بالفعل وجود محيطات عميقة تحت طبقات جليدية سميكة على بعض أقمار زحل والمشتري، حيث قد توجد حياة، ولكن حتى لو كانت ذكية، فإنها ستواجه عقبات كبيرة تمنعها من التواصل ، وتوجد كذلك فرضية أخرى ترى أن الكائنات الفضائية ربما تكون بيننا بالفعل على كوكب الأرض.
وكتب الباحث وطالب الفيزياء الفلكية في جامعة كورنيل، إيفان سولومونيديس، ورقة بحثية تشير إلى أننا بحاجة للصبر، فالبشر لم يستكشفوا سوى جزء صغير جداً من محيطنا المجري، وقد نضطر للانتظار 1500 سنة أو أكثر حتى نتلقى إشارات من حياة ذكية أخرى.
إقرأ أيضاً ...
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .