منذ العصور الأولى، لم يُختزل المال في ثقافات البشر إلى كونه ثمرة عمل فقط، بل عومل أيضاً كـ«قوة غير مرئية» يمكن استدعاؤها واسترضاؤها بطقوس ورموز. 
من بخور يُشعل في البيوت العربية، إلى مانترا هندوسية تُتلى على ضوء القمر، إلى شموع خضراء تُضاء في مدارس الويكا؛ تتقاطع هذه الممارسات على فكرة واحدة: توجيه النية ورفع «اهتزاز» الوفرة في حياة الإنسان.
من بخور يُشعل في البيوت العربية، إلى مانترا هندوسية تُتلى على ضوء القمر، إلى شموع خضراء تُضاء في مدارس الويكا؛ تتقاطع هذه الممارسات على فكرة واحدة: توجيه النية ورفع «اهتزاز» الوفرة في حياة الإنسان.
الطقوس العربية والإسلامية الشعبية
في الموروث الشعبي العربي، تُطرح وسائل يُنظر إليها بوصفها «روحانيات بيضاء» بنية البركة لا الإضرار بالآخرين، منها:
بخور المال
خلطات من اللبان والعود تُحرق مع تلاوة آيات مثل سورة الواقعة بنية الرزق، ويُبخر بها البيت أو المتجر.
الأوفاق والطلاسم
مربعات حروف وأعداد تُكتب بصيغ مخصوصة، تُعلق أو تُدفن على عتبة البيت؛ وهي تقع في نطاق السحر الشعبي وتُثار حولها تحفظات شرعية.
سبع عملات نحاسية
تُغسل بماء جرى التلاوة عليه في ليلة الهلال الأول، وتوزع في زوايا البيت رمزاً لبداية دورة طاقة جديدة.
الملك طارش والكشف عن الكنوز المدفونة
على هامش هذا التراث تروى حكايات عن «استحضار الملك طارش» بوصفه حارساً للكنوز المدفونة أو مؤثراً في الحظ المالي. وهذه المرويات - وإن كانت جزءاً من الفلكلور - لا يجوز العمل بها شرعاً، إذ تُعد استعانة بالجن، فضلاً عن ترافقها مع عمليات الاحتيال والابتزاز.تنويه ديني
تتضمن بعض الممارسات استعانة بكائنات غيبية (كالجن) أو استحضار «ملوك» للثروة، وهي محرمة شرعاً وتدخل في باب الشرك. ولو كان ثمة طريق مشروع خارق يضمن الرزق لاستعمله النبي محمد (ص) لنفسه ولأهله وقومه. لذلك يبقى الأصل في تحصيل المال: السعي، والتخطيط، والعمل، والتوكل.
الهند ومانترا الثراء
في الهندوسية تتجسد الثروة في الإلهة لاكشمي، سيدة الحظ والخصب. خلال عيد هندوسي "ديوالي" يُقام بوجا (طقس تعبدي) توضع فيها صورة لاكشمي على مذبح منزلي، تُزين بالزهور ويُحرق أمامها البخور، وتُتلى مانترا شائعة:
Om Shreem Mahalakshmiyei Namaha
« أنحني إجلالاً للإلهة ماهالاكسمي، وأطلب منها أن تغمرني ببركتها وسخائها ».
شرح المعنى:
Om (أوم): الصوت المقدس الذي يرمز إلى الجوهر الكوني وبداية كل شيء.
Shreem (شريم): المقطع الصوتي (بيجا مانترا) الخاص بطاقة الثروة والجمال المرتبطة بالإلهة لاكشمي.
Mahalakshmiyei (ماهالاكسمي): صيغة نداء أو توجه للإلهة ماهالاكسمي بصفتها مانحة الثراء والبركة.
Namaha (نَمَهَ): تعني "أُنحني إجلالاً" أو "أقدم احترامي وتبجيلي".
يرافق ذلك رموز مادية كأوان نحاسية تُملأ بالماء والعملات وتترك ليلًا في ضوء القمر، تجسيداً للتناغم بين الكوني (القمر) والمنزلي (المال). فلسفياً، تُوظّف الطقوس لتفعيل النية وترسيخ «شعور الاستحقاق»، لا بوصفها بديلاً عن العمل.
إفريقيا وكيس الحظ
في تقاليد إفريقية عديدة، تُعد أرواح الأسلاف مصدر بركة ورزق. من طقس الإراقة (صب قليل من الماء أو عسل النخيل على الأرض تكريماً للأجداد) إلى «حمّام المال» باستخدام أعشاب عطرية، يهدف الأداء الرمزي إلى فتح الطريق أمام «طاقة الوفرة». وفي امتدادات الفودو/الهودو يُستخدم كيس الحظ (Mojo/Gris-gris) المملوء بعملات وأعشاب وأحيانًا مواد رمزية أخرى، ويُحمل قرب الجسد باعتباره «دعاء موضوعاً في كيس».
السحر الغربي والشمعة الخضراء
تربط تقاليد الويكا في السحر الغربي اللون الأخضر بكوكب المشتري (رمز التوسع والوفرة)، لذا تُضاء شمعة خضراء ليلة الخميس (يوم المشتري) مع كتابة هدف مالي محدد. وتشيع «جرعات المال» بخلط القرفة والعسل وعملة معدنية في وعاء يُترك في زاوية من البيت، وكذلك تعويذة القمر الجديد - كتابة أمنية على ورقة خضراء وحرقها في أول الشهر القمري إيذاناً بدورة رزق جديدة. في الجوهر، تُستخدم الألوان والأعشاب ودورات القمر لهيكلة النية وتحويلها إلى فعل طقسي متكرر.
الرونيات الإسكندنافية: رموز الطاقة والثراء
في الموروث الإسكندنافي القديم، كان فن الرونيات (Runes) جزءاً من الممارسات السحرية والروحية التي يعتقد أنها تستحضر قوى الطبيعة الكامنة في الرموز. 
تُعد الرونيات حروفاً من الأبجدية الفوثاركية، لكنها عند السحرة والكهنة القدماء أكثر من مجرد لغة ، إنها طلاسم تحمل «ذبذبات كونية» متصلة بالعناصر الأربعة والقدر.
تُعد الرونيات حروفاً من الأبجدية الفوثاركية، لكنها عند السحرة والكهنة القدماء أكثر من مجرد لغة ، إنها طلاسم تحمل «ذبذبات كونية» متصلة بالعناصر الأربعة والقدر.
في طقوس جذب المال، تُستخدم رونيات محددة مثل Fehu (ᚠ)، رمز الثروة والممتلكات والازدهار، إذ يُرسم على ورق أخضر أو قطعة خشب طبيعية، ويُمسك أثناء التأمل مع ترديد نية الرخاء. تُرافق الطقوس أحياناً بإشعال شمعة ذهبية أو بخور الصنوبر، وكتابة الرون على قطعة نقدية تُحمل كتميمة.
في العصر الحديث، أعاد ممارسو الروحانيات في أوروبا وأمريكا إحياء هذه الطقوس تحت ما يسمى بـ«السحر الروني»، مؤكدين أن الرمز يعمل كمفتاح للطاقة ،  لا لاستحضار كيان خارق، بل لتفعيل الانسجام بين الوعي والطبيعة.
ويزعم أحد الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي ، ان الرون المركب التالي يجذب المال وهو يرسم على معصم اليد باللون الأسود أو الأحمر ، ومن الجدير بالذكر أن هناك وشوماً تستخدم الرموز الرونية لأهداف مختلفة:
ويزعم أحد الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي ، ان الرون المركب التالي يجذب المال وهو يرسم على معصم اليد باللون الأسود أو الأحمر ، ومن الجدير بالذكر أن هناك وشوماً تستخدم الرموز الرونية لأهداف مختلفة:
الصين ورقم الثروة
يُعد جذب المال في الثقافة الصينية فناً قائماً على التناسق بين الألوان والطاقة. فاللون الأحمر يرمز إلى الحظ والقوة، بينما الأصفر الذهبي يجسد الثروة والرفاه، لذلك تُزين البيوت والمحلات التجارية بقطع تجمع اللونين – كالقطع النقدية المربوطة بشرائط حمراء أو فوانيس ذهبية – لاستدعاء  تشي Qi  الطاقة الإيجابية.
يحتل الرقم 8 مكانة خاصة لأنه يُنطق بالصينية (با) قريباً من كلمة فا التي تعني «الازدهار» بعكس الرقم 4 الذي يرمز للموت (إقرأ عن معتقد تترافوبيا)،  لذا تُقام حفلات زفاف في تواريخ تحوي الرقم 8 ، وتُفتتح الشركات في أيامه، ويُعد عنوان المنزل الذي يحتوي على رقم 8 بشارة خير مالي.
أما الطقس الأبرز فهو وضع إناء من النقود والماء في الجهة الجنوبية الشرقية من المنزل – وهي زاوية «الثروة» في فلسفة الفنغ شوي مع إشعال شمعة أو بخور أحمر لإحياء طاقة الوفرة، لاعتقادهم بأن تدفق الماء يعني تدفق المال إلى البيت.
روحانيات العصر الجديد
أعادت موجة روحانات العصر الجديد الـNew Age صياغة السحر القديم بلغة «الطاقة والذبذبات»:
- قانون الجذب: «ما تركز عليه يتضخم»؛ أي أن التصور الذهني المتكرر للوفرة يشحن اللاوعي بسلوك داعم للهدف ، إقرأ المزيد عن قانون الجذب Law Of Attraction.
- البلورات: مثل السيتراين (يُلقب «حجر التاجر») وعين النمر ، تُستخدم رمزياً لتذكير الذات بالثقة والقرار المالي الشجاع. إقرأ المزيد عن معتقدات سحرية حول الأحجار الكريمة.
- فنغ شوي: تفعيل «ركن الثروة» (الجنوب الشرقي غالباً من المنزل أو المكان) بوضع نبات دائم الخضرة أو نافورة صغيرة رمزاً للتدفق والنمو.
حتى لو اختلفنا حول «طاقة الأشياء»، فإن هذه الأدوات تعمل- نفسياً- كمواثيق سلوكية تُذكر صاحبها بهدفه كل يوم.
التفسير الماورائي والنفسي
ماورائياً: تُفهم الثروة كوجه من وجوه «الطاقة الحيوية»؛ والطقس وسيلة لرفع اهتزاز الوفرة عبر اتحاد النية والرمز والشعور.
نفسياً: الطقوس تُقلل قلق المال وتمنح إيهام السيطرة، فتزيد الانتباه للفرص وتُحسن الجرأة على الفعل. التأكيدات اليومية، الطقوس الصغيرة، والبيئة الرمزية كلها تعمل كمرساة ذهنية تبني عادات مالية أفضل.  لا «قوة خارقة» مؤكدة هنا؛ بل تعزيز للسلوك عبر الإيحاء المنظم.
قانون الجذب : أداة عقلية لا بديلاً عن العمل
يستفيد الكثيرون من قانون الجذب كتمرين على وضوح الهدف والتصور وإحلال المشاعر الإيجابية محل الخوف. لكن الخلاصة العملية تقول: التصورات بلا خطة وتنفيذ وانضباط تتحول إلى أُمنيات مؤجلة. اجعل القانون محفزاً داخليًا، لا وصفة سحرية.
أساليب مجربة لكسب المال
بعد رحلة طويلة بين الطقوس والمعتقدات، آن الأوان للهبوط إلى أرض الواقع. فالثروة الحقيقية لا تُستحضر بالبخور أو التعويذات، بل تُبنى بالعقل والعمل والانضباط ، وما يلي هو خلاصة واقعية لما أثبتته التجربة :  أساليب مجربة لكسب المال لا تُدرسها المدارس، لكنها تمثل في جوهرها «طقوساً حديثة» قائمة على وضوح النية واستمرار العادة.
ثقافة المال أولاً
ضع ميزانية شهرية، سجّل مصروفاتك، ادخر تلقائياً (ادفع لنفسك أولاً)، وتجنب الديون الاستهلاكية. تعلم الفرق بين أصل (يدر مالاً) وخصم (يستنزف مالاً). هذه «أبجديات» مفقودة في التعليم التقليدي، لكنها تُغير المسار المالي جذرياً.
ابدأ مبكراً واستثمر بانتظام
استغل قوة الفائدة العائدة عبر استثمارات دورية طويلة الأجل (صناديق مؤشرات/أدوات منخفضة الكلفة، أو عقار مُدار بعقلانية). اجعل الاستثمار عادة شهرية صغيرة مستدامة، لا مغامرة موسمية كبيرة.
قم بتنويع مصادر الدخل
قم بتطوير مهارة قابلة للبيع (كتابة، تصميم، ترجمة، تحليل بيانات…)، وأطلق مشروعاً جانبياً صغيراً أو متجراً رقمياً. تنويع الدخل يرفع الأمان المالي ويُسرع الادخار والاستثمار.
خطة أهداف قابلة للقياس
حدّد أرقاماً ومواعيد: «ادخار 20% من الدخل»، «محفظة شهرية قدرها …»؛ راجع الخطة ربع سنوياً وعدّلها،  ما يُقاس يُنفذ.
إدارة المخاطر قبل العوائد
صندوق طوارئ (3–6 أشهر)، وتنويع الأصول، والابتعاد عن «الكل في سلة واحدة». اربح ببطء لكن بثبات.
استثمار مستمر في الذات
اتبع دورة تعليمية كل ربع سنة، إقرأ كتاب كل شهر، احصل على شهادة كل عام ، ارتفاع «قيمة السوق» لشخصك يسبق دائماً ارتفاع دخلك.
نظام لا حماس
التزم بـ روتين مالي (يوم لمراجعة المصروفات، يوم لتحويل الادخار، يوم لتتبع الاستثمار). الأنظمة تفوز عندما يخفت الحماس.
جوهر النصيحة
المال «يتجاوب» مع من يحترم قوانينه : وضوح الهدف، الخطة، الانضباط، والصبر، الأمر ليس هيناً كما يصوره بعض الجهلة، لكنه ممكن، ومن يثابر يرى الأثر تراكمياً.
بين الطقس والمهارة
تكشف رحلة «طقوس جذب المال» عبر الحضارات عن حاجة إنسانية عميقة إلى المعنى والطمأنينة في مواجهة الهشاشة الاقتصادية. تمنحنا الطقوس لغة رمزية لتهذيب النية وتثبيت الرجاء، وتمنحنا الأدوات الحديثة لغة عملية لتحويل النية إلى نتائج. وحين يلتقي الاثنان : إيمان هادئ وعمل منضبط تولد أعظم «تعويذة» واقعية: عقل واضح، وعادة ثابتة، وزمن يعمل لصالحك.
نبذة عن كمال غزال
 باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".
باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".





 
 

0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .