21 مايو 2011

Textual description of firstImageUrl

الصرع

إعداد : كمال غزال
على مدى قرون طويلة كان يُشار إلى حالات طبيعية يمر بها بعض البشر على أنها ظواهر واضحة من ما وراء الطبيعة، ولعل أكثر تلك الحالات المحيرة والغامضة هي حالة الصرع وبالتحديد نوع من نوبات الصرع تسمى صرع الفص الصدغي التي يرمز لها إختصاراً بـ TLE ، وينبغي على كل محقق في الظواهر الغامضة أن يدرك تلك الحالة لكي يفهم ما يمكن أن تفعله من أعراض مثيرة جداً. وقبل أن نتناول تلك الحالة لا بد من فهم حالة الصرع وتاريخها ودور المعتقدات في تفسيرها.

ما هو الصرع ؟
ما نعرفه عن الصرع Epilepsy أو الإضطراب التشنجي أنه اضطراب في الدماغ يدوم عادة لفترة زمنية قصيرة يحدث خلالها تغيرات كهربائية مفاجئة في المخ تسبب بدورها تشنجات يفقد معها الجسم السيطرة على نفسه . ويعتقد أن الإغريق هم أول من وثق هذه الحالة حيث يعود أصل كلمة الصرع Epilepsy إلى كلمة Epilepsia (إبلبسيا) الإغريقية ، والتي تعني "الشد" أو "الإمساك" ، وكان أول تدوين لهذه الحالة في كتاب " المرض المقدس " لـ أبوقراط في القرن الخامس ما قبل الميلاد.

دور المعتقدات من القوى الخفية والأرواح الشريرة
الصرع مرض قديم معروف عبر التاريخ وبسبب أعراضه السريرية المختلفة و " غير العادية " و " العنيفة والمخيفة " في بعض الأحيان أعطى القدماء للصرع تعليلات عديدة "ما روائية" أو " فوق طبيعية " تثير الخوف من هذا الداء و النفور من المصابين به.

فمن جهة ذهب اليونانيون لاعتباره من صنع قوى خارقة إلهية، و أطلقوا عليه اسم المرض المقدس أو الإلهي. فكان مريض الصرع يعالج معالجة خاصة، إذ يؤخذ للمعبد فيغسل و يدهن بالعطور و الزيوت و يؤمر بالصيام، و أداء طقوس خاصة و تقديم القرابين للآلهة الناقمة لكي تصفح عنه (كما كان يتم في معبد اسكوليبوس). وبنفس المنحنى اعتقد اليهود أن عدداً من الأمراض، و من ضمنها الصرع والجنون، ما هي إلا عقاب للمذنبين، و بالتالي كان على المريض أن يكفر عن آثامه و يطلب التوبة سعيًا للشفاء.

من جهة أخرى اعتقد آخرون أن المسبب للصرع هي قوى شريرة تسيطر على المريض و تلغي إرادته، و بالتالي يتمثل العلاج في مساعدته على التخلص من هذه القوى و طردها من داخله فهنود قبائل الأنكا مثلاً كانوا يقومون بإحداث ثقوب في جمجمة المريض بهدف إخراج الشياطين و الأرواح الشريرة منها.

مرض العظماء
كان يعاني من داء الصرع الملوك والنبلاء حتى أطلقوا عليه قديماً " مرض العظماء "، فالقائد الشهير الإسكندر الأكبر واحد من أشهر المصابين بالصرع عبر التاريخ و يوليوس قيصر أحد أكثر الرجال نفوذًا في التاريخ كان أيضاً من المصابين بمرض الصرع، و كذلك القائد القرطاجي الشهير هانيبال.

الملك ألفريد الأكبر الذي مهد للوحدة الإنجليزية، و الذي تصدى لهجمات قبائل " الفايكينج " المتتابعة على شمال أوروبا كان أيضًا مصابًا بالصرع، و رغم ذلك لم ينقذ بريطانيا من الإبادة سوى عبقريته و القائمة تطول.

ومن الأدباء والمفكرين نذكر الفرنسي موليير رائد الفكر الغربي ، والإيطالي دانتي صاحب " الكوميديا الإلهية " ، والأمريكي إدغار ألان بو رائد أدب الرعب، والإنجليزي ولتر سكوت و جوناثان سويفت صاحب رواية "رحلات جاليفر " الشهيرة . ولويس كارول صاحب " أليس في بلاد العجائب " ، والروائي الفيكتوري الكبير تشارلز ديكنز و وثلاثة من أعظم شعراء الإنجليز وهم لورد بايرون وبيرسي شيلي وألفرد لورد تنيسون. والروائي الروسي دستوفسكي . ومن المشاهير أيضاً الفنان الهولندي فنسنت فان غوخ .

ما نعلمه عن الصرع أنه يشمل زيادات مكثفة من النشاط الكهربائي في مناطق مختلفة من الدماغ وهي مناطق مسؤولة عن شعورنا بأجسادنا وعن التحكم بوظائفها إضافة إلى أنها بيت لذكرياتنا وأحاسيسنا . يقول د. ديفيد بير أخصائي الطب النفسي أن النشاط الغير عادي للدماغ الملاحظ في صرع الفص الصدغي TLE يمكن له أن يلعب دوراً في التفكير الإبداعي وصناعة الفنون عبر توحيد الحس والبصيرة والحرص الإنتقادي المؤدى ببراعة.

تطور فهم المرض
ورد ذكر الصرع في النصوص الإغريقية القديمة و في الإنجيل ، لكن لابد أن نذكر أن عدداً من الأطباء القدماء، بدءًا من أبوقراط و وصولاً لأعلام الطب الإسلامي، كابن سينا و الرازي قابلوا هذه التفسيرات غير الطبيعية للصرع بتفسيرات علمية من حيث المبدأ، أي على أنها حالات تنجم عن اضطراب دماغ الإنسان و عقله، و بالتالي توجهوا في علاجهم نحو "تهدئة الدماغ و تطمين العقل" بل و " زرع الثقة في نفس المريض " ، ولكن حتى هؤلاء بقوا يضعون الصرع في نفس مجموعة الأمراض العقلية المعروفة بالجنون، مثلهم في ذلك مثل بقية الأطباء في ذلك الوقت، و لذلك بقي الجنون أحد المعاني المتداولة للصرع.

في الصورة يظهر طبيبان يقومان بعلاج مريض بالصرع (القرن الثاني عشر) حيث كان العلاج المعروف في ذلك الحين هو الكي أو التربنة (فتح الجمجمة)، و هما العلاجان اللذان يتلقاهما المريض في هذه الصورة.

و لم تكن هناك دراسات جادة إلا في أواسط التاسع عشر، إذ كان السير تشارلز لوكوك أول من أوجد المسكنات التي ساعدت على التحكم بالنوبات في عام 1857.

و في عام 1870 قام جون جاكسون بتحديد الطبقة الخارجية للمخ، أي القشرة المخية، و عرّفها بأنها ذلك الجزء المعني بالصرع. و أوضح هانز برجز في عام 1929 بأن هناك إمكانية لتسجيل نبضات المخ البشري الكهربائية، فيما يعرف برسم المخ الكهربي EEG.

وفي وقتنا الحاضر، نجد أن الأبحاث الطبية قد تقدمت فيما يتعلق بتشخيص و علاج مرض الصرع تقدمًا ملحوظًا، حيث تم تسجيل نوبات الصرع و النوبات الأخرى على أشرطة الفيديو، و ذلك باستخدام الدوائر التلفزيونية المغلقة، و تسجيل تخطيط المخ الكهربائي عن طريق الأجهزة، مما أدى إلى تفهم الأنواع المختلفة من النوبات تفهماً عميقاً.

أنواع النوبات والأمراض
هناك أكثر من 40 نوع مختلف من أمراض الصرع لكن منها أطوار مميزة ثابتة في النوبات يبلغ عددها 3 (جزئية بسيطة، جزئية مركبة ، شاملة) قد لا تكون متواجدة جميعاً في نفس المرض ، تصنف هذه الأطوار (نوبات الصرع) كنوبات جزئية أو شاملة من خلال منشأ فعالية النوبة وأعراضها السريرية المتعلقة بها كما يلي :

1- النوبة الجزئية البسيطة
تتحرك فيها عضلات المريض لا إرادياً ، وهي حالة حسية-جسدية واضحة بدون ضعف في الوعي.

2- نوبات جزئية مركبة
يكون وعي المريض ضعيفاً سواء مع حدوث أعراض النوبة الجزئية البسيطة أو عدم حدوثها.

3- النوبة الشاملة
يفقد المريض خلالها وعيه ببشكل كامل مع سلوك متشنج أو غير متشنج ولها أنواع وهي نوبة التوتر والإرتجاف المتناوبة Tonic-Clonic ونوبة الإرتجاف Myoclonic ونوبة الوهن Atonic ، ونوبة الغياب Absense.

- ويمكن للنوبة الجزئية البسيطة أن تتطور إلى نوبة جزئية مركبة كما يمكن أيضاً للنوبة الجزئية المركبة أن تتطور بدورها إلى نوبة شاملة .

- تؤثر النوبات على مختلف الاعمار ، وتعرف معظم حالات الصرع في مرحلة الطفولة . ويكون عدد من أنواع النوبات مرتبط تحديداً بالأطفال.

وفيما يلي نذكر 8 من أهم أمراض الصرع :

1- نوبة توتر-ارتجاف الشاملة ( النوبة الكبرى )
أ- يمكن أن يسبقها حالة شعورية نسميها النسمة أو aura مثل شعور بالغرابة أو الدوخة ثم يليها بداية نوبة مفاجئة مع فقدان للوعي.

ب- تقلص واضح في العضلات في طور التوتر tonic phase يثبت الفك والأيادي ، والاعين مفتوحة وحدقاتها واسعة وتدوم من 30 إلى 60 ثانية.

ج- تناوب من الانقباض والارتخاء في كل العضلات يحدث في طور الإرتجاف clonic phase مع سلس البول و زبد من الشفاه وقد يؤدي إلى عض اللسان أو الخدود ويدوم لعدة دقائق.

د- نوم أو حالة دوار تمتد لعدة ساعات.

2- نوبة الغياب ( النوبة الصغرى)

أ - فقدان التواصل مع المحيط يدوم من 5 إلى 30 ثانية.

ب- يبدو كأنه حلم يقظة أو تتحرك العينين فيه ، مع إيماءات من الرأس وتحريك الأيدي أو ضرب الشفاه.

ج - العودة إلى النشاط الطبيعي وعدم الوعي بما حدث خلال النوبة.

3- نوبة الإرتجاف (التشنج الطفولي) Myoclonic

أ- يشاهد هذا النوع عند الأطفال والرضع ويرجع سببه إلى مرض دماغي يترافق غالباً مع تخلف عقلي.

ب- تختفي عادة في سن 4 ولكن قد يتطور إلى أنواع أخرى من النوبات.

ج - تقلصات مفاجئة وقوية للعضلات عند جذع الرقبة وعند نهايات الأطراف.

د - النمط المسترخي : يباعد الرضيع برأسه وذراعيه للخارج ويحني جسمه للخلف كأنه في وضعية " نسر يفرد جناحيه " .

هـ - يمكن أن يحدث مزيج من النمطين المسترخي والقابض بشكل متناوب أو على شكل دفعات.

و - يمكن لهذا النوع أن يجعل الطفل يوقع أو يرمي شيئاً .

ز - يمكن للرضيع أن يصرخ أو ينخر أو يكشر أو يضحك أو يبدو مرعوباً كأنه تعرض لهجوم.

4- نوبة الحركة الجزئية (المركزة )

أ - تقلص منتظم (له إيقاع) في مجموعة من العضلات ويكون مركزاً عادة في اليد والوجه.

ب- قد ينتشر ليشمل الطرف بكامله أو نهايته والوجه على نفس الجانب ويعرف ذلك بنوبة جاكسونيان.

5- النوبة الحسية الجزئية (المركزة)

أ - خدر أو تنميل في جزء محدد من الجسم .

ب- يمكن أن يشمل أيضاً حاسة البصر أو التذوق أو السمع أو الشم أو تتغير الأشياء التي يراها أو يسمعها أو يشّمها أو يشعر بها.

6- نوبة الفص الصدغي الجزئية TLE

أ- قد تكون حالة إزعاج في البطن أو رائحة سيئة أو تذوق سيئ.

ب- حدوث هلاوس سمعية وبصرية ، أو إحساس بالديجافو أو إحساس بالخوف والقلق.

ج- قد تحدث حركات متكررة لا هدف لها (أو تلقائية) مثل توجيه الأيادي نحو الثياب أو صفع الشفاه أو المضغ أو التكشير.

د- تدوم من ثوان إلى عدد من الدقائق.


7- النوبة الجزئية المركبة
تبدأ كنوبة جزئية ومن ثم تتطور إلى ضعف في الوعي .

8- النوبة الحُميّة
أ- هي عبارة عن نوبة توتر-إرتجاف tonic-clonic شاملة تترافق مع حمى وتصل درجة الحرارة إلى أكثر من 38.7 درجة مئوية.

ب- تحدث لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.

ج- تقتصر المعالجة على التخفيض من درجة الحرارة ومعالجة منشأ الحمى والتحكم بالنوبة.

د- ما زال العلاج الطويل الأمد لوقف النوبات المتكررة المترافقة بالحمى مثيراً للجدل.


صرع الفص الصدغي TLE
عُرف صرع الفص الصدغي TLE في عام 1985 من قبل الإتحاد الدولي ضد الصرع ILAE على أنه حالة تتميز بنوبات متكررة تنشأ بشكل غير مفهوم عن جزئين في الدماغ هما الفص الصدغي وقاع البطين Hippocampus الذي يشبه فرس البحر، كما هو موضح في الصورة.

يكون قاع البطين مسؤولاً عن عمليات التعلم والذاكرة بينما مناطق الفص الصدغي الموجودة أعلى الأذنين والممتدة حتى خلف الرأس تكون مسؤولة عن الذكريات والتذكر والعواطف ولها دور أيضاً في عملية النطق والسماع والإدراك (أي كيف نرى العالم من حولنا).

صعوبة التشخيص
يعتبر الفص الصدغي من أكثر المناطق المسببة للصرع في الدماغ وربما يساء تشخيص حالة المصابين أو حتى لا يتم تشخيصهم به لسنوات ، إذ لا وجود لأعراض فيزيولوجية مثل نوبات التوتر-الإرتجاف الشاملة ، والأعراض قد تشبه إلى حد كبير أعراض مرض الفصام الذهني Schizophrenia.

ما هو مثير للإهتمام بالنسبة للدراسين لأمور ما وراء الطبيعة هو أن يساهم الفهم البسيط لصرع الفص الصدغي في مساعدتهم على إستبعاد العلاقة بين العقل والدماغ التي تكون حاضرة حينما يعايش المصاب ما قد يفترضون أنه " ظاهرة مجهولة خارجية " تحدث على نحو منتظم.

لا زال الصرع حالة غير مفهومة على وجه العموم ، ويفترض دائماً أن الإشارة الوحيدة على هذا الإضطراب هو السقوط على الأرض وتضارب الاطراف وهي أعراض نموذجية نراها في نوبة التوتر-الإرتجاف الشاملة في حين لا يتضمن صرع الفص الصدغي باالضرورة أعراض ظاهرة للمشاهد باستثناء الحالة التي يتحول فيها إلى نوبة شاملة لذلك يصعب تشخيصه.

وحتى يومنا هذا ما زالت ترتكب أخطاء في تشخيص صرع الفص الصدغي فيعتبر ذهان (إختلال عقلي) أو فصام ذهني Schizophrenia أو صداع نصفي (شقيقة) Bi-Polar ولكل من الأمراض المذكورة درجات متنوعة من أعراض مشابهة للصرع .

ولسوء حظ الذين أسيء تشخيصهم سيؤدي إعطائهم لأدوية تعالج الحالات النفسية بدلاً من معالجة تشنجات الصرع إلى التقليل من عتبة حدوث الصرع لديهم مما يزيد في معاناتهم ، حيث تصبح التشنجات أكثر حدوثاً .

البداية والوسط والنهاية
كما ذكر آنفاً يوجد 3 أطوار مميزة للنوبة لا تكون حاضرة في كل الحالات وهو طور التنبيه المعروف باسم Aura النسمة وما يطلق عليه " نوبة جزئية بسيطة" ، ويؤثر فقط على جزء بسيطة من الدماغ ومع أنه كاف للتسبب بأعراض إلا أنه ليس كافياً لتعطيل الوعي وهو يحدث في 80% من نوبات صرع الفص الصدغي TLE

التحفيزات الغير طبيعية قد تتوقف هنا في أشد النوبة إلا إذا تحولت إلى نوبة جزئية مركبة التي تقود بدورها إلى تشنجات تشمل الدماغ بكامله. وهذا يشمل فقدان التركيز والذاكرة لأن عاصفة كهربائية سوف تنتشر في كلا الفصين الصدغيين والمناطق التي تتحكم بالذاكرة والوعي حتى لو دامت فقط لعدة ثواني، عندما يتبع التشنج نوبة جزئية (بسيطة أو مركبة ) فإنه قد يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق aphasia وفقدان الذاكرة والشعور بالإزعاج والصداع والتعب .

يوجد دليل أيضاً على تحول في صفات الشخصية يحدث في الفترات التي تتخلل بين النوبات ، مثل ما حدث للفنان فنسنت فان غوخ و دوستفسكي وتينسون حتى أن هذه الحالة تعرف بمتلازمة دوستفسكي أو غيشويند حيث كان ( نورمان غيشويند ) أول من حدد هذا التحول في الشخصية في صرع الفص الصدغي TLE ولاحظ إنشغالاً مضخماً فأفكار دينية وفلسفية من شأنها أن تقدح التفكير المبدع كالكتابة والرسم فتكون حافزاً لا يقاوم للإبداع يعرف باسم هايبرغرافيا hypergraphia . (إقرأ أيضاً عن السيكوغرافيا).

قد تكون آثار النوبات الجزئية معتمدة على منطقة فعالة من الدماغ دون سواها ـ على سيبل المثال: قد ينتج عن حدوث نوبة جزئية في مناطق الإدراك الحسي تجربة حسية معينة كـ هلوسة شمية أو موسيقية أو ومضات ضوئية ، ولكن إن حدثت في المناطق المسؤولة عن التحكم بالحركة Motor Cortex فإن النوبة الجزئية قد تسبب حركة في مجموعة محددة من العضلات مما ينتج عنه حركات لا إرادية مثل الكز على الأسنان أو نتف الثياب .

قد تداهم نوبة الصرع بضعة ذكريات مفاجئة ورؤى وسماع أصوات ، شعور متزايد بالقلق أو المرح ، وفي بعض الأحيان يكون له طابعاً دينياً . وقد يتخللق ذلك لحظات مزعجة من الحركات اللاإرادية ونذكر على سبيل المثال حالة فنسنت فان غوخ الذي قطع جزء من أذنه بينما كان يعاني من نوبة جزئية مركبة ، وهو أمر لم يكن واعياً له خلال حدوثه.

خطأ النظرة الإجتماعية
كان الاعتقاد السائد لدى الناس في القدم بأن النوبة تنشأ عن الجن و مس الأرواح الشريرة، في الواقع مرض الصرع كغيره من الأمراض لأن له أسباب عضوية ، ولا علاقة له بالقوى الخفية بقدر علاقته بالجسم و ما يحدث فيه من تغيرات، و تحديدًا التغير في كهربية المخ و إنتظام الإشارات العصبية ، ومن الجدير بالذكر أن الصرع لا يحدث نتيجة لتصرّف أَو فعْل سيئ من الإنسان أو نتيجة لتصّرف حدث في الماضي.

ويمكننا القول أن حياة المريض تنقلب رأسًا علي عقب، ليس بسبب المرض لكن بسبب نظرة المجتمع و الناس، التي يكتنفها كثير من الجهل، و تحوطها الخرافة.

و بسبب الفهم الخاطئ لحالة الصرع و الأسباب المؤدية له يعاني الأشخاص المصابون بالصرع من العزلة الاجتماعية فالمجتمع ينظر إلى مرضى القلب و الربو و الأمراض المزمنة الآخرى بالرأفة و العطف و الاستعداد للمساعدة، و لكنه ينظر للمصابين بالصرع بالريبة و الشك والخوف فيتجنبهم و يجعلهم في عزلة عنه.

ونتيجة لتلك النظرة يضطر المصاب بالصرع أو أقاربه الابقاء على حالته سرًا و في طي الكتمان قدر الامكان تجنبا لتلك النظرة الاجتماعية الخاطئة. هذا بالاضافة إلى انتشار الفكرة الخاطئة عن الصرع بأنه شديد الأثر على المصاب و أنه قد يؤدي للوفاة إلا أن واقع الأمر أن الصرع مثله مثل باقي الأمراض الجسدية الأخرى فمنه الخفيف و المتوسط و القليل منه الشديد و مع تطور الطب بدأ العلماء التعرف على جوانب كانت مجهولة في وظائف المخ و كيفية حدوث الصرع و ما زالت هناك جوانب أخرى يجهلها الانسان.

تسمية " الصرع " وتأثيرها على المريض وعائلته
اشتقت كلمة الصرع من مادة "ص ر ع"، و حسب القاموس المحيط فإن الصَّرْعُ، ويكسرُ، هو الطَّرْحُ على الأرْضِ، و لأن أعراض الصرع العام الذي كانت تعرفه العرب تشتمل علي الطرح أرضًا من شدة التشنجات، فقد اشتق اسم الداء منها.

وربما كانت تسمية الصرع بهذا الاسم أحد الأسباب التي جعلت منه كابوسًا على المرضى، فوقع الاسم واشتقاقاته اللغوية كلها تعني الإذلال أو الوقوع أو فقدان السيطرة، و من هنا ينادي بعض الأطباء بتغيير هذا الاسم لاسم آخر، يعبر عن الحالة و في الوقت ذاته لا يجرح مشاعر المرضى أو يستثير مخاوف من حولهم، و لعل أحد هذه المحاولات ما نعرفه جميعًا من إجابة الطبيب بأن المريض " مصاب بزيادة في كهرباء المخ " بدلاً من إن يقول إنه " مصاب بالصرع ".

أسئلة شائعة عن الصرع

1- هل الصرع إختلال عقلي؟

لا ، الصرع والتخلف العقلي حالتين مختلفتين ولكن قد تؤدي أحياناً إصابة قوية في في دماغ إلى حدوث كلا الحالتين.

2- ما هي أسباب الصرع ؟
لا يوجد سبب واضح لحدوث الصرع ، ولكن قد يكون أحياناً ناجماً عن إصابة شديدة في الرأس في الكبر أو حمى شديدة في الصغر ، كذلك فإن تعاطي المخدّرات أو إدمان الخمر يمكن أن يكون له صلة بحدوث نوبات الصرع ، وقد يؤدي الإجهاد إلى حدوث حالات تشنّج عند بعض الناس وليس في كل الحالات ، وغالباً ما يؤدي عدم تناول الأدوية التي تعالج الصرع بانتظام إلى حدوث تشنجات. وقد يسبب أحياناً التعرض المفرط للأضواء البراقة والحرارة تشنجات.

قد يكون للصرع سبباً وراثياً إذ يظهر باحتمال 20% في الأولاد إن كان أحد الوالدين مصاباً به في وقت من حياته ، ويظهر بنسبة 5% عند الأولاد إذا حدث لأحد الوالدين حالة صرع ناجمة عن أذية في الرأس، لكنه في أغلب الأحيان يحدث بدون حدوث حالة مماثلة في العائلة.

3- هل الأشخاص الذين يعانون من الصرع أكثر انفعالية من الآخرين ؟
لا ، لكن الحياة قد تكون صعبة عليهم والأشياء التي حدثت لهم قد تجعلهم أكثر إنفعالاً.

4- هل من الأفضل أن يبقى الأشخاص المصابون بالصرع في المنزل وأن يلتزموا الهدوء ؟
لا ، يجب أن يخرجوا إلى معترك الحياة، الشخص النشط والذي يعمل قد لا تحدث عنده حالة تشنّج.

5- هل للصرع فئة عمرية محددة ؟
لا ، لكن غالباً ما يصيب الأطفال، أو كبار السن فوق الخامسة و الستين، لكن هذا لا يعني أنه مقصور علي هذه الفئات، فأي شخص في أي مرحلة عمرية معرض للإصابة بالصرع.

6- هل تؤثر التشنّجات على الدماغ ؟ وهل يمكن أن تسبب الوفاة ؟
أغلب التشنّجات لا تؤثر على الدماغ إلا إذا استمرت لمدة طويلة، وحالة الوفاة نادرة الحدوث وتكون ناجمة عن الأخطار أو الحوادث التي تقع لحظة حدوث النوبة في وقت غير متوقع فيه حدوثها وفي وضع شديد الخطورة.

7- هل يوجد دواء ناجع للشفاء من الصرع ؟
لا ، ولكن الأدوية توقف التشنجات أو تخمدها إذا تناولها المريض بانتظام وحسب إرشادات الطبيب ، وبعض الناس قد يعالج بغذاء خاص أو جراحة مخ إذا لم ينجح الدواء في السيطرة على الصرع. وهذه الأدوية المهدئة و التي تصنف كأدوية "سيطرة" على الأعراض، تحقق نجاحًا كبيرًا، و ربما تصل بالمريض إلى مستوى يقترب من الشفاء الكامل.

8- كم هي النسبة التي تعاني من الصرع ؟
حوالي 1% من سكان العالم أو حوالي 50 مليون نسمة .

الامور الواجب اتباعها عند حدوث حالة تشنج للمصاب
1- كن هادئاً و حاول تهدئة الآخرين.
2- ضع شيئاً ليّناً و مستويٍ تحت رأسه.
3- يجب إبعاد الأشياء التي قد تصطدم برأسه.
4- إذا كان يلبس ربطة عنق أو طوق حاول أن ترخيها وتفسخها.
5- ضع المريض على جنبه حتى يخرج العاب و لا يسبب له اختناق في التنفس .
6- لا تضع أي شيء في فمه .
7- لا تحاول أن تدفع لسانه بملعقة أو أي أداة أخرى إذا هو ليس معرضاً لخطر ابتلاع لسانه.
8- لا تحاول أن ترمي على وجهه ماءً أو تعطيه ماءً ليشرب.
9- أبق معه حتى يستعيد و عيه و ينتظم تنفسه.
10- أعرض عليه المساعدة لإيصاله لمنزله إذا كان لا يستطيع التوصّل إليه. بعض الأشخاص يصبحون غير مدركين بمن حولهم بعد حالة التشنّج.

11- اتصل بالإسعاف بسرعة إن لم تتحسن حالته أو غاب عن الوعي ، فالتشنجات عادة تدوم لعدة ثوان.

تعقيب هام
لطالما أسيء التعامل مع مرضى الصرع عن جهل وتحت تأثير المعتقد الديني والموروث الشعبي بدعوى أنهم ممسون من الجن أو الأرواح الشريرة فتعرضوا للأذى الجسدي لإخراجها منهم ولممارسات أخرى زادت في معاناتهم فأضافت إليهم أزمات نفسية كانوا في غنى عنها ونذكر هنا ممارسات طرد الأرواح عبر التاريخ ، تلك الممارسات التي ما زالت منتشرة لحد الآن في كثير من شرائح المجتمع الإسلامي بوجه خاص، هي ممارسات تتم بجهل تام لحالة المريض وعلى يد من يدعي العلاج الروحاني (يسمونهم الشيوخ ) ومهما اختلفت الوسائل فالأجدى بأهل المريض التوجه أولاً إلى عيادة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة ومنها تخطيط الدماغ EEG لتشخيص الحالة ، وكلما اكتشفت الحالة بشكل مبكر كلما تزايدت إحتمالات الشفاء التام من خلال الأدوية التي تخفف إلى حد كبير من حدوث تشنجات الصرع إضافة إلى دورها في تنظيم كهرباء المخ. من المؤكد أن الدعاء لله والإيمان يساعد لكنه في نفس الوقت لا يتعارض مع اتخاذ كل الوسائل الممكنة التي برهن علم طب الأعصاب على نجاعتها في المختبرات.

شاهد الفيديو
حدوث تشنجات الصرع لا تقتصر على البشر بل تصيب أيضاً الحيوانات ، يمكنك مشاهدة الكلب المسكين أثناء حدوث التشنجات.


المصادر
- Nursing Crib

20 تعليقات:

كريمة سندي يقول...

إن حالات الصرع عندنا أصبحت مرتبطة بعالم الجن وذلك كما تفضلت بسبب الجهل المنتشر بين عامة الناس

غير معرف

يقول...

شكراً لكم

سعيد المراكشي يقول...

يمكن تلخيص الموضوع في عبارة : كل مس صرع و ليس كل صرع مسا.

و شكرا للخبراء

تيمازيري يقول...

هل تفيد الصدمة الكهربية في علاج الصرع من نوع نادر او عادي؟

kareem_alzohery يقول...

كريم الزهيري
الصرع يختلف تماما عن المس او التلبس من حيث الاعراض ... فان المصاب بالصرع يسقط على الارض فاقدا الوعي ويغلب ان يخرج من فمه رغوة ويهز اطرافه بعنف ويخرج في اغلب الاحيان لسانه ويكان يطبق عليه الاسنان ...وهذا لايجدث مع متلبسي الجن ..
لكن مثلما تفضلت بعض الذي يعملون في مجال المعالجات الروحانية يستلمون مصابي الصرع والمس او التلبس الاثنان معا...كذلك الاطباء يستلمون بدورهم جماعة الصرع والتلبس .....ويبقى الشخص الدقيق بعمله يعف من هي حالة الصرع ومن هي حالة التلبس او المس ....

marwanforex يقول...

الله اكبر
احب اقول للقائمين علي الموقع والقائمين علي الموضوع هذا تحديدا انكم والكمال لله قد اقتربتكم من الكمال في الموضوع هذا
اولا مناقشة الموضوع من الناحية الماورائية والناحية الطبية والناحية النفسية والناحية الاجتماعية وايضا لم تقتصروا علي هذا فقط بل فسرتم الاعراض الطبية والتشخيصية لكل حاله من حالات الصرع
بصراحه الموضوع اكثر من مدهش
استفدت كثيرا جدا
ومعلومات قيمة جدا بسيطة وايضا ما لفت انتباهي هو كيفية التعامل مع مريض الصرع اثناء النوبة
وارجوكم اكثر من هذه المواضيع فهي والله مفيده جدا جدا جدا
تحياتي

هدى عز الدين يقول...

شكـــــــــراً على الشرح القيم

يمكن إجمال الصرع بأنه خلل في عمل الدماغ و أوامرهِ في الفص الصدغي من الدماغ للأسباب عدة ..

لكن قد يُشبّه للناظر إلى الشخص المصاب بالصرع أنه

متَلَبّس من النظرة إلى وضعيتهِ التي تشبه إلى حدٍ معين المتلبس

لكن بالفحوصات يثبت التشخيص

............................................

لدي سؤال : هل تسبب إحدى حالات الصرع الشديدة إنفجاراً في الأوعية الدموية و الأعصاب المتصلة بالدماغ ؟؟

NARNIA يقول...

السلام عليكم :

صدقت أخي المراكشي ...

بالنسبة للصرع يجب أن نفرق هذا الموضوع ونقسمه إلى قسيمن :

1 _ الصرع العضوي ( صرع الأخلاط ) :

وهو كا قال ابن القيم : ( وأما صرع الأخلاط فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الانفعال

والحركة والانتصاب منعا غير تام 0

وسببه : خلط غليظ لزج ، يسد منافذ بطون الدماغ سدة

غير تامة ، فيمتنع نفوذ الحس والحركة فيه وفي الأعضاء

نفوذا ما ، من غير انقطاع بالكلية ، وقد يكون لأسباب

أُخر : كريح غليظ يحتبس في منافذ الروح ، أو بخار رديء

يرتفع إليه من بعض الأعضاء ، أو كيفية لاذعة ،

فينقبض الدماغ لدفع المؤذي ، فيتبعه تشنج في جميع

الأعضاء ، ولا يمكن أن يبقى الإنسان معه منتصبا ، بل

يسقط ، ويظهر في فيه الزبد غالبا 0

وهذه العلة تعد من جملة الأمراض الحادثة ، باعتبار

وقت وجوده المؤلم خاصة ، وقد تعد من جملة الأمراض

المزمنة ، باعتبار طول مكثها وعسر برئها ، لا سيما

إن جاوز في السن خمسا وعشرين سنة ، وهذه العلة في

دماغه ، وخاصة في جوهره ، فإن صرع هؤلاء يكون لازما ،

قال أبقراط : إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا ) (

الطب النبوي – ص 70 ) 0

ويقول الدكتور أحمد حسين علي سالم : ( وأما صرع الأخلاط فهو الذي يتكلم فيه الأطباء القدماء والمعاصرون ))

( المرض والشفاء في القرآن الكريم – ص 364 ) 0


2- الصرع الروحي ( صرع الجن والشياطين ) :

فإن الجني يتسلط على الإنسي فيصرعه ويدخل فيه ويضرب

به على الأرض ويغمى عليه من شدة الصرع ولا يحس 0

ويتلبس الشيطان أو الجني بنفس الإنسان ويبدأ يتكلم

على لسانه ، والذي يسمع الكلام يقول أن الذي يتكلم

الإنسي ولكنه الجني ! ولهذا تجد في بعض كلامه الاختلاف لا

يكون ككلامه وهو مستيقظ لأنه يتغير بسبب نطق الجني 0

هذا النوع من الصرع - نسأل الله أن يعيذنا وإياكم

منه ومن غيره من الآفات - هذا النوع علاجه بالقراءة

من أهل العلم والخير 0

أحيانا يخاطبهم الجني ويتكلم معهم ويبين السبب الذي

جعله يصرع هذا الإنسي 0 وأحيانا لا يتكلم وقد ثبت

هذا !! أعني صرع الجني للإنسي بالقرآن والسنة

والواقع ) ( شرح رياض الصالحين – 1 / 177 ، 178 )

للشيخ ابن عثيمين _رحمه الله _0

هذا ما وددت بيانه فليس كون الإنسان مصروعا يعني أن جنا قد تلبس به فقد يكون صرعا عضويا وقد يكون روحيا ولكل نوع من هذه الأنواع رجاله من الأطباء الروحيين والعضويين ..

NARNIA يقول...

دائما المعتقد الديني مظلوم من ناحية الباحثين والذي حملهم على ظلمه هو جهل المعالجين وعدم التفريق بين ما هو روحي وعضوي ..

وهذا ما أدى إلى إتهام المعتقد الديني ..

كما هو منقول في بحث أستاذنا الأستاذ كمال غزال ...

قلت: وتشخيص حالات المرض نصف العلاج ((هكذا أنا أعتبره )) ..

لأنه عن طريقه تستطيع معرفة الدواء الشافي بإذن الله وقد مررنا بحالات كثيرة عجز الطب عن علاجها منها مرض السرطان وقد قدر الله شفاء أحد المرضى الذي طلب مني علاجها بشئ من العلاج البسيط والذي لا يكلف أكثر من دينار كويتي عندنا ...

كثيرا ما نسأل المرضى بعض الأسئلة قبل البدء بالعلاج حتى نعرف إن كانوا ما يعانون منه هل هو بسبب الأخلاط والأمراض العضوية أو بسبب مس الجن عن طريق السحر أو غيره ...


فإن كان من النوع الأول فإننا ننصحهم بالذهاب إلى الأطباء فهم رجال هذا الشأن ..

وإن كان من الآخر ننصحهم بالعلاج الروحي الذي يجهله كثير من الأطباء وإن كان المتقدمين من اليونان (( مع إن علاجهم كان علاجا مرتبطا بالوثنية عندهم )) كما هو مذكور في بحث الأستاذ كمال من كان ينحو هذا النحو فهم في هذا الباب أعقل من كثير من فلاسفة الإسلام (( المتفلسفة )) كإبن سينا وغيره .. فهو ينكر الصرع الروحي والمس الشيطاني فيما نعلم وهذا مذهب من مذاهب المعتزلة الذي دخل فيهم علم الكلام والفلسفة اليونانية ...

أ. ب ( أم محمود) - خبيرة معتمدة يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أدى الاعتقاد بأن الجن يسبب الصرع للإنسان إلى ظهور الكثير من معالجين منهم صادقين و منهم محتالين قد يصيبوا و قد يخطئوا في العلاج.
فإذا كانت تبدر من المريض حركات وتشنجات وكلام مبهم أو بذيئاً أو نوبات إغماء تشبه نوبات الصرع يكون التشخيص غالباً بأنه تلبس أو مس بالجن. أما إذا كان المريض يشتكي من الكآبة أو القلق أو الغضب أو المخاوف الغير مبررة أو الشعور بالذنب أو عدم الثقة أو فقدان الشهية للأكل أو المتعة في الحياة أو العمل، فالتشخيص غالبا ما يكون المرض نتيجة لعين (حسد) أو سحر (عمل).
و التقدم العلمي أسهم كثيراً في انحسار الاعتقاد الذي كان سائداً أن ألإصابة بمرض عقلي أو عضويً سببه تلبس الجن للإنسان و يوجد الآن تصنيف طبي معترف به عالمياً لوصف وتسمية لغالبية الحالات المرضية التي كان يعتقد أن للجن دور في إحداثها و توفر العلاج للسيطرة عليها.
و استمرار هذا الاعتقاد في دول العالم الثالث ليومنا هذا لعدم مواكبة النهضة العلمية وضعف التثقيف العلمي والطبي.
و هذه الإمراض مقسمة إلى ثلاثة أصناف و هي:
A- أمراض عصبية:
1- مرض الصرع:
مرض شائع بين الأطفال ومن أشهره الذي يتصف بالنوبات الكبرى الفجائية التي يفقد فيها المريض وعيه ثم تنتابه تشنجات عضلية عامة تعقبها انتفاضات عضلية شاملة وقد يخرج الزبد أثناءها من فمه أو يتبول على نفسه أو يقطع لسانه بأسنانه قبل أن يسكن جسده ليفيق بعدها المصاب بدقائق بدون أن يعي ما حدث له أثناء النوبة.
هذه النوبات يمكن رصدها بوضوح عن طريق تخطيط الدماغ ويمكن السيطرة عليها بمضادات الصرع.
وقد تحدث هذه النوبات في وقت لاحق من العمر نتيجة لإصابة في الدماغ ويمكن تشخيصها ومعالجتها طبياً.
2- مرض “De la Tourtte”:
هنا تنتاب المريض نوبة من النعرة الصوتية والحركية بشكل مفاجئ تسبب له كرباً شديداً. (النعرة هي صوت أو انتفاضة حركية فجائية تنبعث بصورة غير إرادية قد تربك أو تخيف الحاضرين) أحيانا تكون الأصوات ألفاظ بذيئة أو سب , لذلك قد يعتقد أن الشخص به مس من الجن.
B- أمراض عقلية:
1- مرض الفصام:
مرض عقلي معروف عالمياً ويمكن تشخيصه بسهولة والسيطرة على إعراضه بمضادات الذهان.
المريض يفتقد إلى البصيرة والاتصال بالواقع وتتكون لديه معتقدات خاطئة أو توهم منها أن جنياً يسيطر على جسده ويتحكم في حركاته وتصرفاته. وقد تنتابه هلاوس سمعية أو بصرية يدرك معها أشياء لا وجود لها. بعض المرضى يظهرون أعراضاً منها وضع أجسادهم في أوضاع غريبة وشاذة لفترات طويلة أو تتخشب أجسامهم. وفي بعض الأحيان يدخلون في حالة غيبة لا يتحركون أثناءها ولا يستجيبون لأي مؤثر خارجي، أي حالة سكون بدني كامل. وفي بعض الأحيان يكونون في حالة إثارة هوجاء قد يدمرون أو يؤذون من حولهم.
التصرفات هذه غالباً ما يعتقد أنها من فعل الجن.
2- مرض الهوس والاكتئاب الذهاني:
ويكون المريض مكتئباً بشدة أو متهيجاً يصعب السيطرة عليه.
C- أمراض نفسية:
1- اضطراب الكيان ألتفككي “Identity disorder”:
كان يعرف سابقاً باضطراب الشخصية المتعددة.هنا يتكون للمريض كيانان أو شخصيتان أو أكثر تبدوان من وقت لآخر عندما يكون المريض تحت ضغوط نفسية شديدة تكون كل شخصية قائمة بذاتها من ناحية الإدراك والتفكير والذاكرة والذات ولا تدرك شيئاً عن الشخصية الأخرى وهنا قد يعتقد أن الشخص متلبس بالجن عند تقمصه الشخصية غير المتعارف عليها.
2-الاضطراب التحولي “Conversion disorder”:
في هذا الحالة يحدث قصور في الوظيفة الحركية أو الحسية توحي بوجود مرض طبي عام أو عصبي, يحدث ذلك عندما يعاني المريض من ضغوط أو صراع قوي.
الأعراض الحسية تشمل فقدان الإحساس أو النظر أو السمع، أما الحركية فتشمل نوبات اختلاجية أو شبه صرعيه قد تفسر على أنها من فعل الجن.
3-الاضطراب ألتفككي “Dissociative disorder”:
يعاني المريض من نوبات انشطارية حيث تتفكك القدرات العقلية من إدراك وذاكرة وتفكير والإحساس بالذات والوعي و قد تكون مصحوبة بحركات أو تشنجات لا إرادية و كلمات مبهمة يكون أثناءها المريض مضطرب الوعي. لذلك تعتبر الحالة مسا من الجن.
4-الاضطراب ألتفككي ألحلولي “Trance possession”:
في بعض الأحيان الاضطراب ألتفككي أعلاه قد يأخذ منحى آخر بأن يعتقد المريض أن جنياً قد حل به أو تقمصه وكل ما يبدر منه هو بفعله.

سعيد المراكشي يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
سعيد المراكشي يقول...

ظاهر من مسحكم لمشاركتي هذه لنتمائكم إلى منهج الضلالة و عماكم عن المنهج الحق .. لم أتبين ذلك منذ البداية لكن موالاتكم للنصارى على حساب المسلمين أثبتت لي ذلك .. ما الفرق بينكم و بين الملاحدة و النصارى ؟

الحمد لله الذي عافانا

اللهم اصرف إخوتي المسلمين عن موقع الضلالة هذا و قيض له من يمحوه من الوجود كما قيضت له قرناء سوء.

سعيد المراكشي يقول...

في ظلال القرآن الكريم
عودة للآيات


ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¨ط¸â€ڑط·آ±ط·آ©

من الاية 11 الى الاية 13

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)

وصفة أخرى من صفاتهم - وبخاصة الكبراء منهم الذين كان لهم في أول العهد بالهجرة مقام في قومهم ورياسة وسلطان كعبد الله بن أبي بن سلول - صفة العناد وتبرير ما يأتون من الفساد , والتبجح حين يأمنون أن يؤخذوا بما يفعلون:

(وإذا قيل لهم:لا تفسدوا في الأرض , قالوا:إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون , ولكن لا يشعرون). .

إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع , بل يضيفون اليهما السفه والادعاء: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض). . لم يكتفوا بأن ينفوا عن أنفسهم الإفساد , بل تجاوزوه إلى التبجح والتبرير: (قالوا:إنما نحن مصلحون). .

والذين يفسدون أشنع الفساد , ويقولون:إنهم مصلحون , كثيرون جدا في كل زمان . يقولونها لأن الموازين مختلة في أيديهم . ومتى اختل ميزان الإخلاص والتجرد في النفس اختلت سائر الموازين والقيم . والذين لا يخلصون سريرتهم لله يتعذر أن يشعروا بفساد أعمالهم , لأن ميزان الخير والشر والصلاح والفساد في نفوسهم يتأرجح مع الأهواء الذاتية , ولا يثوب إلى قاعدة ربانية . .

ومن ثم يجيء التعقيب الحاسم والتقرير الصادق:

(ألا إنهم هم المفسدون , ولكن لا يشعرون). .

ومن صفتهم كذلك التطاول والتعالي على عامة الناس , ليكسبوا لأنفسهم مقاما زائفا في أعين الناس:

(وإذا قيل لهم:آمنوا كما آمن الناس , قالوا:أنؤمن كما آمن السفهاء ? ألا إنهم هم السفهاء , ولكن لا يعلمون). .

وواضح أن الدعوة التي كانت موجهة إليهم في المدينة هي أن يؤمنوا الإيمان الخالص المستقيم المتجرد من الأهواء . إيمان المخلصين الذين دخلوا في السلم كافة , وأسلموا وجوههم لله , وفتحوا صدورهم لرسول الله [ ص ] يوجههم فيستجيبون بكليتهم مخلصين متجردين . . هؤلاء هم الناس الذين كان المنافقون يدعون ليؤمنوا مثلهم هذا الإيمان الخالص الواضح المستقيم . .

وواضح أنهم كانوا يأنفون من هذا الاستسلام للرسول [ ص ] ويرونه خاصا بفقراء الناس غير لائق بالعلية ذوي المقام ! ومن ثم قالوا قولتهم هذه: (أنؤمن كما آمن السفهاء ?). . ومن ثم جاءهم الرد الحاسم , والتقرير الجازم:

(ألا إنهم هم السفهاء , ولكن لا يعلمون). .

ومتى علم السفيه أنه سفيه ? ومتى استشعر المنحرف أنه بعيد عن المسلك القويم ?!

Cool يقول...

السلام عليكم

روعه روعه روعه
جزاكم الله كل خير على هذا الموضوع الشيّق والمعلومات المفيدة.
لأول مرة أعرف أن الصرع ليس من الجنّ :(

غير معرف

يقول...

سؤال هل الصرع يؤثر على العلاقة الجنسية سواء الان او فى المستقبل

غير معرف

يقول...

وهل يمكن ان تاتى الحلة وهو مع الزوجة واللة انا بسال علشان بنتى خطيبها كدة

غير معرف

يقول...

السلام عليكم لدي نفس أعراض صرع الفص الصدغي لاكن اود التشخيص للتأكد لانه من زمن بعيد تأتي لي حالة غريبة تشبه صرع الفص الصدغي وهذا الامر جعل حياتي سوداء ارجو الرد لو سمحتم 

غير معرف

يقول...

اعاني من هذه الحالة منذ عام 1990 لغاية هذا العام 2012 و تحدث معي فقط في الليل و انا نايمة - و لا مرة حصلت بالنهار نهائي ؟

غير معرف

يقول...

عايزة جواب فوري

غير معرف

يقول...

بصراحة اشكركم كثيرا على هذا الموضوع فانا مثلي مثل الكثير من الناس مصابة بهذا المرض وقد بدات اشفى الحمد لله بمتابعة الوصفات العلاجية و لكن سيد كمال غزال اردت ان اعرف اذا كان من الممكن للادوية ان تاثر على المستوى الدراسي فمنذ بدات بتناول دواء depakin crono بدات اشعر بعجز كبير و حاجة الى النوم و الاكل و عدم الدراسة كما انني اواجه مشكلة في فهم مادة الرياضيات

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ