بيت الأبرش في دمشق : أسطورة مكان "مسكون"

بيت الأبرش المسكون بالجن في دمشق الجسر الأبيض

إعداد : كمال غزال

في قلب حي الجسر الأبيض الدمشقي، يطل مبنى حجري قديم بواجهته الكئيبة ونوافذه المغلقة منذ عقود، ليتحول إلى واحد من أشهر أماكن الرعب في ذاكرة المدينة.

يُعرف بين الناس باسم منزل الأبرش، وتُنسج حوله قصص عن الجن، اختفاء العائلات، وأحداث غامضة وقعت داخله.

ما بين الروايات الشعبية المتداولة والتقارير الصحفية التي حاولت التحقق، يبقى المنزل علامة فارقة في الفولكلور الحضري الدمشقي.

الأساطير والحكايات الشعبية

1- بناء على مقبرة

يُقال إن الأرض التي بُني عليها المنزل كانت مقبرة قديمة، وإن ذلك جلب لعنة على كل من سكنه.

2- العمال الذين لقوا حتفهم

تتداول القصص أن أكثر من 13 عاملًا لقوا مصرعهم أثناء البناء، بعضهم سقط فجأة من السلالم كما لو أن يداً خفية دفعتهم.

3- اختفاء عائلة كاملة

من أكثر الحكايات رعباً أن عائلة الأبرش التي سكنت المنزل في الأربعينيات اختفت بشكل غامض، تاركة خلفها ملابسها وأموالها ومجوهراتها. وتُروى قصة مذكرات وُجدت لأحد الأبناء كتب فيها جملة مرعبة: " أمي لا تتكلم، أبي يأكل كل شيء، أختي تضحك وتمشي... وأنا أيضاً سأفعل."

4- ظواهر ليلية

يؤكد بعض سكان الحي أن أضواء البيت كانت تشتعل وتنطفئ من تلقاء نفسها، وأن أصواتاً غريبة تُسمع ليلاً. ومن النصائح المتداولة: "إذا سمعت صوت والدتك يناديك في هذا البيت، فلا تلتفت... فذلك ليس صوتها."

5- المستأجرون العابرون

- فريق بحث روسي يقال إنه استأجر المنزل يومين فقط قبل أن يُقدم أحد أفراده على الانتحار.

- عائلة عراقية نازحة فقدت طفلها فجأة أثناء سكنها فيه.

- مجموعة من المعلمات أصبن بالصرع وتساقط الأسنان بعد فترة قصيرة من الإقامة فيه.

توظيف الأسطورة في الإعلام والسينما

تحول البيت إلى مادة فنية؛ فقد أُنتجت أعمال قصيرة وفيلم مستقل بعنوان “ الجسر الأبيض ” استلهم نصف أحداثه من هذه الحكايات الشعبية، مما ساعد على إعادة انتشار القصة في وسائل التواصل الاجتماعي.

رأي المشككين والموثقين

1- موقف العائلة المالكة

رائد الأبرش، أحد أفراد العائلة، صرح في مقابلات صحفية أن البيت مملوك لعائلته منذ ستينيات القرن الماضي، وأن كل القصص عن الجن والاختفاء “مجرّد أقاويل لا أساس لها”.

2- شهادة الجيران

بعض سكان الحي المجاورين أكدوا أنهم لم يسمعوا أو يشاهدوا أي ظواهر غريبة طوال عشرين عاماً معتبرين أن سمعته الأسطورية قد تكون لأسباب تتعلق بالنزاعات العائلية أو تركه مغلقاً لفترات طويلة.

3- القراءة الصحفية

تحقيقات صحفية أوضحت أن مظهر البيت المهجور - بأبوابه المغلقة وواجهته المتداعية - ساعد على تغذية الخيال الشعبي، وأن السبب الحقيقي لبقائه مغلقاً قد يكون إدارياً أو وراثياً أكثر منه “ماورائياً”.

وختاماً ، بيت الأبرش في الجسر الأبيض ليس مجرد منزل قديم، بل تحول إلى أسطورة حضرية تعكس العلاقة بين المكان والخيال الجمعي. فبينما يراه البعض بيتاً مسكوناً بالجن والأرواح الشريرة، ينفي المالك والجيران تلك الادعاءات ويرونها محض إشاعات غذتها سنوات الهجران.

يبقى المنزل اليوم شاهداً على كيف يمكن أن تتحول الأبنية المهجورة إلى مسارح للخيال والروايات الشعبية، حتى لو لم تُثبت التحقيقات أي دليل مادي على “المسكونية”.

نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".