3 نوفمبر 2025

شبح باترسي : كيان أرعب فتاة طوال 12 عاماً

شبح باترسي - مس شيطاني - شبح ضاج
إعداد :  كمال غزال

تتعدد قصص الأشباح حول العالم، لكن قلما نجد حكاية أثارت خيال الناس وخوفهم مثل أسطورة «شبح باترسي» في لندن.

هذه القصة، التي أصبحت لاحقاً مادة لأفلام وبرامج وإذاعات، تعود إلى عائلة هيتشنغز التي عاشت واحدة من أطول وأغرب حوادث النشاط الماورائي في القرن العشرين.


بداية اللغز: مفتاح بلا باب

في صباح أحد أيام يناير من عام 1956، استيقظت الفتاة شيرلي هيتشنغز البالغة من العمر 15 عاماً لتجد مفتاحاً فضياً صغيراً فوق وسادتها. 

بدا المفتاح فخماً لكنه لم يفتح أي باب في منزل العائلة الكائن في شارع وايكليف رقم 63 في باترسي جنوب لندن. 

اختفى المفتاح لاحقاً كما ظهر، دون تفسير. لم تكن العائلة تعلم أن تلك كانت الشرارة الأولى لأسطورة مرعبة ستستمر اثني عشر عاماً.

ضوضاء تفوق قصف الحرب

تقول شيرلي: « لقد عشت القصف الجوي أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان الصوت مشابهاً تماماً… كأن القنابل تسقط من جديد».

في تلك الليلة، دوت أصوات طرق مدوية من أعماق المنزل، تبعتها أصوات خدش غريبة قادمة من الأثاث ذاته. ظن الجيران أن والد شيرلي، والي، في نوبة غضب، وقدموا شكاوى بسبب الضجيج، لكن الأسرة كانت تعيش في رعب حقيقي لا تفسير له.




أشياء تتطاير في الهواء

بعد ثلاثة أسابيع من الليالي المضطربة، بدأ ما هو أعجب. أواني المطبخ تطفو في الهواء ثم ترتطم بالجدران، والقفازات تضرب والد شيرلي كما لو أن يداً خفية ترتديها، والنعال تتحرك وحدها عبر الغرفة. بدا وكأن شيئاً غير مرئي يسكن البيت.

الهجوم الليلي

ذات ليلة، هرع أفراد الأسرة إلى غرفة شيرلي ليجدوها تطفو فوق السرير، ظهرها مقوس، والأغطية تُسحب عنها بقوة غامضة. حاولوا جذبها إلى الأرض وكأنهم في «شد حبل» مع كيان لا يُرى ، تقول شيرلي: «كنت أصرخ وأبكي، أشعر أني أفقد عقلي. ظنّت جدتي الكاثوليكية أنني ممسوسة بالشيطان» ، ومنذ تلك الليلة، أطلقت الأسرة على الكيان اسم «دونالد»، تشبيهاً بشخصية دونالد داك العصبية !

الشهرة والإعلام ولقاء صائد الأشباح

سرعان ما تسربت القصة إلى الصحف البريطانية، وأصبحت العائلة محور اهتمام الإعلام. حينها ظهر الباحث في الظواهر الغامضة هارولد تشيبيت (المعروف بـ "تشِب")، الذي رأى في ما يحدث نموذجاً كلاسيكياً لـ ظاهرة الأشباح الضاجة Poltergeist "بولترغايتست" وهو كيان خفي يرتبط غالباً بفتاة مراهقة لكن تشخيصه لم يهدئ شيرلي، بل زادها خوفاً، حتى قالت: «هذه نهايتنا... سنموت جميعاً».

الطرد الروحي الذي وصل إلى البرلمان !

قرر والدها الاستعانة بوسيط روحاني يُدعى هاري هانكس لتنفيذ طقس طرد الأرواح. غير أن الشرطة اقتحمت المكان بعد بلاغ مجهول يتحدث عن «شعوذة وسحر أسود»، فأوقفت الطقس قبل أن يبدأ ، أحدثت الحادثة ضجة وصلت حتى مجلس العموم البريطاني، ليناقش للمرة الأولى في تاريخه قضية "شبح" !

رسائل من المجهول

اقترح تشيبيت التواصل مع "دونالد" بطريقة مشابهة للويجا، فوزع بطاقات مكتوباً عليها حروف الأبجدية. بدأ الكيان يطرق حين يُشار إلى الحرف الصحيح، ثم تطور الأمر إلى كتابة رسائل ورسم رموز (منها زهرة الزنبق الفرنسية). كان يترك كل صباح عشرات الملاحظات مكتوبة، وأول رسالة كتبها كانت ببساطة: « شيرلي، لقد جئت ».

اعتراف مثير

زعم الكيان أنه لويس شارل، ابن الملك لويس السادس عشر والملكة ماري أنطوانيت، الذي تقول الروايات إنه مات صغيراً في السجن أثناء الثورة الفرنسية. لكن "دونالد" أكد أنه نجا من موته، وأنه الآن يتواصل من العالم الآخر.

الغريب أن بعض الرسائل احتوت على تفاصيل دقيقة عن حياة الأمير لم تكن معروفة إلا للمؤرخين، مما جعل الباحثين في حيرة من أمرهم، رغم أن تحليل الخط أشار إلى أن شيرلي هي من كتبتها بيدها !




حرائق وتهديدات

في ربيع عام 1956، تحول "دونالد" إلى كيان عدواني. بدأ بإشعال حرائق تلقائية في أنحاء المنزل، رغم أن الأسرة حبست أعواد الثقاب في المخبأ. أُصيب والدها بحروق غريبة وعليها علامات مخالب. كما حاول الكيان دفع جدتها إثيل على الدرج، وتكلم بصوت أمها الراحلة، ما أدى إلى انهيارها ووفاتها لاحقاً.

ولم تتوقف الهوسات هناك، فقد هدد «دونالد» بإيذاء الممثل البريطاني جيريمي سبنسر إذا لم تلتق به شيرلي، وتعرض الممثل فعلاً لحادث بعد أيام !

مطاردة خارج الجدران

ظنّت العائلة أن الرعب انتهى بوفاة الجدة، لكن الظاهرة بدأت تلاحق شيرلي خارج المنزل. في مكان عملها بخياطة الأزياء اختفت المقصات فجأة، فاتهموها بأنها «الفتاة المسكونة»، وطُردت من العمل. حتى خلال ظهورها في مقابلة على BBC، سُمعت أصوات الطرق المألوفة داخل الاستوديو !

قالت لاحقاً: «لقد دمر حياتي. سرق مني مراهقتي. حتى حين بلغت 21 عاماً لم أعد إنسانة طبيعية».

الرحيل الأخير لـ «دونالد»

انتقلت العائلة إلى منزل جديد عام 1964، لكن الشبح رافقهم. استمرت الظواهر حتى عام 1968 حين كتب «دونالد» آخر رسالة أعلن فيها أنه سيرحل إلى الأبد.

تقول شيرلي: « بالنسبة لأمي، كان رحيله كفقدان صديق، أما أنا وأبي فكنا في غاية السعادة ».

بعد اثني عشر عاماً من الرعب، انتهت القصة كما بدأت: بصمت غامض.

من الحكاية إلى الشاشة

لاحقاً، استحوذت شركتا Blumhouse Television وManiac Productions على حقوق القصة لتحويلها إلى مسلسل درامي ووثائقي، بعد نجاح بودكاست على شبكة بيب بي سي البريطانية  BBC بعنوان The Battersea Poltergeist.

كما نُشرت القصة في كتاب "أمير الأشباح في لندن" الذي كتبته شيرلي هيتشنغز مع الباحث جيمس كلارك، لتظل هذه الحكاية واحدة من أكثر الأساطير الموثقة إثارة في تاريخ بريطانيا الماورائي.


نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ