20 أكتوبر 2014

Textual description of firstImageUrl

حمام يلبغا الناصري: حين يلتقي عبق التاريخ مع أسرار الجن

إعداد : كمال غزال
في قلب مدينة حلب القديمة، على السفح الشرقي لقلعتها العريقة، ينتصب حمام يلبغا الناصري شاهداً على زمنٍ اختلطت فيه أمجاد السلاطين مع حكايات الجن الخفية. ليس مجرد بناء أثري يروي قصة عصور مضت، بل بوابة إلى عوالم أخرى، حيث لا تزال الهمسات تتردد بين جدرانه، وتُروى الأساطير عن كيانات لا تراها العين، لكنها تترك أثرها في المكان.

في هذا الحمام، يتداخل التاريخ مع الماوراء، وينبعث عبق القرون، مختلطاً برائحة الحكايات الغامضة التي لا تزال تسكن أرجاءه حتى يومنا هذا.

بناء يروي أمجاد المماليك
شُيّد حمام يلبغا الناصري قرب باب قلعة حلب العظيمة، ويعود تاريخه إلى عهد الملك المملوكي يلبغا الناصري، نائب السلطان على بلاد الشام بين أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر الميلادي.
وقد وصفه المؤرخ ابن الخطيب في كتابه "الدر المنتخب" قائلاً عن حمامي يلبغا واشتقمر:

"ليس بالمملكة ما يضاهيهما."

كان الحمام يتصل بقلعة حلب عبر سراديب تحت الأرض، إلا أن أحدها دُمر لاحقاً خلال أعمال الترميم، مما أضاع جزءاً من معالمه الأصلية.

ويُرجح أن بناء الحمام يعود إلى منتصف القرن الثامن الهجري (حوالي عام 1365 م)، قبل أن يخرّبه تيمورلنك عند اجتياح حلب عام 1400م. غير أن الأمير سيف الدين يلبغا الناصري أعاد بناءه وترميمه، ليحمل الحمام اسمه إلى اليوم.

حلب... مدينة الألف حمام
في ذروة ازدهارها، كانت مدينة حلب تضم أكثر من 400 حمام داخل أسوارها وخارجها، يشكلون جزءاً أساسياً من حياة السكان اليومية. أما اليوم، فلم يتبقَ إلا نحو 40 حماماً لا تزال قائمة، ويُعد حمام يلبغا الناصري من أجملها وأشهرها.

حمام مسكون... وأساطير الجن المخيفة
لم يكن حمام يلبغا مجرد مكان للاستحمام، بل كان ولا يزال مركزاً لأساطير مروعة عن الجن.

ذكر المؤرخ الحلبي ابن شداد في كتابه "العلاقة الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة" وصفاً تفصيلياً لحمامات المدينة، لكنه لم يغفل الإشارة إلى القصص الغريبة المرتبطة بها.

أشهر هذه القصص تروي عن اختطاف الجن لعروس كانت تستعد ليوم زفافها داخل الحمام.

تقول إحدى القيمات على الحمام أن الحمامات كانت ولا تزال تُعتبر "مساكن للجن"، إذ يعتقد أن الكائنات الخفية تفضل الأماكن المغلقة والرطبة والمعتمة، لا سيما التي تحوي سراديب وأقبية.

وتنتشر حكايات عن زوار دخلوا الحمامات ليكتشفوا أن المستحمين من الجن، وتكون العلامة الفارقة لأقدامهم التي تشبه حوافر البقر ! ولهذا صار من عادة مرتادي الحمامات قديماً التدقيق في الأقدام مع التبسمل والتعوذ قبل الاقتراب.

رغم كل شيء، قد تكون حادثة خطف العروس مجرد قصة ترويجية لجذب الزبائن في ظل المنافسة بين الحمامات، لكن الأثر النفسي لهذه الحكايات لا يزال حياً بين الناس حتى اليوم.

الخراب الذي طال الذاكرة
للأسف، خلال سنوات الأزمة الأخيرة في سوريا، طال الدمار والنهب جزءاً كبيراً من حمام يلبغا الناصري، كما حدث لكثير من معالم حلب الأثرية الأخرى.

اليوم، تبدو أطلال الحمام كأنها تحكي وحدها عن أيام المجد والازدهار.. وأيضاً عن الأرواح التي ربما لا تزال تحوم بين جدرانه المهجورة.

  


4 تعليقات:

ميس يقول...

للاسف طال الدمار الغير انساني كثير من هذه المواقع الجميلة في بلاد العرب و المسلمين ... بغض النظر عن قصة الجن في الحمام الا اني فعلا احزن عند رؤية ما اصبح كومة تراب بعد ان كان تحفة معمارية و تاريخية
الله المستعان

غير معرف

يقول...

عندنا شوانه كبييره تشبه زلع حراميه علي بابا والاربعين حرامي من ايام الحكم التركي لمصر وكانو دايما واحنا صغار جدي يحذرنا منها لانها مسكونه بجن وباحد الايام اعتقدنا انو خلاص الجن رحل عنها وصبينا فيها مياه ساقعه الفخار طلع بخار مالو وصف ومن ساعتها ضاقت فوهة الزلعه سبحان الله وكانها قفلت علي اللي بداخلها وحاولنا نكسرها مره ماتنكسر بس يد المطرقه تنكسر وهي ولا خدش يصيبها وللان بركن البيت القديم والبيت يتعفر الا هي كانها لسه مصنوعه اليوم وعمرها فوق ال٢٠٠سنه

غير معرف

يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل دمروا البلاد و العباد وجعلوا الشام فسطاط المسلمين وعقر دارهم خراباً

غير معرف

يقول...

ربما يجب ان يبقى هداالحمام كمعلم تاريخي

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ