إعداد : كمال غزال
في أعماق النصوص الروحانية القديمة، ومن خلف أستار العوالم السفلية التي لا يُرى منها إلا ما يأذن به الخوف، يقف « الملك مرة بن همام الأحمر »، المعروف باسم أبو محرز الأحمر، كأحد أخطر ملوك الجن الذين ورد ذكرهم في التراث العربي، وخصوصاً في أدبيات السحر الأسود.
يحيط به هالة من الرعب، تحذيرات قاطعة من نطق اسمه علناً، وتقاليد صامتة تنقله من جيل إلى جيل بين السحرة والمشعوذين كأداة فتاكة في التدمير والفتنة.
يحيط به هالة من الرعب، تحذيرات قاطعة من نطق اسمه علناً، وتقاليد صامتة تنقله من جيل إلى جيل بين السحرة والمشعوذين كأداة فتاكة في التدمير والفتنة.
من هو أبو محرز الأحمر ؟
يُعرف في بعض المخطوطات القديمة باسم "مرة بن همام"، وفي طقوس السحر السفلي بلقب "الملك الأحمر". يُقال إنه الملك الثالث من بين ملوك الجن السبعة بعد ميطا طرون وميمون الأبرص، يمتلك سلطة مطلقة على جنّ النار السفلي.
لا يُعرف بصفات الرحمة أو العدل، بل يُستدعى فقط للخراب: تفريق، شذوذ، وسواس، تدمير نفسي، وإشعال الحروب بين العشاق أو الأزواج.
لا يُعرف بصفات الرحمة أو العدل، بل يُستدعى فقط للخراب: تفريق، شذوذ، وسواس، تدمير نفسي، وإشعال الحروب بين العشاق أو الأزواج.
يرتبط اسمه بالدم والنار والدمار، ويُعتقد أن استدعاءه دون تحصين كافٍ قد يؤدي إلى جنون مفاجئ، أو نوبات وسواس قهري دائمة، أو حتى احتراق جزئي في المكان دون تفسير.
عنصره وكوكبه
- العنصر: ناري سُفلي
- كوكب الحاكم : المريخ (Mars) – كوكب الحرب والعنف والدماء
- اليوم المناسب لاستحضاره: الثلاثاء – أكثر الأيام طاقة وعدواناً
- الساعة : الساعة الأولى بعد شروق الشمس أو بعد غروبها يوم الثلاثاء.
- اللون المرتبط به: الأحمر القاني
- رموزه الطاقية: اللهب، السيف، الدم، المريخ، رقم 3 (ترتيبه بين الملوك)
في كتب السحر والتراث
شمس المعارف الكبرى – أحمد البوني
يُذكر مرّة كواحد من الملوك السبعة الحاكمين لأيام الأسبوع في كتاب شمس المعارف الكبرى. يربطه البوني بالمريخ ويصفه بـ «المُهلك» و«السيد الناري»، ويُحذّر من استخدام طاقته دون استحقاق روحاني.
منبع أصول الحكمة
يُشار إلى مرّة تحت اسم «الحارث بن مرّة»، وتُذكر له تعاويذ خاصة تتعلق بالتفرقة وإثارة العداوة.
الكتاب الأسود (المندل المصري)
تُذكر تعاويذ تعتمد على عهده لاستحضار الجن السفلي لأغراض محرّمة، وتُرسم طلاسمه على المرايا أو أوعية ماء مظلم.
طقوس استحضاره: كيف يتم النداء عليه ؟
قبل الدخول في شرح الطقوس التي غايتها المعرفة الأسطورية فحسب ، يتّخذ الإسلام موقفاً حاسما وواضحاً تجاه استحضار الجن أو التعامل معهم في أي شكل من الأشكال، سواء عبر السحر، أو الطقوس، أو العزائم، أو طلب العون منهم، أو حتى محض الفضول. فقد جاء التحريم نصاً وروحاً في القرآن الكريم والسنة النبوية، بوصف ذلك أحد أبواب الشرك بالله والتعدي على الغيب.
وفي كتب السحر نفسها نجد تحذيراً لكل من مارس الطقوس السفلية "الخطرة" التي تهدف إلى استحضار هذا الملك دون اتباع إجراءات دقيقة تتضمن ما يلي :
صرف العمار
قبل أي استدعاء، لا بد من صرف عمار المكان (جنّ المنزل المسلم)، حتى لا تتداخل طاقتهم الحامية مع طاقته السفليّة، مما قد يؤدي إلى انقلاب الجن على الساحر نفسه.
الرسم الطلسماني
يُرسم خاتمه السحري باستخدام الزنجفر الأحمر، أو بدم ديك أسود، داخل دائرة نارية. هذا الرسم يُكتب بتعاويذ خاصة من مخطوطات موجودة في شمس المعارف الكبرى ومنبع أصول الحكمة والكتاب الأسود (المندل المصري).
البخور والذبيحة
يُستخدم بخور من دم الضبّ، لبان الذكر الأسود، والجاوي الأحمر. أحياناً يُطلب ذبح ديك أحمر أو خنزير بري صغير في طقوس نادرة وغالباً محرّمة. إقرأ عن استخدام النباتات في السحر وعن استخدام الحيوانات في السحر.
العزائم
من أشهر العزائم التي تذكره: " أيها الملك مرّة بن همّام، أيها السيد الأحمر، يا من تسكن عرش النار، أدعوك بعهدك مع سمسائيل، باسم الدم، وبحق المريخ وساعة الحرق، تعال مطيعاً ولا تؤذِني..."
الأعراض المصاحبة للحضور
صوت صرير ناري ، اشتعال بخور دون لهب ظاهر ، ظهور بقعة حرارية في طرف الغرفة ، صدى صوتي في رأس الساحر يشبه الصراخ أو الخفقان الدموي.
في الفولكلور الشعبي: أين يُعبد أو يُخشى ؟
المغرب
يظهر في طقوس كناوة باسم "لالة ميرة" (نسخة مؤنثة منه)، ويُستدعى في حفلات الزار على نغمة طبول خاصة ويرتبط بلون الراية الحمراء ، ويُعتقد أن جبال الأطلس هي موطنه الروحي.
السودان
يُستحضر ضمن طقوس الزار ويُعرف باسم "سيد الأحمر"، ويُخشى ظهوره على النساء المصابات بمسّ.
مصر (خاصة الصعيد)
يُذكر في الكتاب الأسود وفي أعمال "الربط والتفريق".
يُحذر من مناداته دون تحصين لأنه قد يحرق المندل أو يُصيب صاحبه بالجنون.
تونس وليبيا
يُستخدم اسمه لتخويف الأطفال: "لو ما نمتش، يجيك أبو محرز الأحمر" ، ويُعتقد أنه يتقمص القطط أو الديكة الحمراء ليلاً.
أبرز القصص الواقعية عنه
حالة المندل المحترق – مصر، 1996
شاب من محافظة أسيوط حاول نداء "الملك مرّة" من خلال المندل باستخدام مرآة وأسماء تعزيم، لكن المرآة انفجرت في وجهه فجأة، واشتعلت أطراف الغرفة دون سبب. سُجلت الحادثة في بلاغ رسمي، لكن سُجّلت كـ"تماس كهربائي" رغم غياب الكهرباء لحظة الاشتعال.
مسّ "الملكة الحمراء" – المغرب، 2012
امرأة في مراكش زُعم أنها تلبست بـ"لالة ميرة" (مرّة الأنثوية) أثناء طقوس حضرة كناوية. تحدثت بلسان غريب، رقصت بعنف حتى أغمي عليها. الشاهدون اعتبروا أن مرّة دخل جسدها بعد خطأ في طريقة النداء.
في الدراما: الملك مرّة في مسلسل "المداح"
التحذير الأخير
الملك أبو محرز الأحمر ليس رمزاً للمعرفة أو المساعدة، بل طاقة تدميرية تتجاوز حدود العقل البشري. استحضاره ليس لعبة، وقد يؤدي إلى انهيار جسدي أو روحي. يُقال في أوساط السحرة: "من ناداه دون إذن، احترق روحه قبل جسده."
سواء رأيته في كتاب سحري مهجور، أو في طقس شعبي في جبال الأطلس، أو خلف شاشة دراما خيالية، يبقى الملك الأحمر مرّة بن همّام مرآة للرغبة البشرية في التحكم والدمار. إنه ليس مجرد كيان خرافي، بل تمثيل صريح لواحد من أقدم وأخطر رموز السحر العربي. فحين يُستحضر، لا يعود شيء كما كان.
إقرأ أيضاً ...
- أبرز شخصيات الجن في طقوس السحر العربي
- عمار المكان : الجيران الذين لا نراهم
- النباتات في طقوس السحر والشعوذة
- الحيوانات في طقوس السحر والشعوذة
- الملك طارش: خازن الكنوز المرصودة وسيد العمار
- شمهروش قاضي الجن : بين السحر والقداسة
- طقوس كناوة : إحتفالية ملوك الجن
- وثيقة الشيطان التي أدانت كاهناً بالحرق
- شمس المعارف الكبرى : أبرز مرجع "إسلامي" في الشعوذة
- الكيانات الخفية : بين التسخير والانسجام
- كتاب "مفتاح سليمان" : أبرز مرجع في الشعوذة الغربية
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .