23 سبتمبر 2025

قلعة تشيلينغهام المسكونة

قلعة تشيلينغهام المسكونة بالأشباح في بريطانيا
إعداد : كمال غزال
تقع قلعة تشيلينغهام Chillingham Castle في نورثمبِرلاند قرب الحدود مع اسكتلندا.

نشأت كـ نُزُل أو دير في أواخر القرن الثاني عشر، ثم أصبحت معقلاً عسكرياً ارتبط بحملات الملوك الإنجليز وحروب الحدود، زارها الملك إدوارد الأول عام 1298 في طريقه لمواجهة ويليام والاس، ثم تحولت عبر القرون من حصنٍ رباعي الرواسي إلى مقر أرستقراطي ذي قاعات رسمية وحدائق إيطالية، قبل أن تهترئ بعد الحرب العالمية الثانية وتستعيدها عائلة ويكفيلد بترميم طويل منذ ثمانينيات القرن الماضي. 


من أكثر القلاع المسكونة بالأشباح

اختلاط تاريخها الدموي (حروب، حصارات، سجون وأقبية) مع ذاكرة محلية عريقة صنع سمعتها «الأشهر رعباً في إنجلترا». 

 تسرد المادة المعلنة داخل القلعة وخارجها  نماذج منتظمة من الأصوات والبرودة الموضعية والظهورات؛ حتى إن إدارة القلعة تُقدم جولات أشباح ليلية و«مطاردات» تحقيقية مفتوحة للهواة مع أجهزة تسجيل وقياس حقول كهرومغناطيسية. 

أبرز الأشباح والكيانات


الصبي الأزرق The Blue/Radiant Boy

يُعتبر أشهر الأطياف وهي عبارة عن هالة زرقاء تسبق ظهور طفلٍ بثياب زرقاء في «الغرفة الوردية»، حيث كان أنينه يُسمع ليلاً من داخل الجدار نفسه. في ترميمٍ أوائل القرن العشرين عُثر خلف الجدار على عظام طفل وفتات قماش أزرق دفنت لاحقاً؛ تقول روايات القلعة إن الظاهرة خمدت ثم عادت أحياناً كهالة ومضة بلا تفسير كهربائي في ذلك الحائط تحديداً. 

ليدي ماري بركلي The Grey Lady

هي زوجة اللورد غراي التي هجرها زوجها مع أختها هنرييتا في مطلع القرن الثامن عشر. يشير كُتيب القلعة إلى أنها «لا تزال» تجوب الممرات؛ يبلغ الزوار عن خشخشة حريرٍ وانخفاض مفاجئ في الحرارة مع مرورها. 

السيدة البيضاء في المخزن

تظهر في «المخزن الداخلي» حيث كان تُحرس الفضة. يصف الكتيب حادثة خادم استيقظت أمامه امرأة شاحبة تطلب ماء ثم تذكر أن الباب محكم من الداخل، فالتفت فلم يجد أحداً. تكررت الشهادة لزوار لاحقين وفسرها بعضهم بكونها ضحية تسميم قديم. 

غرفة التعذيب

تعرض القلعة حالياً غرفة مورس فيها أشكال مروعة من التعذيب ضمن الجولات، يُذكر هنا اسم «جون ساج» كجلاد أسطوري من زمن إدوارد الأول، غير أن بعض المراجع الإقليمية والمدونات التاريخية تنبه إلى ضعف الدليل التاريخي على شخصيته، مرجحة أن قصته تسويق لاحق زاد قتامة السرد. يبقى المكان نفسه بصرف النظر عن الأسطورة أحد أكثر نقاط القلعة إزعاجاً للزوار والتحقيقات. 



تجارب واقعية

يسرد كتيب القلعة الذي يعود إلى عام 1925 بواسطة  كونتِس تانكرفيل وقائع شخصية منها سقوط حجارة في «غرفة الكتابة» ليظهر خلف الحائط هيكلان عظميان (رجل وطفل) قرب باب يفضي إلى أقبية تحتية؛ وتشير إلى «أصوات رجال يتحدثون في المكتبة تتوقف حال الإصغاء»، وإلى غرف يفر منها الخدم تحت وطأة إحساس بـ "ثقل موحش" ، هذه الشهادات، وإن كانت ذاتية، باتت جزءاً من الذاكرة الرسمية للمكان. 

تروي مدونة The Haunted Palace Blog وهي مختصة بجولات تحقيق ميدانية في الأماكن المسكونة بالأشباح أنه في إحدى جولات هالوين الليلية التي قام بها محققو الظواهر الغامضة قد شهدوا ظلالاً وسمعوا صفيراً وهمسات وحصلت معهم صدمات فجائية،  وأن بعض المشاركين اضطربت أحوالهم وخرجوا، لكن كاتب المقال يوثق شكه التقني في الصور عن ملاحظة «أجرام الضوئية (Orbs)» مرجحاً أنه ناجم عن غبار أو رطوبة أو حشرات. إضافة إلى "الفزعٍ الإيحائي" ، إقرأ المزيد عن كيف تظهر الأشباح في الصور ؟ وما هي حقيقتها ؟


في عام 2024 قضى فريق  IFLScience تجربة قضاء ليلة كاملة في القلعة مدعومين بأجهزة رصد النشاط الماورائي لكشف شذوذات في المجالات المغناطيسية EMF ومسجلات الضجيج الأبيض  Spirit Box بما يعرف بـ ظاهرة الصوت الإلكتروني EVP . سجلوا أجواء عالية الإيحاء وأبواب تُصفق وكلمات مقتطعة من الأجهزة لكنهم لم يثبتوا «دليلاً قاطعاً» على ظاهرة خارقة، مرجحين تأثير الإيحاء ، إقرأ عن صيد أشباح أم تقفي أسطورة ؟




القلعة «تجعلك تشعر» بوجود شيء - سواء كان ذلك أثر ذاكرة المكان، أو اقتراحاً نفسياً قوياً، أو ظاهرة لا تفسير لها بعد. ولذلك تبقى محوراً لرحلات الرعب والتحقيقات الشعبية.

جولات رعب وإقامة مدفوعتين

تقدم تشيلينغهام جولات أشباح للكبار وجولات عائلية ومطاردات ليلية مطولة (Ghost Hunts) بـ رسوم معلنة؛ تمر عبر أكثر المناطق «المسكونة» داخل الأسوار والحدائق، مع إرشادات للملابس ومصابيح. كما تتيح أجنحة للإقامة الفندقية داخل القلعة—بعضها في غرف ارتبطت بأشباحٍ بعينها ، فتتحول الزيارة من تاريخ معماري إلى مسرح تجريبي للخيال الماورائي. 

وفي الختام ، سواء رأيت الهالة الزرقاء أم سمعت خشخشة حريرٍ تخمد الدفء في عظامك، فإن تشيلينغهام تمنح زائرها ما لا تمنحه القلاع الأخرى: إحساس مسرحي بسطوة الذاكرة. هنا، التاريخ ليس نصاً على لوحة بل هو جو محسوس؛ تُحسن القلعة صناعته عبر جولات محكمة وسرديات محلية وأسرارٍ مفتوحة على التأويل… وهذا ما يجعل «النشاط» لا ينقطع.

نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ