تُعد قلعة ولفسيج Burg Wolfsegg واحدة من أبرز القلاع المسكونة في ألمانيا، حيث تمتزج بين جدرانها العريقة الأساطير الشعبية، والغموض التاريخي، وأجواء الرعب التي تجذب عشاق الظواهر الخارقة.
تقع القلعة في بلدة صغيرة تحمل الاسم نفسه في ولاية بافاريا، وقد شُيدت منذ أكثر من ثمانية قرون، لتصبح اليوم وجهة سياحية مثيرة للاهتمام لعشاق التاريخ والماورائيات على حد سواء.
تقع القلعة في بلدة صغيرة تحمل الاسم نفسه في ولاية بافاريا، وقد شُيدت منذ أكثر من ثمانية قرون، لتصبح اليوم وجهة سياحية مثيرة للاهتمام لعشاق التاريخ والماورائيات على حد سواء.
لمحة تاريخية
شُيدت القلعة حوالي عام 1278م كحصن دفاعي استراتيجي على تل صخري يرتفع نحو 420 متراً فوق مستوى سطح البحر ، تميز موقعها بالعزلة وصعوبة الوصول، وهو ما ساعد على بقائها صامدة عبر القرون دون أن تُدمر في الحروب الكبرى التي اجتاحت أوروبا. ظلت القلعة مقراً لعائلة نبيلة محلية، وشهدت مراحل متعددة من الترميم، لكنها ما تزال تحتفظ بجزء كبير من طرازها القوطي الأصلي.
اليوم، تُفتح القلعة أمام الزوار في عطلات نهاية الأسبوع والعطل الرسمية خلال أشهر الصيف، حيث تضم متحفًا صغيراً يعرض مقتنيات تاريخية من العصور الوسطى، مع جولات سياحية توضح أسرارها وأسطورتها الغامضة.
أسطورة السيدة البيضاء
أشهر ما يحيط بالقلعة من حكايات هو أسطورة السيدة البيضاء، التي تقول إن القلعة مسكونة بروح امرأة تدعى كلارا فون هيلفينشتاين، زوجة الحاكم النبيل أولريش فون لابر.
تروي الأسطورة أن كلارا تورطت في علاقة غرامية مع شاب محلي يُدعى يوهانس مولر، صاحب مطحنة قريبة، وعندما اكتشف زوجها خيانتها، استشاط غضباً وأمر باغتيالها على يد اثنين من الفلاحين، ثم دُفنت جثتها سرًا في أرجاء القلعة.
منذ ذلك الحين، يُقال إن روح كلارا لم تعرف السلام، فبدأ الناس يشاهدون طيف امرأة ترتدي ثوباً أبيض، تتجول بين الممرات وغرف القلعة في ظلام الليل، ما منحها لقب "السيدة البيضاء".
تؤكد الأسطورة أن هذه الروح تُشاهد غالباً بالقرب من الباحة الداخلية حيث يُعتقد أن رفاتها دُفنت، وأن ظهورها يترافق مع انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة أو سماع همسات غامضة.
دحض الأسطورة
على الرغم من شعبية هذه القصة، إلا أن السجلات التاريخية تُشير إلى أن كلارا فون هيلفينشتاين عاشت أربع سنوات بعد وفاة زوجها، ما يجعل الرواية الشعبية موضع شك ، لكن هذا لم يمنع الأسطورة من الانتشار، خاصة بعد تغطيتها في الصحف الألمانية خلال ستينيات القرن العشرين، بل وأصبحت جزءاً من الترويج السياحي للقلعة.
الظواهر الشبحية وتجارب الزوار
تتناقل الألسن في بلدة ولفسيج وما حولها روايات عديدة عن أحداث غريبة يشهدها زوار القلعة:
أصوات غامضة
زوار وحراس القلعة أفادوا بسماع خطوات غير مرئية في الممرات، أو همسات مكتومة تُسمع ليلاً، خصوصًا في القاعات السفلية.
ظهور الأطياف
بعض السياح تحدثوا عن رؤيتهم لطيف امرأة ترتدي الأبيض يختفي فجأة أمام أعينهم، بينما التقط آخرون صورًا غامضة تحتوي على ظلال غير مفسرة.
برودة مفاجئة
يشعر كثير من الزائرين بتيارات هواء باردة تهب فجأة، رغم أن القلعة مغلقة ولا توجد تيارات طبيعية في ذلك الوقت.
كهوف القلعة
بالقرب من القلعة توجد كهوف طبيعية تُعرف باسم Burg Höhle، وهي موقع آخر ترتبط به الظواهر الغامضة. كثيراً ما يُسمع فيها صدى أصوات غريبة، مما جعلها تُلقب بـ"كهف الأشباح".
من الجدير بالذكر أن عالم الباراسيكولوجيا الأمريكي الشهير هانز هولزر زار القلعة عام 1968 بصحبة وسيط روحاني للتحقيق في مزاعم الأشباح، وأعلن أنه شعر بوجود قوي في غرفة معينة، ما زاد من شهرة القلعة عالمياً.
القلعة في الثقافة الشعبية
رغم أن قلعة ولفسيج لم تلهم أفلاما كبرى أو روايات شهيرة، إلا أن أسطورتها استُخدمت بكثرة في:
العروض السياحية المحلية: حيث تُنظم القلعة فعاليات مسرحية تمثل ظهور "السيدة البيضاء" لجذب الزوار.
ظهرت القلعة في عدة برامج عن القلاع المسكونة في أوروبا، بالإضافة إلى مقاطع وثائقية على يوتيوب مثل Haunted Castle & Forest in Germany.
كما ذكرت القلعة في بعض الكتب التي تتناول أشهر القلاع المسكونة في ألمانيا، لكنها لم تكن محور رواية مستقلة حتى الآن.
السياحة والزيارة
يمكن للزوار استكشاف القلعة خلال فصل الصيف، حيث تقدم جولات موجهة تشرح تاريخها وأساطيرها، مع التحذير من زيارة بعض المناطق ليلاً بسبب وعورة المكان وأجوائه المثيرة للرهبة.
كما يُسمح بدخول كهوف القلعة التي أُعدت خصيصاً للزوار، لتجربة أجواء الغموض المرتبطة بها.
وفي الختام ، تظل قلعة ولفسيج مثالاً حياً على تداخل التاريخ بالأسطورة، سواء كانت "السيدة البيضاء" مجرد خرافة شعبية أم روحاً حائرة حقيقية، فإن القلعة ستبقى مقصداً لعشاق الرعب والظواهر الخارقة، ومسرحاً لقصص تُروى عبر الأجيال.
نبذة عن كمال غزال

0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .