6 سبتمبر 2025

تجربة الموت الوشيك المروعة : سكرات الموت عن الجحيم



تجارب اقتراب الموت المروعة - رؤى الجحيم والعذاب
إعداد : كمال غزال
حين نسمع عن تجارب الموت الوشيك NDE ، غالباً ما يتبادر إلى أذهاننا ذلك النفق المضيء، الإحساس بالسلام، لقاء الأحبة الراحلين، أو رؤية مشاهد توحي بالسكينة والطمأنينة. في الواقع يُروج لهذه الصور الإيجابية بكثرة في الكتب والبرامج الوثائقية، مثل كتاب الطبيب رايموند مودي الشهير حياة بعد حياة  Life After Life.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هناك نوعاً مظلماً ومروّعاً من هذه التجارب، حيث لا يرى الشخص جنة ولا نوراً، بل يواجه مشاهد من الفوضى والعذاب تصفها بعض الشهادات بأنها أقرب إلى الجحيم بعينه.

مع هذه التجارب نادرة نسبياً، لكنها أكثر تأثيراً على حياة أصحابها، وغالباً ما تتركهم في صدمة نفسية عميقة تدفعهم لتغيير مسار حياتهم بالكامل.

ما هي تجارب الموت الوشيك ؟

تجربة الموت الوشيك Near Death Experience أو ما يرمز لها اختصاراً بـ NDE هي حالة يمر بها أشخاص كانوا على حافة الموت، سواء نتيجة توقف القلب، الغرق، الحوادث، أو العمليات الجراحية الكبرى ، خلال تلك اللحظات، يصف بعضهم خروج وعيهم من الجسد، رؤية أحداث من منظور علوي، أو المرور بنفق مضيء ينتهي بعالم آخر.

تشير الدراسات إلى أن 80% تقريباً من هذه التجارب ذات طابع إيجابي: نور ساطع، إحساس بالحب، أو لقاء كائنات روحية ، لكن 20% منها تقريباً تكون مروعة، حيث يواجه الشخص ظلاماً خانقاً، أصوات صرخات، مخلوقات مخيفة، أو حتى عذاباً شديداً شبيهاً بالتصورات الدينية عن الجحيم أو جهنم.

ملامح التجارب المروعة

الذين مرّوا بهذا النوع يصفون بعض العناصر المشتركة، منها:

1- ظلام خانق أو فوضى عارمة

بدل النفق المضيء، يجد الشخص نفسه في مكان خالٍ من النور، كهاوية أو كهف لا نهاية له، يصاحبه شعور بالضياع والعزلة المطلقة.

2- أصوات مرعبة وصراخ بشري

يذكر بعض الناجين أنهم سمعوا صرخات بشرية مخيفة، أو أصوات همسات مشوهة تشبه الطلاسم، مما يزيد من إحساسهم بالرعب والتهديد.

3- كيانات غامضة ومخيفة

بدلاً من رؤية الأحبة أو الملائكة، يظهر أشخاص أو مخلوقات مشوهة الملامح، أحياناً تتخذ هيئة أصدقاء أو عائلة لكنها سرعان ما تكشف عن طبيعتها العدائية، كما لو أنها تحاول جذب الشخص نحو الأعماق.

4- مشاهد عذاب وجحيم

في بعض الحالات، يصف الناجون مشاهد نار، سلاسل، أو كائنات تعذب الأرواح، مشبهين ذلك بما يصفه التراث الديني عن العذاب الأخروي.

5- شعور عميق بالذنب والرفض

يُهيمن على التجربة إحساس أن الشخص مرفوض أو مدان، وكأن كيانه مهدد بالتمزق، مما يثير مشاعر ندم وجلد ذات غير مسبوق.

حالات موثقة

1- تجربة "كريستين" على موقع NDERF

إحدى الشهادات الحديثة نشرت على موقع NDERF المتخصص بتجارب الاقتراب من الموت ، تصف صاحبتها أنها رأت في البداية حقلاً مضيئاً وجميلاً، لكن حين اقتربت تحولت المناظر إلى جحيم مليء بجثث متفحمة وكائنات تشبه الشياطين، بينما كانت أصواتهم تصرخ بلغات غير مفهومة ، تقول كريستين: " شعرت أنني إن دخلت أكثر، فلن أعود أبداً. كنت سأبقى هناك للأبد."

2- تجربة الطبيب جورج ريتشي

يُعد الطبيب الأمريكي جورج ريتشي من أوائل من نشروا تجاربهم في منتصف القرن العشرين. بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد، توقف قلبه لعدة دقائق ، يصف ريتشي أنه وجد نفسه يسبح في ظلام حالك، محاطاً بكائنات غريبة تتصارع بعنف، كأنها تلتهم بعضها بعضاً. شعر أنه في مكان يُمثل رمزاً للانفصال التام عن الحب والرحمة. هذه التجربة دفعته لاحقاً لترك الإلحاد والبحث الروحي العميق.

2- تجربة ماري نيل

نجت الدكتورة ماري نيل وهي جراحة عظام من حادث غرق في نهر بأمريكا الجنوبية ، في البداية رأت مشاهد نور وسلام، لكن فجأة، انجذبت إلى منطقة من الظلام، حيث سمعت صرخات وأصوات مخيفة تصفها بأنها أبعد ما يكون عن عالم البشر ، تقول ماري إن عودتها للحياة كان قراراً لم يكن بيدها، وكأن قوة خارجية أعادتها بالقوة.


تفسيرات دينية: تحذير أم اختبار ؟

من منظور ديني، ترى الكثير من المعتقدات أن التجارب المروعة ليست عشوائية، بل هي:

- تحذير إلهي للشخص كي يراجع حياته ويتوب عن أخطائه.

- اختبار روحي يكشف له طبيعة العالم الآخر وما ينتظره إن استمر في مساره الحالي.

- في بعض التفسيرات الإسلامية، يرتبط هذا النوع من التجارب بـ"سكرة الموت" ولقاء الملائكة أو الشياطين عند مفارقة الروح للجسد.

التفسيرات العلمية والنفسية

يقدم العلماء عدة فرضيات لتفسير الجانب المروع من تجارب الموت الوشيك:

1- نشاط الدماغ تحت الضغط

عند نقص الأوكسجين، يفرز الدماغ مواد كيميائية تخلق هلوسات قوية ، النفق المضيء أو الجحيم قد يكون ناتجاً عن نشاط عصبي غير متوازن.

2- اللاوعي والرموز الدينية

قد يعكس محتوى التجربة موروث الشخص الثقافي والديني ، فمن يحمل تصوراً سلبياً عن الموت قد يرى مشاهد عذاب بدل الراحة.

3- تجربة "تفكك الأنا"

يشير بعض علماء النفس إلى أن شعور الانفصال والتهديد يمثل انهيار الهوية النفسية، مما يُترجم بصرياً في شكل كائنات وعداء وظلام.

تأثير هذه التجارب على الناجين

اللافت أن أصحاب التجارب المروعة غالباً ما يعودون للحياة وهم أشخاص مختلفون تماماً:

- يصبحون أكثر تديناً أو اهتماماً بالقيم الروحية.

- يبتعدون عن السلوكيات التي يعتبرونها "خاطئة".

- قد يصابون بصدمات نفسية واضطرابات نوم، مثل الكوابيس المتكررة أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

- البعض يصف حياتهم بعد التجربة بأنها محاولة دائمة لتجنب العودة لذلك المكان المظلم.

بين الخوف والفضول

سواء كانت هذه التجارب بوابة إلى عالم آخر أو مجرد ظواهر دماغية معقدة، فإنها تبقى واحدة من أكثر الظواهر غموضاً في الوعي البشري، تذكرنا التجارب المروعة تحديداً بأن الموت ليس دائماً طريقاً نحو السلام، وأن النفس البشرية تحمل في أعماقها ما قد يتحول إلى جحيم حقيقي.

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل هذه الرؤى نافذة على مصير الأرواح، أم مجرد انعكاس لمخاوفنا الأعمق في لحظة الاحتضار ؟

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ