في عالم الأحياء، يبدو أن الموت هو نهاية حتمية لكل الكائنات… لكن هل هذا صحيح دائماً ؟
في أعماق البحار، وفي زوايا مظلمة من الغابات، تعيش كائنات خارقة لقوانين الطبيعة كما نعرفها.
مخلوقات لا تموت بفعل الشيخوخة، بل تستمر في الحياة إلى ما لا نهاية… طالما لم تُفترَس أو تتعرض لكارثة بيئية أو مرض قاتل.
مخلوقات لا تموت بفعل الشيخوخة، بل تستمر في الحياة إلى ما لا نهاية… طالما لم تُفترَس أو تتعرض لكارثة بيئية أو مرض قاتل.
هذه الظاهرة تُعرف علمياً باسم "الخلود البيولوجي" Biological Immortality، وهي لا تعني أن الكائن لا يمكن أن يموت إطلاقاً، بل إنه لا يتقدم في السن ولا يموت بسبب التدهور الخلوي الطبيعي (الشيخوخة)، بل فقط إذا تعرّض لعوامل خارجية.
إليك أشهر الكائنات التي كسرت مفهوم الموت الطبيعي:
قنديل البحر الخالد
كان يُعرف سابقاً باسم Turritopsis nutricula، وهو أكثر الكائنات شهرة في هذا المجال ، عندما يصل إلى مرحلة الشيخوخة، لا يموت كما تفعل بقية الكائنات، بل يعود إلى حالته الطفولية المبكرة (مرحلة البوليب) عبر عملية مذهلة تُسمى التحوّل الخلوي العكسي Transdifferentiation، ثم ينمو مجددًا... وهكذا إلى ما لا نهاية ، لكن "خلوده" ليس درعاً مطلقاً؛ إذ يُقتل في الغالب بسبب الافتراس أو الظروف البيئية.
البطلينوس العملاق
هذا المحار Ming clam – Arctica islandica عاش لفترة طويلة جداً، حيث وُجد أحدها في آيسلندا وعمره 507 سنة عندما تم اكتشافه ، لا تظهر عليه علامات الشيخوخة المعتادة مثل التراجع في الوظائف الخلوية أو التلف الجيني، وهو يُصنَّف ضمن الكائنات التي قد لا تموت إلا بفعل خارجي.
جراد البحر
يتمتع جراد البحر بقدرة مذهلة على إنتاج إنزيم التيلوميراز Telomerase بشكل دائم، وهو الإنزيم الذي يحافظ على أطراف الحمض النووي (التيلوميرات) ويمنع تدهور الخلايا مع العمر ، هذا يعني أن جراد البحر لا يظهر عليه التقدم في السن، بل يستمر في النمو طوال حياته، ويظل خصباً حتى نهاية عمره ، لكن الخلود ليس مضموناً له أيضاً، إذ يموت غالباً بسبب العدوى، الأمراض، أو عجز القشرة عن تحمل حجمه المتزايد.
مستعمرات باندو
تُعد مستعمرات "باندو" في ولاية يوتا الأمريكية واحدة من أقدم الكائنات الحية، إذ تُقدّر أعمارها بـ أكثر من 80 ألف عام ، هي في الحقيقة ليست شجرة واحدة بل مستعمرة ضخمة تنمو جذورها بشكل أفقي مثل شجرة البِريس الأبيض، حيث تموت الأجزاء العلوية وتنبثق جذوع جديدة من الجذور نفسها، مما يجعلها "خالدة" بالمعنى البيئي.
هل يمكن أن نصل إلى الخلود البيولوجي ؟
يحاول العلماء دراسة هذه الكائنات لفهم أسرارها على المستوى الجزيئي والوراثي، خصوصاً آلية تجديد الخلايا وإصلاح الحمض النووي، مما يفتح باب الأمل لعلاجات تطيل عمر الإنسان أو تؤخر الشيخوخة… لكننا ما زلنا بعيدين عن الخلود.
الموت البيولوجي ليس قدراً حتمياً في كل الحالات ، بعض الكائنات استطاعت أن ترواغ الموت بطرق مذهلة، لكنها لا تزال عرضة للقتل والافتراس. هذه المخلوقات لا تموت من تلقاء نفسها، بل يموت الخالدون عندما يُقتلون.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .