![]() |
إعداد : كمال غزال |
تُعتبر التعويذات والأعمال السحرية من أكثر القضايا التي تثير القلق والخوف لدى الكثيرين، خصوصاً في المجتمعات التي تؤمن بوجود السحر وتأثيره على حياة الناس. وعند العثور على تعويذة مدفونة أو مخبأة، يواجه الإنسان مزيجاً من الحيرة والرهبة: كيف يتصرف ؟ هل يتركها، أم يتخلص منها، أم يلجأ إلى مختصين ؟ وهل هناك مخاطر من محاولة إبطالها بنفسه ؟
في هذا المقال، نستعرض رؤية بانورامية شاملة لكيفية التعامل مع التعويذة منذ لحظة العثور عليها وحتى التخلص منها بشكل آمن، مستندين إلى التراث الديني الإسلامي مع تضمين قصص واقعية حديثة تلقي الضوء على حجم الظاهرة.
ما هي التعويذة وما الذي يجعلها خطرة ؟
التعويذة أو الحجاب عبارة عن عمل سحري يتكون من عناصر مادية ورمزية، تُستخدم في السحر بقصد التأثير على الضحية، سواء لجلب منفعة أو إلحاق أذى. غالباً ما تحتوي التعويذات على : طلاسم مكتوبة أو رموز غامضة ، شعر أو أظافر أو دم يخص الضحية ، صور فوتوغرافية ، مواد غريبة مثل البيض، العظام، أو المعادن (كالرصاص) ، خيوط معقودة حيث يتم النفث فيها أثناء تلاوة تعاويذ سحرية ، أو حتى دمى سحرية.
وغالباً ما تُدفن التعويذات في أماكن صعبة الوصول، مثل:
المقابر (لزيادة فاعليتها حسب المعتقد الشعبي) ، الآبار والمياه الجارية ، أو عتبات البيوت أو داخل الجدران.
في القرآن الكريم نجد ذكراً لذلك في سورة الفلق: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} وهي إشارة واضحة إلى السحرة الذين ينفثون في العقد لربط السحر وإيذاء الناس.
وقائع تكشف حجم الظاهرة
1- حملة تنظيف المقابر في الجزائر
في شهر مايو 2025، أطلق ناشطون في الجزائر حملة تطوعية لتنظيف المقابر، لكنها تحولت إلى كشف ضخم لأعمال سحرية مدفونة. فقد تم العثور على مئات الطلاسم وخصل الشعر والملابس وصور الأطفال، مدفونة عمداً بين القبور ، وخصوصاً في مقبرة بولاية في ولاية سطيف.
انتشرت الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكد بعض المشاركين أنهم تعرفوا على ضحايا حقيقيين عانوا من مصائب غامضة تتطابق مع محتوى هذه الأعمال. هذه الحملة أثارت صدمة واسعة وأعادت النقاش حول ضرورة محاربة السحر والشعوذة قانونياً ومجتمعياً.
2- تجربة محمد من سوريا
محمد، شاب سوري في الرابعة والعشرين، روى لموقع ما وراء الطبيعة تجربته مع حجاب لم يكن يعلم خطورته ، فبعد مباراة كرة قدم متأخرة، عثرت محمد في حمام المدرسة على تعويذة ملفوفة بقماش أبيض. قام بفتحها في المنزل ووجد بداخلها طلاسم، خصلة شعر، وقطعة رصاص. فقام بحرق الورقة والشعر ورمي الرصاص.
منذ تلك الليلة بدأ محمد يسمع أصواتاً مرعبة ويرى ظلالًا غامضة، حتى كاد أن يصيبه الجنون بحسب روايته. كان يستيقظ مذعوراً ويرى أقداماً تهرول تحت نافذته ، وأحياناً يجد نفسه خارج البيت دون وعي ، بعد أسبوعين من المعاناة لجأ إلى شيخ قرأ عليه القرآن، وشعر بعدها براحة كبيرة وزال الكابوس، ومنذ ذلك الوقت عاهد نفسه بألا يقترب من أي شيء غامض مرة أخرى.
إقرأ المزيد من تفاصيل من تجربة محمد بعنوان لعنة التعويذة
إقرأ المزيد من تفاصيل من تجربة محمد بعنوان لعنة التعويذة
هذه القصة تبرز كيف يمكن للجانب النفسي والروحي أن يتداخل عند التعامل مع السحر، فمجرد لمس التعويذة أو فتحها قد يسبب اضطراباً نفسياً أو شعوراً بالإصابة، سواء كان السحر فعالاً أم لا.
المخاطر المحتملة عند لمس التعويذة
يعتقد كثير من الناس أن التعويذة نفسها تحمل قوة خفية، وقد يتعرض من يلمسها للأذى، سواء جسدياً أو نفسياً. ومن أبرز المخاطر:
- الأذى الروحي: يقال إن الأرواح الخادمة للعمل قد تنتقم ممن يحاول إبطاله.
- الأذى النفسي: مجرد الخوف والإيحاء يمكن أن يسبب كوابيس، قلق، وأعراضاً تشبه الإصابة بالسحر.
- المواد السامة: بعض الأعمال تحتوي على دماء أو أعشاب سامة أو أدوات حادة، ما يجعل لمسها خطراً صحياً.
- ردة فعل الساحر: قد يحاول الساحر وضع عمل آخر لتعويض ما فُكّ، أو إيذاء من أفسد عمله.
تنبيه شرعي
رغم هذه المخاطر، فإن القرآن الكريم يطمئن المؤمنين بأن السحر لا يضر إلا بإذن الله: { وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } – (البقرة: 102)
كيفية التعامل مع التعويذة – الخطوات الشرعية
في الإسلام، السحر حرام، وإبطاله واجب بالطرق الشرعية بعيداً عن الشعوذة أو السحر المضاد. وقد حدد العلماء منهجاً واضحاً:
1- التحصين قبل التعامل
- الوضوء والصلاة ركعتين بنية الاستعانة بالله.
- قراءة آية الكرسي والمعوذتين وسورة الفاتحة.
- قول: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" ثلاث مرات.
2- تلاوة الآيات أثناء فك التعويذة
تُفكّ العقد أو اللفائف بهدوء، مع قراءة سور : الفلق والناس ، أول وآخر آيتين من سورة البقرة ، آية الكرسي ومن ثم النفث الخفيف على التعويذة أو على ماء نظيف يُستخدم لاحقاً في التنظيف.
3- إتلاف التعويذة
هناك عدة طرق شرعية:
- النقع في ماء مقروء عليه قرآن حتى تذوب الكتابات.
- الحرق مع قراءة القرآن، ثم دفن الرماد في مكان طاهر بعيد.
- الدفن المباشر بعد فك العقد وإبطالها.
4- تطهير المكان
رشّ الماء المقروء عليه القرآن في المكان الذي وُجدت فيه التعويذة، خصوصاً في أركان البيت أو مكان الدفن.
خطورة التخلص من عمل السحر بدون تحصين مسبق
غالباً ما يتم التخلص من أعمال السحر - عن جهل - من خلال القيام بفعلٍ ظاهري بسيط (كالحرق أو الرمي)، لكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية: قد يطلق الحرق دخاناً أو أبخرة تحرر رموزاً أو طاقات مدعاة أو تهيج كيانات مرتبطة بالعمل، ما يسبب تصعيداً في الأعراض على الضحية (كوابيس، ضيق، وساوس) أو جذب انتقام من الفاعل إذا كان يعلم بالأمر. الحرق العشوائي قد يحرر مواد سامة أو ينشر بقايا بيولوجية (شعر، دم) وتكون مصدراً صحياً وبيئياً خطراً، كما أن رد الفعل العاطفي والهيجاني أثناء التخلص يسهل استغلال الخوف من قبل المشعوذين.
لذلك الأجدر قبل أي إتلاف أن تُؤدّى الرقية الشرعية بتمعن، أن يُرتدى القفازات، أن يُستخدم ماء مقروء عليه للغمس أو الرش، وأن يُوثّق المشهد قانونياً إذا احتوى على أدلة جنائية؛ ويفضل أن يتم الإتلاف تحت إشراف راق موثوق أو شخص متدين حكيم بهدوء وبنية الاستعانة بالله. تجنب المواجهة الفردية أو السحر المضاد، واستمر بالتحصين والمتابعة الروحية والنفسية بعد التخلص.
كيف تحمي نفسك من شر التعويذة ؟
الوقاية خير من العلاج، وقد وردت نصوص كثيرة تحث على التحصين:
قراءة سورة البقرة في البيت، إذ قال النبي محمد (ص) : "إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة".
المداومة على أذكار الصباح والمساء، وأهمها:
- المعوذات ثلاث مرات.
- آية الكرسي.
- "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
- التوكل على الله والبعد عن السحرة والمشعوذين.
- الصدقة والدعاء، فهما من أسباب الحفظ الروحي.
التخلص من الحجاب أو تعويذة الحماية والشفاء
قد يواجه البعض حجاباً أو تعويذة مكتوباً عليها أنها للوقاية أو الشفاء، وليس للإيذاء. في هذه الحالة يظل الأصل الشرعي واحداً: الاعتماد على الله لا على الورق.
إذا احتوى الحجاب على آيات قرآنية، فلا يجوز حرقه. يُغمس في ماء مقروء عليه القرآن ثم يُدفن في مكان طاهر أو يُسكب ماؤه في نهر جارٍ.
إذا كان لا يحتوي آيات، فيُعامل كباقي الأعمال السحرية: التحصين أولًا، ثم الإتلاف عبر النقع أو الحرق أو الدفن.
إذا شككت في نية صانعه، فالأفضل استشارة شيخ أو راقٍ موثوق قبل التصرف، وتوثيق الأمر إذا كان هناك شبهة جنائية.
تجربة عبد الله من عُمان
كتب عبد الله من عُمان تجربته ثم أرسلها ألى موقعنا موقع ما ورء الطبيعة Paranormal Arabia قائلاً إنه وجد ورقة ملفوفة في أحد الأودية، فقرأ عليها آية الكرسي ثم غسلها بماء الوادي. وقد كان تصرفه صائباً من حيث نية التخلص والتحصين، إلا أن الأكمل كان أن يضيف قراءة المعوذتين مع آية الكرسي، وأن يتأكد من عدم احتواء الحجاب على آيات قرآنية قبل أي حرق أو تمزيق.
الصورة التي أرسلها لعبت دوراً في تفسير محتوى الحجاب، إذ تبيّن أنه يضم مربعاً سحرياً (وفقاً) مجموع أرقامه 178، وغالباً ما يُستخدم – بحسب بعض الموروثات الروحانية – لطلب المراتب العليا أو الشفاء. إلا أن هذه التفسيرات ليست شرعية ولا يُبنى عليها حكم، فالله وحده أعلم بما أُريد به.
تصرف عبد الله بالغسل مع التحصين كان صحيحاً وآمناً، وهو أفضل من ترك العمل في مكانه أو التعامل معه بتهور.
بين الوهم والحقيقة
كثير من الحالات التي تبدو سحرية قد يكون لها تفسير نفسي أو علمي، مثل:
- الإيحاء الذاتي والخوف الشديد.
- اضطرابات النوم مثل الشلل النومي.
- القلق والاكتئاب الناتج عن التوتر الاجتماعي.
لكن في بعض الحالات، تبقى هناك ظواهر غير مفسرة، ويظل التعامل معها بحذر واحترام للمعتقدات أمراً واجباً.
إقرأ المزيد في مقال هل يؤثر السحر فعلاً ؟ تحليل نفسي اجتماعي لظاهرة مستمرة
إقرأ المزيد في مقال هل يؤثر السحر فعلاً ؟ تحليل نفسي اجتماعي لظاهرة مستمرة
وفي الختام ، ليس إبطال التعويذة مجرد عمل مادي، بل هو مواجهة روحية ونفسية تتطلب إيماناً بالله، حذراً عملياً، ومعرفة شرعية ، تكشف الوقائع الراهنة حملة تنظيف المقابر في الجزائر أو تجربة محمد أن السحر ما زال واقعاً في حياة الناس، وأن الوعي والوقاية هما السلاح الأقوى من خلال تحصين النفس والبيت، والالتزام بالرقية الشرعية، والابتعاد عن السحرة، يمكن للمؤمن أن يعيش مطمئناً، مهما حاولت قوى الظلام النيل منه.
نبذة عن كمال غزال

0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .