في قلب مدينة كوانتشو بمقاطعة فوجيان الصينية، يقف مبنى قديم على شارع جيويي يثير الرهبة والفضول معاً. فعلى الرغم من موقعه وسط منطقة تجارية مزدحمة، ظل هذا المبنى، المكوَّن من ثلاثة طوابق، رمزاً للغموض وواحداً من أشهر البيوت المسكونة في المنطقة، حيث تناقلت الأجيال حوله روايات عن لعنة قديمة وأحداث خارقة للطبيعة.
موقع استراتيجي وسمعة مريبة
يعود بناء هذا المنزل إلى الخمسينيات أو الستينيات، في فترة شهدت فيها كوانتشو نهضة معمارية بعد عقود من الاضطرابات. بُني على الطراز الغربي الذي كان نادراً في المنطقة، مما جعله يبرز بشكل لافت وسط المباني التقليدية المحيطة.
ومع ذلك، بدأت سمعته السيئة منذ سنواته الأولى، إذ تداول السكان قصصاً عن لعنة أو تعويذة دُفنت تحت أساساته، نتيجة خلافات غامضة بين المالك الأصلي وأطراف لم يُكشف عن هويتهم. هذه الإشاعة غذت الاعتقاد بأن المكان "ملوث روحياً"، وأن أي مشروع يقام داخله محكوم عليه بالفشل.
ومع ذلك، بدأت سمعته السيئة منذ سنواته الأولى، إذ تداول السكان قصصاً عن لعنة أو تعويذة دُفنت تحت أساساته، نتيجة خلافات غامضة بين المالك الأصلي وأطراف لم يُكشف عن هويتهم. هذه الإشاعة غذت الاعتقاد بأن المكان "ملوث روحياً"، وأن أي مشروع يقام داخله محكوم عليه بالفشل.
أساطير وقصص شعبية
1- قصة المتشردين والنوم المقلوب
من أكثر القصص غرابة التي تتداولها الألسن أن مجموعة من المتشردين قررت قضاء ليلة داخل المبنى خلال أحد فصول الشتاء القاسية. ناموا وهم يوجهون رؤوسهم نحو الغرب وأقدامهم نحو الشرق، لكن في الصباح اكتشفوا أنهم جميعاً قد انقلبت أوضاع نومهم 180 درجة، وكأن قوة خفية قامت بتدوير أجسادهم أثناء نومهم. شعروا برعب شديد، وغادروا المكان مسرعين وهم يقسمون ألا يعودوا إليه أبدًا. منذ ذلك الحين، لم يجرؤ أحد على قضاء الليل داخله.
2- الرجل العجوز في الطابق الثاني
يروي أحد الشباب المحليين أنه صعد إلى شرفة الطابق الثاني في إحدى الليالي بدافع الفضول، ليلقي نظرة إلى الداخل. في زاوية مظلمة، لمح رجلاً مسناً يجلس بلا حراك، يحدق في الفراغ بعينين غريبتين. أصيب الشاب بصدمة شديدة، ولم يمضِ وقت طويل حتى ألمّ به مرض غامض أضعف جسده، مما عزز الاعتقاد بأن المبنى مأهول بكائنات غير مرئية.
3- اللعنة المدفونة
هناك أيضاً رواية قديمة تقول إن تحت أساسات المبنى طلاسم وتعويذات دفنها أحد الخصوم لإيذاء المالك الأول وعائلته. في الثقافة الشعبية الصينية، تُعتبر الطلاسم المدفونة من أخطر أنواع السحر، إذ يُعتقد أنها تُطلق أرواحاً هائمة تتجسد في أصوات، وحركات غريبة، وأحياناً في مشاعر قوية كالغثيان والدوخة عند الاقتراب من الموقع. حتى اليوم، هناك من يتجنب المشي قرب المبنى، ويفضل الانتقال إلى الجهة الأخرى من الشارع لتفادي "طاقة المكان" كما يسمونها.
من منزل مسكون إلى مطعم شهير
رغم هذه السمعة المرعبة، حاول بعض المستثمرين استغلال شهرة المبنى.
التجربة الأولى
تحول المبنى إلى مطعم برغر تابع لسلسلة يابانية شهيرة عام 2012. في البداية، جذبت الفكرة الزوار الفضوليين الذين أرادوا استكشاف "المنزل المسكون"، لكن حب الفضول لم يكن كافياً، وسرعان ما تراجعت المبيعات وفشل المشروع.
التجربة الثانية
لاحقاً، افتتح مطعم راقٍ يقدم مأكولات إندونيسية وجنوب شرق آسيوية. استُخدمت رموز دينية في تصميمه مثل مقبض باب على شكل يد بوذا، وجدران مزينة برسوم فيلة، وهي رموز للحماية الروحية في المعتقدات البوذية والهندوسية.
هذا المطعم حقق نجاحاً أولياً، خاصة مع وجود سكان محليين لهم جذور في إندونيسيا وماليزيا، لكن بعد فترة قصيرة انهارت الشركة المالكة بشكل مفاجئ، لتعود دائرة الإهمال والفراغ إلى المبنى.
تجارب شخصية مع المكان
يصف بعض السكان مشاعرهم عند المرور بالمبنى:
غثيان ووهن جسدي: قالت إحدى النساء إنها تشعر بدوخة وغثيان لا يُحتملان إذا سارت بجواره، حتى أنها أصبحت تنتقل دائمًا إلى الجهة الأخرى من الطريق لتفاديه.
فضول الشباب: على الجانب الآخر، أصبح المبنى رمزًا للتحدي بين الشباب، حيث يزورونه ليلًا لالتقاط صور أو بث مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كنوع من اختبار الشجاعة.
انحسار الرهبة: مع تجديد المبنى مؤخراً وافتتاح مطعم جديد داخله، بدأ بعض السكان يقولون إنهم لم يعودوا يشعرون بالخوف كما في السابق، وكأن "طاقة اللعنة" بدأت تتلاشى.
وفي الختام ، يجمع المطعم المسكون في كوانتشو بين الأسطورة الشعبية ومحاولات البشر لاستغلال الغموض تجارياً. وسواء كان مأهولاً بالأرواح أو مجرد نتاج خيال محلي، يبقى رمزاً لتداخل الخرافة بالواقع وقوة المعتقدات في تشكيل علاقة الناس بالأماكن.
نبذة عن كمال غزال

0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .