1 أكتوبر 2025

فيزياء الكم وقانون الجذب: عندما تتحول الفكرة إلى واقع

استكشاف الصلة بين قانون الجذب وفيزياء الكم -- هل تتحول الفكرة إلى واقع ؟
إعداد: كمال غزال

لطالما سعى الإنسان لفهم العلاقة بين الفكر والواقع ، في جانب ما، نجد قانون الجذب Law Of Attraction الذي يؤكد أن ما تفكر به وما تركز عليه يمكن أن يتحول إلى حقيقة ملموسة في حياتك.

وفي جانب آخر، تقف فيزياء الكم Quantum Physics، أكثر فروع الفيزياء غرابة، حيث يبدو أن المراقبة بحد ذاتها تغير من طبيعة الأشياء في المستوى دون الذري ، لكن هل هناك رابط حقيقي بين الاثنين ؟ أم أن الأمر مجرد استعارة فلسفية ؟


قانون الجذب

قانون الجذب يقول إن أفكارك تجذب واقعك، إذا ركزت على الوفرة، ستجذب ظروفاً تزيد من وفرتك، وإذا غلب عليك التفكير السلبي، فسترى واقعك يعكس ذلك ، الفكرة ليست جديدة، بل هي امتداد لمفاهيم قديمة في التصوف والفلسفة الشرقية، لكنها انتشرت في العصر الحديث مع كتب مثل السر وبرامج التنمية الذاتية يمكنك مشاهدة فيلم قانون الجذب.

فيزياء الكم

عندما ننظر إلى العالم من حولنا، نتوقع أن كل شيء يسير وفق منطق مألوف: الكرة إذا رميتها تسقط، الضوء ينير الغرفة، والسيارة تتحرك بقوانين معروفة. لكن إذا غصنا في أعماق المادة، إلى عالم الذرات والجسيمات دون الذرية، نكتشف أن القوانين التي تحكم ذلك العالم مختلفة تماماً، بل تتحدى المنطق الذي اعتدنا عليه.

هذا هو عالم فيزياء الكم: عالم مليء بالاحتمالات والغرابة، حيث تسلك الأشياء الصغيرة جداً سلوكا لا يشبه ما نراه في حياتنا اليومية.

- ازدواجية الموجة والجسيم: الجسيمات مثل الإلكترونات يمكن أن تكون في حالة موجية أو جسيمية بحسب طريقة القياس.

- التراكب الكمي: الجسيم قد يكون في حالات متعددة في نفس اللحظة إلى أن تتم مراقبته.

- انهيار الدالة الموجية: عند المراقبة، تنهار جميع الاحتمالات إلى نتيجة واحدة محددة.

- تأثير المراقب: الفعل البسيط للقياس أو المراقبة يغير من النتيجة.

- التشابك الكمي: جسيمان قد يرتبطان بحيث يؤثر أحدهما في الآخر فورياً، مهما ابتعدا.


أين يلتقي عالم الكم مع قانون الجذب ؟

رغم أن فيزياء الكم علم دقيق قائم على التجارب، وقانون الجذب فكرة أكثر فلسفية وروحية، فإن هناك من يحاول إيجاد قواسم مشتركة بينهما. وهذه أبرز نقاط التشابه التي يطرحها أنصار هذا الربط:

المراقبة - مقابل - التركيز الذهني

في عالم الكم، مجرد مراقبة الجسيم تغير النتيجة، وكأن المراقب يوجه الاحتمالات نحو خيار واحد. يشبّه أنصار قانون الجذب هذا الأمر بالتركيز الذهني: عندما تركز فكرة أو نية في عقلك، فأنت بشكل رمزي  توجه مسار الأحداث ليأخذ شكلاً معيناً في واقعك.

التراكب - مقابل - الإمكانات المتاحة

الجسيم الكمي قد يوجد في عدة حالات في الوقت نفسه، إلى أن يُقاس فينحصر في حالة واحدة فقط. هذا يشبه حياتنا اليومية؛ فكل إنسان أمامه عشرات الاحتمالات والمسارات الممكنة، لكن القرار الذي يركز عليه بفكره ونيته هو الذي يتحول إلى الواقع الملموس.

التشابك - مقابل - الترابط الكوني

في الكم، يمكن لجسيمين أن يصبحا متشابكين بحيث يؤثر أحدهما في الآخر لحظة بلحظة، مهما ابتعدا. يستدل أنصار قانون الجذب بهذا على أن الكون كله شبكة مترابطة من الطاقات والاحتمالات، وأن ما تفكر به أو تشعر به قد يتردد صداه في هذا النسيج الكوني، فينعكس عليك في صورة أحداث أو ظروف.

حدود العلم والانتقادات

رغم جمال التشبيه، إلا أن هناك نقاط يجب توضيحها:

- المراقبة في الكم فيزيائية وليست ذهنية: القياس يعني تفاعلاً مادياً مع النظام، وليس مجرد التفكير به.

- تأثير الكم محدود بالنطاق الذري: الظواهر الكمية لا تنتقل بسهولة إلى عالمنا الكبير بسبب “فقدان التوازي” (decoherence).

- غياب الأدلة التجريبية: لم تُثبت أي تجربة علمية أن الأفكار وحدها تغير الواقع المادي.

- إساءة استخدام المفاهيم العلمية: ما يُعرف بـ “التوافيق الكمية الزائفة” (Quantum Woo) يستخدم ألفاظ الكم كزينة لإضفاء الشرعية على أفكار غير مثبتة.

البعد الفلسفي والروحي

مع ذلك، تبقى الأسئلة قائمة:

هل الوعي مجرد نتاج للدماغ، أم أن له دورًا في تشكيل الواقع ؟ 

هل قد يكون المستقبل كاشفاً لعلاقة أعمق بين الفكر والمادة ؟

أليس من الممكن أن يكون العلم اليوم عاجزاً عن أدوات تقيس ما يُسمى “نية الإنسان” كما يقيس الإلكترون والفوتون ؟

الربط بين فيزياء الكم وقانون الجذب يظل إلى الآن أقرب إلى الاستعارة الفلسفية منه إلى الحقيقة العلمية. لكن القيمة الحقيقية تكمن في أنه يفتح أبواب التساؤل: 

هل وعينا شريك في خلق العالم الذي نعيشه ؟

قد لا يملك العلم الجواب النهائي بعد، لكن المؤكد أن رحلة البحث نفسها تضيف معنى جديداً لفهمنا لذواتنا وللكون.

نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ