9 يوليو 2009

Textual description of firstImageUrl

عيشة قنديشة : أسطورة الرعب المغربية

عائشة قنديشة - تصوير فنيتعتبر عائشة قنديشة من أكثر شخصيات الجن شعبية في التراث الشعبي المغربي حيث تتناولها الأغنية الشعبية وتصفها بـ "عيشة مولات المرجة" أو "سيدة المستنقعات" كما تصفها الاغنية، كما توصف أيضاً بألقاب مختلفة منها «لالة عيشة» أو «عيشة السودانية» او «عيشة الكناوية» بحسب اختلاف المناطق المغربية ويزعم أنه حتى مجرد النطق بلقبها الغريب والمخيف "قنديشة"يجر اللعنة على ناطقها.

إغواء بهدف الجنس والقتل
تتكلم الأسطورة عن امرأة حسناء تدعى عائشة قنديشة تفتن الرجال بجمالها وتستدرجهم إلى وكرها حيث تمارس الجنس معهم ومن ثم تقتلهم فتتغذى على لحوم ودماء أجسادهم إلا أنها تخاف من شيء واحد وهو اشتعال النار أمامها ، وفي إحدى القصص التي تدور حولها يزعم أن عيشة قنديشة اعترضت مرة سبيل رجال كانوا يسكنون القرى فأوشكت على الإيقاع بهم من خلال فتنتها إلا أنهم استطاعوا النجاة منها خلال قيامهم بحرق عمائمهم أمامها وذلك بعد أن لاحظوا شيئاً فيها يميزها عن بقية النساء وهو أقدامها التي تشبه قوائم الجمل ، إذن فالسبيل الوحيد للنجاة منها هو ضبط النفس ومفاجئتها بالنار لأنها تعتبر نقطة ضعفها. ويصور التراث الشعبي المغربي عائشة قنديشة مرة على شكل ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة تقضي مجمل وقتها في حبك الألاعيب لتفريق الازواج ومرة أخرى بشكل يشبه «بغلة الروضة» أو ما يعرف بـ"بغلة المقبرة" فتبدو مثل امرأة فاتنة الجمال تخفي خلف ملابسها نهدين متدليين وقدمين تشبهان حوافز الماعز او الجمال او البغال (بحسب المناطق المغربية). وكل من تقوده الصدفة في اماكن تواجدها يتعرض لإغوائها فينقاد خلفها فاقداً للإدراك إلى حيث مخبؤها من دون ان يستطيع المقاومة وهناك تلتهمه بلا رحمة، بعد ان يضاجعها لتطفئ نار جوعها الدائم للحم ودم البشر.

بحث بول باكسون وتوقفه الغامض
لا ينحصر تداول هذه الاسطورة في أوساط العامة فقد كتب عالم الاجتماع المغربي الراحل بول باسكون عنها في كتابه "أساطير ومعتقدات من المغرب" حيث يحكي كيف ان استاذاً اوروبياً للفلسفة في احدى الجامعات المغربية كان يحضر بحثاً حول «عيشة قنديشة» فوجد نفسه مضطراً إلى حرق كل ما كتبه حولها وايقاف بحثه ثم مغادرة المغرب، بعدما تعرض لحوادث عدة غامضة ومتلاحقة.

رواية "عائشة القديسة" - من وحي الأسطورة
أصدرت حديثاً دار النايا للنشر والدراسات في سوريا رواية تحت عنوان "عائشة القديسة" للروائي مصطفى الغتيري استلهمها من الأسطورة التي شغلت المخيال الشعبي المغربي وسارت بأحاديثها الركبان ليصوغ فكرتها في قالب أدبي، وهي تدور حول أربعة أشخاص اعتادوا اللقاء في مقهى وهم الأستاذ سعد والجمركي والممرض و يحيى الموظف بالبلدية، فيخوضون من خلال أحاديثهم اليومية، في موضوع عايشة قنديشة ، ولإثارة حساسية الخوف والهلع ارتأى الكاتب أن يوقت حديثهم ما بين صلاة المغرب والعشاء. متعلمون ومازالوا يتحدثون عن الوهم القديم الذي كان يتخذ كغيره من المواضيع الخرافية مطية لهزم الخصوم لقضاء مآرب في الخفاء والتخفي.يسافر بنا الراوي بعد جلسة ماقبل المغرب في فضاء مظلم باتجاه الشاطئ الصخري حيث هناك تقبع في مخيال البعض الأرواح الشريرة وعلى رأسها عايشة قنديشة المغربية.وعلى إثر حادثة سير لبطل الرواية الأستاذ سعد (وهو في طريقه لممارسة هواية الصيد ليلا كما العادة) يسرح في عوالم تخييلية لها علاقة بالعائشتين الزوجة والقنديشة حيث يعيش فترة زمنية بين الحلم واليقظة والهذيان وارتفاع درجة حرارة حُماه، ليجد نفسه من جديد بين أحضان الزوجة والأصدقاء، ويعود لحالته الطبيعية، لكن متوكئاً على عكازتين حيث يطغى على لاوعيه شبح عائشة قنديشة من آن لآخر.


فرضيات حول أصل الأسطورة

- الفرضية الأولى
بالنسبة إلى الانثربولوجي الفنلندي وستر مارك الذي درس اسطورتها بعمق يتعلق الامر باستمرار لمعتقدات تعبدية قديمة، ويربط بين هذه الجنية المهابة الجانب "عشتار" الهة الحب القديمة التي كانت مقدسة لدى شعوب البحر الابيض المتوسط وبلاد الرافدين من القرطاجيين والفينيقيين والكنعانيين، حيث الذين كانوا يقيمون على شرفها طقوساً للدعارة المقدسة، وربما ايضا تكون «عيشة قنديشة» هي ملكة السماء عند الساميين القدامى اعتقدوا قبلنا في انها تسكن العيون والانهار والبحار والمناطق الرطبة بشكل عام.


- الفرضية الثانية
عايشة قنديشة هي امرأة مجاهدة عاشت في القرن 15 و أسماها البرتغاليون بعايشة كونديشة (كونتسة: تعني الأميرة)أي الأميرة عايشة. و قد تعاونت مع الجيش المغربي آنداك لمحاربة البرتغاليين الدين قتلوا أهلها لما أظهرته من مهارة و شجاعة في القتال حتى ظن البعض و على رأسهم الرتغاليون أنها ليست بشرا و انما جنية وقد استمر هدا الإعتفاد سائداً في المغرب الى يومنا هذا.

أساطير مشابهة
مما يثير الإستغراب وجود أساطير مشابهة لأسطورة عائشة قنديشة في تراث شعوب أخرى مثل أسطورة أم الدويس في الخليج العربي و أسطورة ذات الفم الممزق في اليابان وأسطورة النداهة في مصر ولعل القاسم المشترك فيما بينها جميعاً هو تلاقي عدد من القواسم المشتركة ، مثل عنصر الإغواء الأنثوي وعنصر الرغبة في القتل والجنس وعنصر المكان الذي يكون عادة نائياً وخالياً وعنصر الزمان عند حلول الظلام. وأيضاً شيوع تلك الأساطير عند سكان القرى وخصوصاً في أزمنة لا يضيئ السماء فيها إلا القمر (قبل إختراع المصباح الكهربائي)، كذلك تناولتها الروايات أو المسلسلات التفزيونية أو الأفلام.

فيلم بيولوف مستوحى عن أسطورة مشابهة
في عام 2007 تم عرض فيلم بعنوان Beowulf يستند إلى أسطورة شاعت عند سكان شمال أوروبا أو شعب الفايكنج تتناول امرأة حسناء من جنس الشياطين تنجح في إغواء البطل بيولوف بجمالها حيث تعده بأن يتمكن من إخضاع ممالك عديدة تحت حكمه والنجاح في غزواته إن مارس معها الجنس وهكذا نجحت في مسعاها وأنجبت منه تنيناً لا يعرف عنه شيئاً على مر السنوات إلى أن أتى يوم ظهر فيه التنين ودمر مملكة أبيه بيولوف فأحرقها.

شاهد مقاطع من الفيلم
تقوم الممثلة أنجلينا جولي بدور الشيطانة والفيلم مصمم بمساعدة الكومبيوتر وبالكامل من خلال بناء الشخصيات بطريقة التكوينات الثلاثية البعد


المصادر
- مجموعة من المنتديات
- كتاب من أجل الحرية - منظمة مستقلة للكتاب العراقيين

إقرأ أيضاً ...
- أم الدويس : الأغواء القاتل
- أسطورة النداهة والإغواء القاتل
- كوشيساكي أونا - أسطورة الرعب اليابانية
- قصص واقعية: الجنية العاشقة
- قرية مغربية تعيش أسطورة بغلة المقابر

23 تعليقات:

ليث

يقول...

هذه ليست سوى مجرد أساطير وخرافات شعبية ... فكل دوله بها هذه الحكايات والأساطير .. وإذا افرتضنا أن نصدق فقد تكون ( السعلاه ) ذلك المخلوق المتشيطن أو أنه نوع من أنواع الغيلان .. فالسعلاه غالبا ما تكون على هيئة امرأه تفتن الرجال ولها ثديان كبيران وتعرف بأنها السعلاه من خلال شرر من تحت قدميها وهي تسير وكانت تظهر إلى عهد قريب في القرى لدينا ولكنها اختفت الآن .

غير معرف

يقول...

فيلم بيولوف يطابق الحكاية عن عائشة قنديشة بشكل كبير. هل هناك بحث عن لالة ميرة مولاة المرجة سيدي شمهاروش، لالة ملكية، ، لالة جميلةاو مولاي ابراهيم او سيدي موسى المجدوب

غير معرف

يقول...

ملوك الجان السبعة

بعد ان عرضنا المكانة الاساسية التي يحتلها الجان في عالم السحر والسحرة، يقودنا مجرى الحديث بالضرورة الى طرق موضوع ملوك الجان، الذين يلعبون حتى وقتنا الراهن ـ دورا اساسيا في المعتقدات والممارسات السحرية بالمغرب، حيث اقيمت لبعضهم اضرحة ومزارات يتبرك منها الناس وتقام فيها طقوس غريبة تمزج السحري مع الديني كما تدخل اسماء اولئك «الملوك» في اعداد جداول سحرية شديدة المفعول وتقام على شرفهم حفلات طقوسية خاصة في مناسبات محددة تتضمنها يومية السحرة المحترفين.
ملوك الخفاء
ملوك الجان في التراث السحري المتداول، الشفوي والمكتوب هم موضوع خلاف آخر تضاربت في شأنه الآراء والاتجاهات فمرة نجدهم خمسة بأسماء آدمية مذكرة واخرى مؤنثة ومرة ستة او اربعة واربعون تنقص اسماؤهم او تزيد بحسب السحرة او المناطق المغربية.
ولكن الرقم سبعة ذي الخصائص السحرية الشهيرة هو الذي يعود بكثرة، ويحصر ملوك الجان في المذهب، مرة الاحمر، برقان، شمهورش، الابيض وميمون وفيما عدا اسمي شمهورش ومرة الغريبين عن النطق المغربي العربي والامازيغي فإن الاسماء الخمسة الاخرى معروفة ومتداولة في المجتمع المغربي بكثرة كأسماء لافراد.
وقد عرف اسم ملك الجان (مرة) تحريفا متواليا طال حتى جنسه الذي تحول حسب الاسطورة من الذكورة الى الانوثة, فحسب البوني في مصنفه منبع اصول الحكمة فإن اسمه كان هو الحارث بن مرة لكننا نجده تحول الى (مراته) ان (لاله) لفظ تشريف يسبق عادة اسماء النسوة ذوات النسب المتحدر في اعلى الشجرة من الدوحة النبوية الشريفة.

SAHIM KAMAL يقول...

وحسب المعتقد فإن (لالة ميرة) تنال في توزيع الادوار بين ملوك الجان السبعة بركة استقراء مكنون النفس البشرية الغامضة وكل ما يرتبط بعالم الغيب ولذلك تقام لتلك الملكة المهابة الذكر حفلات خاصة كي تحضر وتدخل في جسد وتسرع في كشف اسرار النسوة المحيطات بها.

اما شمهورش الذي تطلق عليه العامة اسم شمهاروش او سيدي شمهاروش الطيار فشهرته تتجاوز حدود المغرب الى الشمال الافريقي وربما مصدرها ـ اضافة الى غرابة الاسم ـ كونه الوحيد من الملوك السبعة الذي خصص له مقام مقدس معروف.

ويعتقد الناس في جنوب المغرب (سوس) انه هو الذي يخرج من منابعها كل الانهار والاودية التي تخترق بلادهم وهو الذي يقود مجاري المياه العذبة في تلك المناطق شبه القاحلة، لتروي الأرض والبشر والدواب,,.

العامة

واعتبارا للمكانة المهمة التي يحظى بها لدى العامة فقد اقيم لهذا الجني الملك مزار عند قدم جبل توبقال في الاطلس الكبير، الذي يعتبر اعلى قمة جبلية بالمغرب,,, هل هو مكر المصادفة ام تراه نداء الأعالي، ما جعل (سيدي شمهاروش) ينسحب نحو تلك المغارة المحاطة بنقط تجمع مياه الثلوج والامطار والجبال المتوحشة.وحسب الاسطورة فإنه انسحب الى حيث ضريحه الآن ليمضي هناك القرون الاخيرة من عمره الطويل.

sahim kaml يقول...

وينبني تقدير الطيب الفرنسي على تصريحات الفقهاء السحرة الذين اخبروه (في 1910) ان الطلاسم والجداول التي تتضمن اسم شمهاروش فقدت مفعولها السحري، وانهم حين سألوا عن سبب ذلك بعض الجن، اخبروهم بأن الملك اي شمهاروش قد مات منذ سنوات.

وقد كان سكان الجبل والهضاب القريبة من ضريح سيدي شمهاروش يجتمعون حول المغارة خلال مواسم القيظ (السمايم) كل عام خلال الفترة المراوحة بين اواخر يوليو واواخر غشت ليقيموا له موسما تذبح خلاله ثيران سوداء اللون (رمز الفحولة والقوة) ولكن العادة جرت ان يغادروا مسرعين مكان التئام الموسم كل يوم وقت حلول صلاة العصر الى مكان بعيد عن المغارة, وكل من بقي هناك سوف ينال من غضب خدام الملك انتقاما شديدا، حيث تتهاطل عليه سحب الغبار والحجارة من دون ان يرى مصدرها.

فكل يوم في اوان العصر، يصبح الجبل كله ملكا للجان المقيمين على خدمة ملكهم المتوفى سيدي شمهاروش.

المصنفات

وتذهب مصنفات التراث السحري المكتوب الى ان لكل واحد من ملوك الجن ابناء واتباعا يقطنون في اماكن محددة وهكذا فللملك الابيض (ميمون الابيض) بنت اسمها (شمس القراميد) ويقطن ابناء الملك الاحمر المياه السطحية.

sahim kamal يقول...

اما (بنو قماقم) فيسكنون الجبال العالية وعيون الماء الباطنية وهكذا، وفي زعم السحرة ان لكل واحد من ملوك الجان السبعة لونا خاصا يتوسل اليه به فبالنسبة لميمون (الكناوي) لونه الاسود والاصفر لميرة الخ، ولذلك ترفع الرايات وتلتحف الاجسام بأثواب من لون واحد هو لون الملك المراد دعوته او التشفع بسلطته على ممالك الجن اثناء حفلات خاصة.

كما يقتسم ملوك الجن ايام الاسبوع، لكل واحد منهم سلطة على يوم محدد ففي زعم كتب السحر دائما ان يوم الاثنين يقع تحت سلطة (ميرة) والثلاثاء تحت سلطة الاحمر بينما الاربعاء يحكم برقان والخميس تحت سلطة شمهروش واما الجمعة والسبت والاحد فعلى التوالي تحت سلطة الابيض وميمون الكناوي والمذهب ويوضح جدول دعوة الشمس المستعمل على نطاق واسع في صنع جداول اخرى انطلاقا من مكوناته السحرية الاساسية تقسيمات اخرى تمنح لكل واحد من ملوك الجن السبعة سلطة على كوكب او حرف من الحروف الابجدية الخ (انظر الاطار).

ومن تجليات الاعتقاد واسع الانتشار في قداسة ملوك الجن ان الكثير من الاغاني الشعبية تردد بعض اسمائها مسبوقة بعبارات التقديس للأميرة او سيدي ميمون الكناوي في اغاني بعض المجموعات مثلا.

كما تنظم حفلات مغلقة على شرفهم، توسلا لمساعدتهم في قضاء اغراض اجتماعية او طلبا للشفاء من مرض استعصى على العلاج.

«الحضرة» وليمة طقوسية

sahim kamal يقول...

في كل مدن مغرب اليوم يوجد اتباع طائفة (كناوة) التي يسميها رجال الدين المتشددون طائفة الشيطان والسبب في اطلاق هذه التسمية المخيفة هو ما يلاحظ على كناوة من ممارسة طقوس (الدردبة) او (الحضرة) التي هي حفلة على شرف ملوك الجان، وخصوصا منهم (سيدي ميمون الكناوي) الذي هو المشرف الروحي على الطائفة.

و«الحضرة» هي احتفال طقوسي يشبه حفلات الزار في مصر، يجري تنظيمها في مواعيد سنوية محددة كعيد المولد النبوي وليلة القدر او خلال شهر شعبان كما يمكن ان تنظم خارج تلك المواعيد بطلب من ميسوري الحال او بأمر من (عريفة) وهي المرأة التي تتوافر لها سلطة التوسط لدى الجن.

وتقام الحضرة داخل فضاء مغلق وحميمي، من اجل تخليص المرضى الممسوكين بالجن، الذي تسبب لهم بهذا الشكل او ذاك في متاعب صحية او اجتماعية.

«الحضرة» ليست بهذا المعنى حفلا لصرع الجن، لأن «الصريع» يتميز بالتعامل العنيف مع المرضى (ومن خلالهم مع الجن) بينما الحضرة هي طقوس احتفالية اشبه ما تكون بعرس صغير يقام على شرف الجن و«سادتهم» وتكون خلالها (العريفة) العرافة هي نجم الحفل وسيدته.

وتتم برمجة طقوس الحضرة وفق تسلسل منظم يسري على بضعة ايام او يوم واحد حسب الحالات و«الحضرة» تمارس في المغرب خلال بعض المناسبات الدينية كعيد المولد وشعبان (في هذه الحالة تسمى «شعبانة» وتتم وفق النموذج التالي:

في اليوم الاول، تلبس (العريفة) (وهي منظمة الحفل) ثوبا ابيض و«تنقش» يديها بالحناء وتجلس وسط الحفل ومن حولها تدق الطبول وتنشد الامداح النبوية وشيئا فشيئا يرتفع ايقاع الرقص الى ان يفقد الحشد البشري زمام التحكم في النفس وعند نهاية الحفل تنفس الحاضرات عن رغباتهن المكبوتة عبر شحنات «الجذبة».

حين يعود الهدوء يتم ذبح دجاجة فوق رأس العرافة التي تشرب من الدم الحار المنساب عليها ثم تمسح فمها بمنديل ابيض لم يستعمل قط من قبل.

وخلال اليوم الثاني من «الحضرة» يتم ذبح عنزة سوداء اللون (القوة السحرية للون الاسود) وترتدي العرافة ثوبا بلون اصفر (الاصفر هو لون «ميرة» كما رأينا) ويهتز الحاضرون على وقع دق الطبول والاناشيد الصادحة في ترديد موحد: (اللاميرة هاك الجاوي، هاك البخور) ثم توزع في اثر ذلك اكلة خاصة بالمناسبة تسمى (الحلو والمسوس) وهي وجبة دجاج مهيئة بتوابل خاصة ومن دون ملح لأن الجان الذي سيأكل» منها لا يحب الملح يتناول جميع المحتفلين حصتهم من الحلو والمسوس وتدهن الحاضرات به اجسامهن كما ترش اركان البيت الذي تقام به «الحضرة» بهذا الاكل «اطعاما» للجن منه بالمجان بينما يضع كل من تناول حصته ممن بين الحاضرين مقابلا ماليا في اناء خاص يطاف به عليهم.

وفي اليوم الثالث من «الحضرة» تلبس العرافة (وهي عروس الحفل) ثوبا احمر (وهو اللون الخاص بملك الجن الاحمر) ويوزع على الحضور القليل من الحليب والتمر والجوز في مقابل مقادير مالية (دائما) يضعها كل واحدة فوق اناء خاص ثم يردد الجميع بعد ان يشتد هيجان الحشد اناشيد على شرف (مول الاحمر سدي حمر).

sahim kamal يقول...

اما اليوم الرابع والاخير من ايام الحضرة فيخصص لـ «حلان المائدة» (فتح المائدة) وليس يعني فتح المائدة سوى تقديم الاتعاب للعرافة في شكل اموال وهدايا يقدمها لها المشاركون في الحفل شكرا وعرفانا.

والذي سبق له ان عاش اجواء ليلة من ليالي الحضرة كان شاهدا من دون شك على حالات فقدان الشعور الهذياني التي تتملك بعض النسوة في غمرة الرقص المحموم فيسقطن والشعر منسدل يكنس الارض وهن يتمرغن في هذيان يجري تأويله من قبل العرافة بأن الجن يقاوم الخروج, وتأمر اهل «المجذوبة» بعدم الاقتراب منها تجنبا للأذى ومن دون شك فإن للإيقاعات الطبلية المضبوطة دورا اكيدا في اطلاق القيود النفسية التي تكبل النساء فيندفعن نحو حلبة الرقص المجنون الى حين إفراغ آخر شحناتهن العصبية ثم ينهرن.

القرابين

وقد كانت عادات تقديم القرابين لملوك الجن و«سادتها» تتخذ اشكالا احتفالية اكثر سفورا الى حدود ماض قريب فقد اورد سالمون ان مريدي سيدي بلال الحبشي في طنجة (وهم من اتباع الطرق الكناوية قدموا من سوس) كانوا في بداية القرن العشرين يحيون طقوس تقديم هدايا الفول الى «رأس المول» قرب الاحجار المقطوعة منطقة في ساحل طنجة بعد ان يتم تبييضها بالجير لأنها «مسكونة» بجن البحر وكانوا يسوقون علانية الى هناك ثورا وجديا وهم يحملون شموعا موقدة في وضح النهار ويرقصون مع ترديد الصلاة على النبي ويرمون الفول الى البحر ثم يذبحون القرابين التي يذهبون لأكل لحمها عند احد اتباعهم يكون ـ ما امكن ذلك ـ احمق او مجنونا ثم بعد ذلك ينصرفون للرقص طوال الليل اما الجن (جان البحر الذي كانت الطقوس المذكورة تقام لتقديسهم) فأسماؤهم كانت: سيدي حمو سيدي موسى، للاميمونة، جميلة، عيشة ورقية».

وما زالت تمارس طقوس شبيهة بما ذكرنا حتى اليوم في بعض اضرحة المدن الساحلية لكن بشكل اقل سفورا, ففي ضريح سيدي عبدالرحمن بالدار البيضاء مثلا يتم ذبح الديكة، التي تحمل مواصفات خاصة ورميها في البحر قربانا لتهدئة غضب «الجنون البحريين» وشدة وطأتهم على المرض.

وعندما لا تفيد الطقوس الاحتفالية ولا القرابين المقدمة في تهدئة الجان و«اخراجه» من مساكنه الآدمية ينصح المريض باللجوء الى محكمة الجن الكبرى في (بويا عمر) باقليم قلعة السراغنة، وهي محكمة غيبية تمنحها الاسطورة مطلق الصلاحيات والسلطات في فض النزاعات بين الانس والجان، بشكل سلمي.

sahim kamal يقول...

اما اليوم الرابع والاخير من ايام الحضرة فيخصص لـ «حلان المائدة» (فتح المائدة) وليس يعني فتح المائدة سوى تقديم الاتعاب للعرافة في شكل اموال وهدايا يقدمها لها المشاركون في الحفل شكرا وعرفانا.

والذي سبق له ان عاش اجواء ليلة من ليالي الحضرة كان شاهدا من دون شك على حالات فقدان الشعور الهذياني التي تتملك بعض النسوة في غمرة الرقص المحموم فيسقطن والشعر منسدل يكنس الارض وهن يتمرغن في هذيان يجري تأويله من قبل العرافة بأن الجن يقاوم الخروج, وتأمر اهل «المجذوبة» بعدم الاقتراب منها تجنبا للأذى ومن دون شك فإن للإيقاعات الطبلية المضبوطة دورا اكيدا في اطلاق القيود النفسية التي تكبل النساء فيندفعن نحو حلبة الرقص المجنون الى حين إفراغ آخر شحناتهن العصبية ثم ينهرن.

القرابين

وقد كانت عادات تقديم القرابين لملوك الجن و«سادتها» تتخذ اشكالا احتفالية اكثر سفورا الى حدود ماض قريب فقد اورد سالمون ان مريدي سيدي بلال الحبشي في طنجة (وهم من اتباع الطرق الكناوية قدموا من سوس) كانوا في بداية القرن العشرين يحيون طقوس تقديم هدايا الفول الى «رأس المول» قرب الاحجار المقطوعة منطقة في ساحل طنجة بعد ان يتم تبييضها بالجير لأنها «مسكونة» بجن البحر وكانوا يسوقون علانية الى هناك ثورا وجديا وهم يحملون شموعا موقدة في وضح النهار ويرقصون مع ترديد الصلاة على النبي ويرمون الفول الى البحر ثم يذبحون القرابين التي يذهبون لأكل لحمها عند احد اتباعهم يكون ـ ما امكن ذلك ـ احمق او مجنونا ثم بعد ذلك ينصرفون للرقص طوال الليل اما الجن (جان البحر الذي كانت الطقوس المذكورة تقام لتقديسهم) فأسماؤهم كانت: سيدي حمو سيدي موسى، للاميمونة، جميلة، عيشة ورقية».

وما زالت تمارس طقوس شبيهة بما ذكرنا حتى اليوم في بعض اضرحة المدن الساحلية لكن بشكل اقل سفورا, ففي ضريح سيدي عبدالرحمن بالدار البيضاء مثلا يتم ذبح الديكة، التي تحمل مواصفات خاصة ورميها في البحر قربانا لتهدئة غضب «الجنون البحريين» وشدة وطأتهم على المرض.

وعندما لا تفيد الطقوس الاحتفالية ولا القرابين المقدمة في تهدئة الجان و«اخراجه» من مساكنه الآدمية ينصح المريض باللجوء الى محكمة الجن الكبرى في (بويا عمر) باقليم قلعة السراغنة، وهي محكمة غيبية تمنحها الاسطورة مطلق الصلاحيات والسلطات في فض النزاعات بين الانس والجان، بشكل سلمي.

sahim kamal يقول...

اما اليوم الرابع والاخير من ايام الحضرة فيخصص لـ «حلان المائدة» (فتح المائدة) وليس يعني فتح المائدة سوى تقديم الاتعاب للعرافة في شكل اموال وهدايا يقدمها لها المشاركون في الحفل شكرا وعرفانا.

والذي سبق له ان عاش اجواء ليلة من ليالي الحضرة كان شاهدا من دون شك على حالات فقدان الشعور الهذياني التي تتملك بعض النسوة في غمرة الرقص المحموم فيسقطن والشعر منسدل يكنس الارض وهن يتمرغن في هذيان يجري تأويله من قبل العرافة بأن الجن يقاوم الخروج, وتأمر اهل «المجذوبة» بعدم الاقتراب منها تجنبا للأذى ومن دون شك فإن للإيقاعات الطبلية المضبوطة دورا اكيدا في اطلاق القيود النفسية التي تكبل النساء فيندفعن نحو حلبة الرقص المجنون الى حين إفراغ آخر شحناتهن العصبية ثم ينهرن.

القرابين

وقد كانت عادات تقديم القرابين لملوك الجن و«سادتها» تتخذ اشكالا احتفالية اكثر سفورا الى حدود ماض قريب فقد اورد سالمون ان مريدي سيدي بلال الحبشي في طنجة (وهم من اتباع الطرق الكناوية قدموا من سوس) كانوا في بداية القرن العشرين يحيون طقوس تقديم هدايا الفول الى «رأس المول» قرب الاحجار المقطوعة منطقة في ساحل طنجة بعد ان يتم تبييضها بالجير لأنها «مسكونة» بجن البحر وكانوا يسوقون علانية الى هناك ثورا وجديا وهم يحملون شموعا موقدة في وضح النهار ويرقصون مع ترديد الصلاة على النبي ويرمون الفول الى البحر ثم يذبحون القرابين التي يذهبون لأكل لحمها عند احد اتباعهم يكون ـ ما امكن ذلك ـ احمق او مجنونا ثم بعد ذلك ينصرفون للرقص طوال الليل اما الجن (جان البحر الذي كانت الطقوس المذكورة تقام لتقديسهم) فأسماؤهم كانت: سيدي حمو سيدي موسى، للاميمونة، جميلة، عيشة ورقية».

وما زالت تمارس طقوس شبيهة بما ذكرنا حتى اليوم في بعض اضرحة المدن الساحلية لكن بشكل اقل سفورا, ففي ضريح سيدي عبدالرحمن بالدار البيضاء مثلا يتم ذبح الديكة، التي تحمل مواصفات خاصة ورميها في البحر قربانا لتهدئة غضب «الجنون البحريين» وشدة وطأتهم على المرض.

وعندما لا تفيد الطقوس الاحتفالية ولا القرابين المقدمة في تهدئة الجان و«اخراجه» من مساكنه الآدمية ينصح المريض باللجوء الى محكمة الجن الكبرى في (بويا عمر) باقليم قلعة السراغنة، وهي محكمة غيبية تمنحها الاسطورة مطلق الصلاحيات والسلطات في فض النزاعات بين الانس والجان، بشكل سلمي.

غير معرف

يقول...

كتاب (المعتقدات السحرية في المغرب)
المؤلف : مصطفى واعراب

sahim kamal يقول...

طائفة «كناوة»,,,
أتباع ملوك الجان

تأتي اهمية الحديث عن طائفة «كناوة». ينطق الحرف الاول كما تنطق الجيم بالتعبير المصري: (Gnawa) في المغرب من اهمية الطقوس الاحتفالية والسحرية التي يقوم بها اتباعها المنتشرون بالالاف عبر مدن وقرى المغرب، خلال مناسبات سنوية خاصة,, طقوس تجتر بقايا المعتقدات الوثنية الافريقية والبربرية والعربية ما قبل اسلامية، في اطار مغلق، ولذلك تعتبر بالنسبة الى رجال الدين «طائفة الشيطان».

sahim kamal يقول...

ورغم ان في المغرب طوائف اخرى (عيساوة، وحمادشة، الخ) إلا ان «كناوة» تبقى الاهم، من حيث عدد اتباعها في مدن وقرى المغرب، ومن حيث ارتباطها في العمق بموضوعنا، المعتقدات السحرية في المغرب.

انها طائفة ستظل، رغم كل ما قيل وكتب عنها، على مستوى كبير من الغموض.

الاصل

في الاصل، يتحدر «كناوة» الحقيقيون في المغرب من سلالة العبيد الذين تم استيرادهم خلال العصر الذهبي للامبراطورية المغربية (نهايات القرن 16 الميلادي) من افريقيا السوداء الغربية، التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي (دولة مالي الحالية، على الخصوص).

وتسمية كناوة هي تحريف لحق الاسم الاصلي الذي كان هو «كينيا» (غينيا)، او عبيد غينيا كما كانوا دائما يسمون، قبل اندماجهم التام في المجتمع المغربي، وما تزال «الطريقة الكناوية» متواجدة في العديد من المدن والقرى المغربية، حتى اليوم، خصوصا في مدن مراكش والصويرة والرباط ومكناس.

«ان الوضعية القاسية لزنوج افريقيا الشمالية - يقول عالم الاجتماع الفرنسي اميل درمنغن - هي التي شجعت على ظهور زوايا خاصة بهم، والحفاظ على طقوسهم السودانية الاصول (السودان الغربي الذي يعني دول الساحل الافريقي الحالية) المتكيفة مع الاسلام، واستمرار الانشطة الطقوسية لتلك الزوايا هو الذي شجع على الحفاظ على الوعي العرقي بين الزنوج والتعاضد المتبادل بينهم».

لقد حمل العبيد الافارقة الى شمال افريقيا (المغرب الجزائر خصوصا) معتقداتهم الوثنية في آلهتهم وفي الارواح البدائية التي لم تلبث ان امتزجت بغيرها من المعتقدات المحلية العربية والبربرية في الجان، ولدفع كل شبهة قد تحوم بمعتقداتهم وتحسبهم خارج ملة الاسلام, انتسب كناوة (روحيا على الاقل) الى واحد من اوائل معتنقي الاسلام وهو بلال الذي كان زنجيا مثلهم.

ورغم ممارستهم لطقوس غريبة عن الاسلام، سنأتي على ذكر اهمها لاحقا، فان اتباع الطائفة الكناوية لا يعتبرون انفسهم خارجين عن تعاليم الدين الحنيف,,, بل انهم على العكس من ذلك تماما، يبدأون طقوسهم ويختمونها بالصلاة على النبي وذكر الله في كل تراتيلهم,,.

وتحظى مدينة الصويرة بمقام المدينة الروحية للطائفة داخل المغرب، فقد كان الميناء البحري للمدينة منذ القرن 17، مركزا تجاريا مهما علي ساحل المحيط الاطلسي، ونقطة تبادل تجاري مع تمبكوتو، عاصمة افريقيا السوداء المسلمة آنذاك، ومنها كان العبيد يفدون مع الذهب الى المغرب.

ويعتبر ضريح «سيدي بلال» الموجود غرب مدينة الصويرة المرجع الاعلى، ومقام «الاب الروحي» لكناوة، وداخل ضريح ذلك الولي،، الذي يحسب في عداد الاولياء مجهولي النسب والسيرة في المغرب، توجد الزاوية التي تحتضن في العشرين من شهر شعبان الموسم السنوي للطائفة الكناوية وسط طقوس غريبة، يتخللها الرقص الهائج المحموم لزمرة الاتباع القادمين من كل مكان داخل وخارج المغرب، فلا ينبغي ان ننسى ان في الجزائر ايضا ديوان «سيدي بلال» الذي يعد قبلة الطائفة هناك,.

sahim kamal

يقول...

وعلى ايقاع الموسيقى القوية والحارة للمجموعات المنتسبة الي الطائفة، تخرج نخبة من الاتباع في جولات بين المدن لجمع الهبات والصدقات للزاوية, بلباسها الفلكوري المميز ذي الالوان الحية، خصوصا الحمراء والزرقاء.

الموسيقي

إن شهرة «كناوة» كموسيقيين تجاوزت الحدود المغربية، لتعانق العالمية منذ شرع في تنظيم مهرجان سنوي لـ «كناوة وموسيقى العالم» بمدينة الصويرة في شهر يونيو, والسر يكمن في أنها ليست مجرد موسيقى عادية، بل هي موسيقى ذات ايقاعات قوية محملة بثقل الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم، ومشحونة بالإرث الحضاري الافريقي والبربري والعربي.

إنها تراث موسيقي يناجي الأرواح الخفية ويغازلها، سليل عذابات الزنوج العبيد في دهور القهر البائدة,,, يتوسل بالايقاعات والألوان والقرابين واحراق البخور، وكل الوسائط الخفية الأخرى، كي تعالج الممسوسين بالجان, وتعرف بأدوات خاصة، هي: الكنبري أو السنتير (عبارة عن آلة وترية من ثلاثة حبال تصنع من معي المعاز)، والكنكة (الطبل)، والغيطة (المزمار) ثم القراقش (صنوج حديدية).

والعزف الكناوي له هندامه الخاص، كما طقوسه المرافقة التي من دون توافرها لا يكون الحفل الطقوسي مكتمل الشروط والمقاصد.

ومن أهم الشروط التي تتم مراعاتها احترام الألوان الخاصة بـ «الملوك»، أي ملوك الجان الذين يؤمن بهم كناوة وخصوصا اللونين الأحمر والأزرق,,, حتى لا يغضبوا ملوك الخفاء، فيتحول الحفل الطقوسي إلى مدعاة لانتقامهم الرهيب, فاغضاب «لالة ميرة» - مثلا - التي تحسب في عداد «ملوكهم» المقدسين، يكون مدعاة للاصابة بالارتعاش والشحوب والجنون، حسب معتقداتهم.

الحفل

ويسمى الحفل الذي يقام على شرف ملوك وملكات الجان، او التعبير بالاصح بعضها، التي تحظى بالتقدس من طائفة كناوة (سيدي شمهاروش، لالة ملكية، لالة ميرة، لالة جميلة، سيدس حمو، سيدي ميمون,,,)، تسمى الدردبة أو ليلة الدردبة، أو بشكل مختصر «الليلة» فقط, لكن ثمة مناسبات أخرى في يومية الطائفة تستغل لاستحضار الأرواح «العليا»، لغرض توسل تدخلها لقضاء بعض المطالب ذات الطابع السحري.

فخلال عيد الأضحى الذي يسميه المغاربة «العيد الكبير»، يعتقد كناوة في أن لدم اضحية العيد خصائص سحرية تجعلها قربانا مقبولا من «الملوك»، وتستغل الشوافة الكناوية (قارئة الحظ) المناسبة لأجل التقرب إلى ملكة الجان لالة ميرة كي تمنحها القدرة السحرية على النظر في عالم الغيب، فالجان بحسب المعتقد يطلعون على محتوى اللوح المحفوظ الذي دونت فيه مصائر البشر.

وتقوم عملية التقرب من ملكة الجان على مجموعة من الطقوس، فيتم تبخير مكان الذبح بالبخور السبعة التي تروق روائحها للملوك، ويعد طبق من عناصر سحرية متنوعة (مواد غذائية، حناء، ماء الورد,,,,) يقبل الملوك على أكلها بنهم,,, وبمجرد ذبح خروف العيد يقدم قليل منه حارا للشوافة كي تشرب منه، ويمرر أحد شيوخ الطريقة الكناوية الدمع على جبهتها وهي جلوس.

ليلة الدردبة

ليلة الدردبة هي أهم طقوس كناوة على الاطلاق، وحسب علماء الانثربولوجيا فان لها شبها بحفلات الزار في مصر وبعض الاحتفالات الطقوسية لدى الفودو في البرازيل وجزر الانتيل باميركا اللاتينية, وتنظيم الدردبة داخل الدور السكنية الخاصة لبعض أعضاء الطائفة في مواعيد سنوية محددة، غالبا ما تكون خلال النصف الثاني من شهر شعبان او في اوقات اخرى من الاشهر القمرية.

واختيار شهر شعبان له علاقة بالاعتقاد في الجان الذي يشكل أساس طقوس ومعتقدات كناوة, فحسب المعتقد، تتحدد مصائر الناس للعام الموالي خلال ليلة منتصف شهر شعبان من كل عام, ويلعب الجان في تحديد مصير البشر دورا مهما، ولذلك ينبغي التوسل إلى ملوكهم (ملوك الجان) لأجل تحقيق أمنيات العلاج وزوال العكس والنجاح في الأعمال، وغيرها من الأغراض قبل ان يسجن الجان جميعهم طيلة النصف الثاني من شعبان، فكائنات الخفاء محكوم عليها - بحسب المعتقد - ان تقضي الفترة التي تسبق شهر الصيام محبوسة في معازلها الاسطورية، ولن تعانق حريتها من جديد الا في ليلة القدر.

قمة الاحتفال

«الليلة» في التعبير الكناوي هي قمة الاحتفال بملوك الجان البيض الذين يسمون في لغة الطائفة الخاصة (جيلالة), وتأخذ طابعا يمزج بين التراتيل الدينية التي تمتدح الله والرسول، الى جانب الطقوس والترتيل الخفية.

sahim kamal يقول...

وتمر «الليلة» بثلاث مراحل:

مرحلة الطواف بالاضحية/ القربان والتي تكون غالبا عبارة عن تيس أسود, وتسمى هذه المرحلة (العدة) وتكون مفتوحة، اذ يسمح خلالها بالحضور لغير المنتسبين الى الطريقة الكناوية, وبها تنطلق الليلة على ايقاع دقات الطبول وأنغام المزاميرر والقراقب.

مرحلة التصعيد الايقاعي تمهيدا للهياج الجماعي للحضور وهي - إضافة إلى المرحلة الأخيرة - «مغلقة»، ولا يسمح خلالها بالحضور لاتباع الطائفة، دون غيرهم.

المرحلة الثالثة، وهي الحاسمة في الليلة، يكون خلالها الهياج الجماعي قد بلغ أوجه, وتكون خلالها الملوك قد نزلت بين المحتفلين بها.

الانطلاق

تنطلق ليلة «الدردبة» بعد منتصف الليل، بتنسيق بين «معلم (تنطق بتسكين الميمين) كناوي «مصحوب بفرقته و«شوافة كناوية» (الشوافة تسمى لدى كناوة الجزائريين: التي تأتي الكلام، بحسب درمنغن) ومساعدتها، وجميعهم من اتباع الزاوية, في مرحلة الطواف بالقربان، تعزف الفرقة بالمزامير وتضرب الطبول.

ويبدو دور المعلم ضابطا لايقاع الحفل حيث يأتمر العازفون بتوجيهاته, ويقومون خلال المرحلة الأولى باستعراض مهارتهم في الرقص الايقاعي والحركات البهلوانية، فيبدون وكأن قوى خفية تحركهم.

وحين يأخذ الإيقاع في التصاعد بالتدريج، يغادر الغرباء الفضوليون الحفل الطقوسي ليتركوه لأهله, فهم يدركون حتى دون ان يطلب منهم الانسحاب، ان المرحلة التالية سوف تشهد دخول كناوة في علاقة حميمة مع «ملوكهم» وقد يكون في حضورهم خطر عليهم.

والموسيقى التي تعزف ليلة الدربة ليست مجرد ايقاعات راقصة قوية، كما قد يبدو لغير العارف بخبايا كناوة، بل ان المقاطع الراقصة تتوزع وفق نسق يجعل الفرقة الكناوية تعزف تباعا الايقاعات الخاصة بملوك الجان السبعة الذين يقدسهم أفراد الطائفة، بحيث يستطيع الممسوسون من الجان ان يجدوا ضالتهم في أحدها, فإذا كانت إحداهن ممسوسة بأذى «الملكة ميرة»، مثلا، فان الفرقة ما ان تعزف لحن تلك الملكة حتى تنهض الممسوسة، كما لو انها مدفوعة من قوة خفية، فتشرع في اطلاق ضحكات هستيرية مخيفة، ثم تبدأ في الجذب المحموم مع الصراخ والتمرغ على الأرض, وتطلب من المحيطنين بها ان يعطوها «قاقة» التي تعني في لغة الأطفال الحلوى، فيسرعون الى مناولتها شيئا حلوا، لان الملكة هي التي طلبته في لحقيقة, وبعد ان تسقط الممسوسة وهي تتلوى تسارع إليها معاونات العرافة لرمي غطاء من الثوب فوق جسمها المطروح أرضا, وينبغي ان يكون الثوب في لون الملكة التي تكون آنذاك بين الحضور.

sahim kamal يقول...

إن «ميرة» في معتقد العامة هي جنية من الملوك تصيب النساء بلوثة الغيرة والحسد، وبشكل خاص منهن الشابات المتزوجات حديثا، واللواتي يغيظها جمالهن, ولذلك، فإن المرأة الجميلة التي لا تشعر بنفسها على ما يرام تعتبر ان اذى ميرة اصابها، وتشجعها على الاعتقاد في ذلك الشوافة الكناوية.

وليلة «الدردبة» هي ليلة «الطلاعة/الشوافة/العرافة» (وجميعها اسماء للساحرة الكناوية بحسب المناطق المغربية)، بامتياز.

وخلال المراحل المتقدمة من «الليلة»، عندما يصل ايقاع الحفل الى أوجه، وتعزف فرقة كناوة موسيقى الملوك، يبدأ الرقص الطقوسي طريق الصعود نحو مرحلة الهياج التي ستتوج، والحفل بـ «نزول الملوك» بين الراقصين، تكون البخور السبعة اطلقت سحائب شفافة من دخان له رائحة نفاذة وزكية, يشرع بعض اتباع «المعلم» في الطواف بين الراقصين برايات تحمل الألوان السبعة لـ «الملوك» من اجل دعوتها الى النزول بين المحتفلين بها.

وأثناء ذلك، يأتي الدور على العرافة التي يفترض انها اقرب الحضور الى القوى الخفية المدعوة الى النزول.

تبدأ الطقس السحري باختلاج حاد يمتلك أطرافها، كما لو كانت مصابة بالصرع, فيفهم الحاضرون ان احدى الملكات بدأت في الحلول في جسد الساحرة، فتزيد مساعدتها من البخور في المجامر، كي لا ينقطع الدخان المحبب الرائحة لدى الملوك، في ملء الفضاء المسكون بروح الأسطورة,,, ثم يقمن بتغطيتها بأثواب من مختلف الألان: ثوب أسود، أصفر، أزرق,,, إلى أن تهدى الساحرة، فيعرفن من خلال اللون الاخير هوية الملكة التي حلت في جسد الساحرة.

وتبدأ العرافة الكناوية في «النطق» بنبؤاتها، فتنصح هذه بأن تلبس اللون الأحمر، لان الملك الاحمر هو الذي يعاكس سعادتها, وتنصح تلك الأخرى بأن تقيم حفل الحضرة على شرف الملكة «عايشة» أو«جميلة», ان هي أرادت ان تتزوج ابنتها العانس، او ان تلد مولودا ذكرا، الخ، ثم تنتهي التنبؤات، التي يعتقد في ان الملكة هي التي كانت توزعها بين الحاضرات على لسان العرافة.

وينتهي الحفل بذبح تيس اسود اللون قربانا في ليلة الملوك, التيس الأسود وليس غيره من قرابين الدم الأخرى هو الذي ترضى بقبوله الملوك عن طائفة كناوة, وقبل ان يُذبح، يقوم المعاونون بتقديم الحليب للحيوان كي يشرب منه، ويرش بماء الورد قبل ان يقطع الذباح الكناوي حنجراته,,, فتشرب العرافة من الدمالحار المنساب من القربان، قبل ان يغمس شيخ الطريقة الكناوية اصابع يده اليمنى ويطلي بالدم جبهتها.

ويحمل التيس المذبوح الى بيت شيخ الطريقة الكناوية كي يطبخ في الصباح مع كسكس «مسوس» (بدون ملح).

وسيقدم لحلقة ضيقة من المحظوظين والمحظوظات الذين سيناولون بركة الدردبة, وطبعا يطبخ العام بالقربان من غير ملح لأن الجان سيأكلون منه، اذ المعروف ان الجان لا تحب الملح، في معتقد المغاربة.

وفي الساعات الأولى من الصباح، تنسحب الملوك الى مخابئها الاسطورية، وينسحب اتباع الطائفة طلبا للراحة بعد ليلة متعبة, وينتظر الأوفر حظا من بينهم ان يقاسموا ملوك الخفاء أكلة الكسكس، وفي ظنهم انهم نالوا ما يكفي من الحماية من أذى عامة الجان، بعد ان نالوا مباركة ملوكها السبعة.

غير معرف

يقول...

احب الرعب

غير معرف

يقول...

بالفعل هذة مجرد اسطورة وانا لا اعتقد ان هناك جن من الاساس

غير معرف

يقول...

الحقيقة رايتها 4 مرات وكل مرتا على شكلا

وديع ساوسن يقول...

خير الكلام ما أقل وذل(بسم الله الرحمن الرحيم وماخلق الجن والإنس إلا ليعبدون صدق الله العضيم)لاشئ يعلوووووووووأمام الله عزى وجل

غير معرف

يقول...

هو الغريبة ان كل حضارات العالم بدون استثناء اتفقت على وجودها بصورة أو بأخرى، اليابان، مصر، الجزيرة العربية، المغرب ....الخ.

فما معنى هذا؟؟

1- ان هذه الأسطورة تخلقت في عقل الإنسان القديم قبل أن يتشتت الى أجناس ولغات شتى.
2- أنها - أي الإسطورة - تكونت في كل بلد على حدة بناءا على مشاهد قد تكون حقيقية وقد تكون هلاوس جمعية.
3- قد تكون تكونت في بلد ما متوسط بالنسبة لباقي الحضارات وبطريق الترحال انتقلت لحضارات وبدان اخرى وتشكلت بأشكال وصور مختلفة فمرةالنداهة ومرة عيشة قنديشة وووو.
عموما إلام يميل العقل العلمي؟؟؟

Abdallah Ezzat يقول...

اعتقد ان افضل شيئ ممكن ان يقال ان الجن مذكور في القرءان وعائشة قنديشة من الجن فلماذ الناس ينكرون وجودها وقد ذكر الله سبحانه وتعالي وجودهم في سورة الجن نحن بالطبع لا نعيش وحدنا في هذا العالم هناك عوالم اخري سفلية لا نعرف عنها شيئ وليس معني اننا لا نعلم عن العوالم الاخري شيئ ان ننكر وجودهم اذا اردت ان تعلم عنهم كل شيئ ف ابحث في مدونات ودوريات وكتب وستشعر بوجودهم من حولك فالحديث عنهم والقراءة عن اسمائهم وقبائلهم وعشائرهم والكتابة عنهم يجلبهم عائشة قنديشة وغيرها هم جن ولا احد يستطيه انكار وجودهم ابدا لان هناك القرءان الذي ذكر وجودهم وقصص كيرة جدا متوثقة تاريخية بالارقام وشهادة الشهود تثبت وتؤكد بشكل قاطع وجودهم

Unknown يقول...

أنا أحترم رأي آخرين واحترم موضوع لأنه يختلف من لسان لآخر هده الأسطورة تندرج ضمن ثرات المغربي في فترات الاستعمار البرتغالي يتحدث عن امرأة مقاومة ومشهورة بقتالها الشرس وعندما شاهدو البرتغال أنها موهوبة اصدرو إشاعات عن أنها جنية

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ